أحمد القاعود

هل يضع العرب خطة أو خطط استراتيجية للمستقبل على أي مستو من المستويات؟! انظر إلى دول الغرب ثم انظر الى الكيان الصهيوني ثم انظر الى ايران، وأخيرا انظر الى حال العرب.

فى الغرب تزف وسائل الاعلام يوميا أخبارا قادمة من الكواكب والأقمار، حيث وصل الانسان إلى هناك، يبحث ويستكشف، يصور ويختبر ويرسل التقارير عبر مئات الألاف من الأميال، وعلى الأرض يعلن يوميا عن انجازات متعددة تبهر بني البشر، وسائل تكنولوجيا حديثة، ثورة اتصالات لاتتوقف جعلت من العالم مجرد شارع يعرف الناس بعضهم بعضا فيه، وفوق كل هذا يخططون لمستقبلنا نحن العرب وشعوب العالم الثالث، ويرسمون لنا ما يجب القيام بفعله وما يجب أن لانفعله.

فى الكيان الصهيوني، تلك المجموعة من المغتصبين والعنصريين الذين قدموا من الشتات، تمكنوا بفضل وضع خطة وأهداف من أن ينشئوا كيانا هو الأقوى فى المنطقة والأحدث أيضا والأكثر حرية بالنسبة لشعبه، وساروا على نهج برتوكولات وضعت منذ عقود طويلة حتى وصلوا الى تلك الأهداف، ويعملون على تدعيمها يوما عن الأخر.

فى ايران بعد الثورة ضد الشاه وقيام نظام ولاية الفقيه، وضع النظام الجديد أهدافا له حقق الكثير منها، رغم عنصرية الفكرة وطائفية المشروع. استطاع الايرانيون طيلة ثلاثة عقود ونصف من انشاء دولة قوية فى محيطها، رغم الحصار الاقتصادي والسياسي، وسنوات الحرب التى قضتها مع نظام صدام حسين رئيس العراق الراحل، طورت نظاما عسكريا متقدما وصناعة تدفعهم للفخر الوطني، وبرنامجا نوويا يجعلهم على أعتاب امتلاك قدرات عسكرية نووية، تمكن لهم وتجعلهم أكثر اصرارا على الوصول للحلم الامبراطوري الفارسي، والأكثر من ذلك هو دعم الجماعات الموالية لها والطوائف التابعة، فى دول عدة أهمها العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، بينما تفتح أبوابا فى دول عربية أخرى وأفريقية انشغل عنها العرب فى مغازلة الغرب.

بين هذه النماذج، ماذا صنع العرب منذ فترة الاستقلال عن الاحتلال الأجنبي فى أواسط القرن الماضي أي منذ قيام دولة اسرائيل؟! أو ماذا قدموا منذ ثلاثة عقود، أو منذ قيام الثورة الاسلامية فى ايران؟!

انطر الى الخريطة الجغرافية العربية والخريطة السياسية والجيوسياسية أيضا، ستعلم إلى أي مدى يندحر العرب يوما عن الأخر، ويتناحرون فيما بينهم حتى باتت المنطقة أشبه بالمستنقع الكبير الغني بالثروات، التى لا يفيد بها شعوبها بينما ينهبها الغرب وغيرهم فى صور متعددة.

خلال الثلاثة عقود الأخيرة خسر العرب جيوش قوية وأساسية على رأسها الجيش العراقي ومؤخرا الجيش السوري، وفقدوا السيطرة على العراق التى أصبحت ساحة للعربدة الايرانية، كغيرها من الساحات الأخرى التى تركوها مرتهنين للمشروع الأمريكي للنظام الايراني أيضا، مثل سوريا ولبنان رغم كون الفاعلين المؤثرين والمسيطرين هناك من الطائفة الشيعية، وتركوا اليمن أيضا، لكن هناك الآن محاولة جادة، رغم عدم وضوح ألياتها لاستعادة اليمن للحضن العربي السني مرة أخرى.

الأخطر من هذا أنهم تركوا المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني واعتبره جزء من العرب، منظمات ارهابية، شجع بعض المنابر الاعلامية مؤخرا لأن تطالب بالقضاء على المقاومة الاسلامية حماس، فى اطار المخطط الصهيوأميركي للقضاء على الصحوة الاسلامية التى أعقبت ثورات الربيع العربي، لم تجد المقاومة دعمها الا من ايران بينما كانت عرضة للنيل منها من قبل أنظمة عربية تعمل مباشرة لصالح الكيان الاسرائيلي، وعلى رأسها نظام الانقلاب العسكري فى مصر.

فقدت الأمة العربية نصف السودان وجعلته يعود لحضنه الأفريقي ويرفض امتداده العربي، وبخلاف الأراضي كشئ مادي، أصبح العرب معنويا، أكثر بعدا من أي وقت مضي عن عمقهم الجغرافي سواء فى أسيا أو أفريقيا.

مالذى أعده العرب للخمسين عاما القادمة؟! هل توقعوا ما يمكن أن تكون عليه خريطتهم فى المستقبل فى ظل تغييرات كبرى تعصف بالمنطقة وتعيد تشكيلها؟! وماذا رسموا لليمن؟! هل فكروا فى ضمه لدول مجلس التعاون الخليجي والاغداق عليه كما أغدقوا على نظام الانقلاب فى مصر لاعطائه قبلة الحياة، ثم اكتشفوا أن أموالهم تبخرت ونهبها عسكر مصر؟!

طرح كهذا كفيل بأن يجعل الخليج أكثر قوة سياسية وبشريا، إذ أن انتشال اليمن من كبوته وضمه مبدئيا لمجلس التعاون كنواة لانشاء اتحاد سياسي خليجي سيكون من دوره تحصين الخليج ضد المؤمرات الغربية والشرقية على حد سواء.

ماذا فعل العرب أيضا بالنسبة للعراق؟! هل طرح أحد فكرة أن تسعى ايران لضم جنوب العراق، اما بقوة الأمر الواقع وهي عملية سهلة نظرا لكون الغالبية السكانية لهذا الجنوب من الشيعة ولن يرفضوا فى الغالب هذا الأمر، أو أن يطرحوا استفتاء مشابه لما جرى فى جزيرة القرم ينضم الجنوب الغني بالنفط بموجبها الى الامبراطورية الفارسية؟!!

كيف يفكر العرب فى مستقبل القضية الفلسطينية وماذا فعلوا لأجل دعم المقاومة فيها؟!

كلها أسئلة يجب طرحها مرارا وتكرارا حتى يتم الاجابة عليها، أو الالتفات اليها على الأقل.