شعبان عبد الرحمن 
 
المشهد يتكرر بنفس الأجندة ومن نفس المطبخ وعبر ذات الأدوات .. فرغم أن الفارق الزمني يمتد لخمسة وستين عاما بين إعدامات عبد الناصر ( 1954و 1965م ) وإعدامات السيسي ( 2015م ) إلا أن الهدف واحد والضحية واحدة والمستفيد واحد .. ومن فإن التركيز علي مسألة  تسيس القضاء ا أمر مهم .. كما  أن القول بأن مصر باتت غابة يتم فيها التهام الخصوم السياسيين  أمر لا جدال فيه .. لكن الأهم أن نوسع دائرة البحث والنظر ونرجع القضية إلي جذور الصراع الدائر في العصر الحديث بين المشروع الصهيو- غربي من جانب والمشروع الإسلامي الناهض بعد سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924م  من جانب آخر .
 
منذ ذلك الحين تقف الصلييبية العالمية ( الغرب ) والصهيونية( الحركة الصهيونية )  لأي بروز إسلامي بالمرصاد وتعمل علي اجتثاثه أولا بأول .
 
مطبخ الحرب موجود في الغرب والكيان الصهيوني والأجندة واحدة وأهم بنودها منع ظهور الإسلام من جديد ليحكم دنبا الناس …والأداة واحدة  وهي القوة الغاشمة ( العسكر )..وإعلام مضلل تم تصنيعه وتجهيزه للمهمة جيدا وقضاء جاهز لقراءة ما تصله من أحكام مكتوبة سلفا وقوة بوليسية مجرمة لا تتواني عن تنفيذ تلك الأحكام بالطريقة التي يريدها السيد وفي الوقت الذي يحدده وفي الغالب تكون مناسبات إسلامية لتحويل تلك المناسبات الي مآتم ..!
 
ومن هنا فأحكام الإعدام التي صدرت بحق الرئيس محمد مرسي وقيادات الثورة المصرية و قادة الإخوان هي حلقة من حلقات القضاء المبكر علي أي بادرة تمكن للإسلام ومشروعه الحضاري .
 
هذه الأحكام هي  استمرار لما حدث مع قادة الحركة وكل الوطنيين الشرفاء منذ بزوغها من اغتيالات ومحاكمات واعدامات وسجون وتشريد متزامنا مع حملات اعلامية ضارية علي الأسلام .
 
جريمة الرئيس محمد مرسي هي نفس جريمة كل الأحرار والشرفاء ، هي نفس جريمة قائد الجماعة الكبري الدكتور محمد بديع وهي نفس جريمة أكثر من أربعين ألف حر تم الزج بهم في غياهب السجون ليموتوا في صمت .. وهي هي  نفس جريمتهم التي حوكموا عليها سبع محاكمات عسكرية في عهد مبارك وهي هي نفس جريمة قادة الإخوان المسلمين ورجالهم تحت مقاصل عبد الناصر في محنتي 1954 و1965م بل وهي نفس جريمة مؤسسهم الشيخ حسن البنا الذي دفع حياته ثمنا ودفع الآلاف حريتهم ثمنا لها في سجون إبراهيم عبد الهادي في عهد الملكية .
 
ما يجري اليوم بحق الرئيس محمد مرسي وقادة الحركة الإسلامية  والوطنية في مصر هو  امتداد لما يجري في نفس الوقت مع قادة الحركة الإسلامية في بنجلاديش حيث يسجن عشرات الآلاف من قادة الجماعة الإسلامية وقتل امينها العام ومات مؤسسها ( 92 عاما ) في السجن اهمالا ويواجه المئات من قادتها أحكاما مماثلة بالإعدام … والجريمة تنامي ثقة الشعب البنجالي بالمشروع الإسلامي الذي تحمله الجماعة فكانت حملة الاعتقالات والاعدامات الدائرة .
 
وما يجري اليوم للرئيس محمد مرسي حدث مع آخرين مثله أرادوا لبلادهم ولشعوبهم التحرر والاستقلال بعيدا عن الهيمنة الأمريكية الصهيونية فقد تم إعدام رئيس الوزراء التركي عدنان  مندريس رئيس وزراء تركيا شنقا عام  1961 بعد انقلاب عسكري مجرم عام 1960 م عقابا له علي إعادة الآذان جهرا باللغة العربيبة فاعتبر ذلك بادرة نحو إعادة تركيا للاسلام من جديد .
 
.. هي هي نفس الجريمة تتكرر جيلا وراء جيل ….جريمة تخليص هذا الشعب من بين أنياب الوحش الاستعماري وعملائه .
 
محمد مرسي ليس رمزا لثورة مصرية خلعت نظاما عميلا ومحمد بديع ليس رمزا لجماعة في مصر اختلفت سياسيا مع عدة احزاب فقام الجيش بالاستيلاء علي السلطة حفاظا علي مصلحة البلاد كما يزعمون ويحاولون حصر المسألة في خلاف سياسي داخلي لا شأن للخارج به وإنما هم رمز لمعركة كبري تدور رحاها اليوم بين المشروع الإسلامي والمشروع الصهيواميركي لكن الدهماء من الشعوب لا تفهم بفعل الإعلام الشيطاني .
 
محمد مرسي لم يعد رئيسا عاديا وإنما بات رفيق درب مانديلا وجمال الافغاني وحسن البنا وسيد قطب وعدنان مندريس وأحمد ياسين والرئيس التشيلي  اليساري  المنتخب سلفادور أليندي ( 1908 م –  1973) زعيم تحرير شيلي والذي انقلب عليه العسكر واعدموه بمساعدة امريكا .. وهو رفيق درب كل محرري شعوبهم من ربقة الاستعمار علي مدار التاريخ .
 
دقق النظر في شلال الدماء المتدفق علي ربوع الكرة الأرضية ستجده ينزف من أجساد المسلمين السنة والسنة فقط في فلسطين والعراق وسورية وليبيا ومصر وبنجلاديش وباكستان وأفغانستان وبورما والصومال .. ألخ لان مشروعهم الإسلامي يوشك علي النضوج ووصل بالفعل للحكم فكان لزاما  تصفية كل المكونات السنية وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين ومعها كل الحركات الاسلامية والوطنية الشريفة.. الكتلة الصلبة التي تستعصي علي الاستعمار منذ منتصف القرن الماضي .