أحمد القاعود

دعك من الفضيحة التى صاحبت رحلة قائد الانقلاب العسكري إلى ألمانيا بحثا عن شرعية مفقودة، والتى بدأت من قبل أن تبدأ، باعلان رئيس البرلمان وهو السلطة التشريعية الأعلى وأحد الرئاسات الثلاثة رفضه مقابلة عبدالفتاح السيسي، مؤسس النازية فى مصر الحديثة، ودعك من انفاق ملايين الجنيهات على وفد من الفنانين متوسطي القيمة وشحن مئات الرؤوس مع الطائرة الرئاسية وبرفقتها، ليتظاهروا تأييدا له فى برلين، بينما يحرم هو التظاهر على المصريين، ويقبع عشرات الألاف فى سجونه لمجرد التظاهر أو السعي اليه.

التفت فقط الى فضيحة مرت مرور الكرام وسط هذا السرك الكبير الذى أحال دولة بحجم مصر، ومنصب بحجم الرئاسة إلى أضحوكة العالم، التفت إلى طبيعة الوفد الصحفي المرافق لسيادته وما هي طبيعة عمله وما هو دوره؟!

فى الطائرة المغدورة والموكب الطائر الذى صاحبها بأموال ملايين الفقراء والبسطاء، كانت هناك شخصيات تمارس الارهاب ليل نهار على المصريين، ارهاب الكلمة، وشن حملة دعاية سوداء على المصريين، للنيل من عزيمتهم وسحق كرامتهم ودفع قطاع واسع منهم للرضا بالمستنقع الناشئ فى 30يونيو باشارة العسكر، الذين تمر الذكرى 48 لنكستهم يوم الجمعة الماضي.

ضم الوفد أصحاب قنوات وصحف مارسوا التضليل الاعلامي ومعظمهم متهمون بقضايا فساد مالي ومتهربون من سداد ضرائب وديون يأخذونها سحتا من جيوب المصريين، كان أبرز من ضمهم السيرك الانقلابي، محمد أبوالعينين صاحب مصانع السيراميك وقنوات صدى البلد أيضا، ومحمد الأمين صاحب قنوات سي بي سي وجريدة الوطن، المتحدثة باسم المخابرات، وأحد المصادر الكبرى لترويج الشائعات وشن حرب نفسية على المصريين.

فى الوفد أيضا كان هناك مذيع هارب من العدالة، لكن العدالة تحت الحكم العسكري مكنته فى أن يخرج فى يوم الحكم عليه بعامين واجبة النفاذ بعد درجة التقاضي الثانية، فى أن يظهر على شاشات التلفزة مباشرة، ليتحدث فى السياسية وأمورها وكأنه أحد صانيعها، ويقول للمصريين لقد تم اعدام العدالة، هذا المذيع هو أحمد موسى المحكوم بعامين سجنا لسبه أحد الساسة المشاركين فى 30يونيو.

دعك من كون الطائرة الرئاسية تضم هاربا من القضاء ومطلوب للسجن، ولم يجرأ أحد أن يضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر أو ترقب الوصول، بينما هناك الألاف من النشطاء والحقوقيين يتم ادراج أسماهم بدون أي قضايا وبدون قرارات قضائية أو توجيه تهم، للتضييق عليهم والعمل على اهانتهم.

فى الوفد أيضا كان اللافت للنظر هو طبيعة هؤلاء الصحفيين المصاحبين لقائد الانقلاب، وماهو دورهم الحقيقي؟! إذ بعد الفضيحة على الهواء مباشرة فى المؤتمر الصحفي المشترك بين السيسي وأنجيلا ميركل، بعد أن كالت صحفية شابة الأوصاف والتهم بالفاشية والعنصرية والارهاب لشخص قتل الألاف فى وضح النهار يوم رابعة، كان هناك نوع أخر من الصحفيين الشبيحة، الذين يتطوعون أو ربما يكونوا مأمورين بهذه الأفعال، حيث قام أحدهم بمحاولة الاعتداء على الصحفية الحرة فجر العادلي، التى فضحت النظام العسكري. الصحفي الشبيح الذي يقال أنه مندوب جريدة المصري اليوم المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس وأخرين، اعتقد أنه فى القاهرة وبامكانه التطوع والاعتداء البدني وممارسة دور المخبر وأمين الشرطة فى برلين، وفى الحقيقة لو كانت هذه الصحفية فى القاهرة لكان مصيرها الأن المقابر التى تعلن عنها وزارة الاسكان فى عهد الانقلاب كسكن للشباب بعد أن فشلت فى بناء وحدة واحدة من مشروع المليون وحدة سكنية.

فضيحة الصحفي الشبيح الذى حاول أن يعتدي على فتاة وليس رجل، مرت فى مصر وكأنها أمر عادي، فلم يثر الاعلام على هذا السلوك الهمجي العدواني ولم يتحدث أحد عن عدوان شبيح على فتاة بينما زعقت الأصوات للدفاع عن بلطجية كانت تعتدي على مقر جاعة الاخوان المسلمين بالمقطم وتم منعها من ذلك. لم تتحدث منظمات المرأة ولا منظمات حقوق الانسان ولم تتدخل نقابة الصحفيية لمعاقبة هذا المنتسب زورا للصحافة ومهنته الأساسية هي التشبيح، تماما كما يفعل شبيحة بشار الأسد.

واقعة الصحفي الشبيح تعيد للأذهان التفكير فى طبيعة هذه الفئة المنتمية لمهنة الصحافة وهي المهنة التى يفترض أت تكون سلطة رابعة تراقب السلطات الأخرى الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، حتى يكون المجتمع حرا وصحيحا، فبعد الانقلاب العسكري وبعد أن قتل الجيش عشرات المصريين أمام دار الحرس الجمهوري عندما اختطف الرئيس محمد مرسي، كان المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث العسكري وقتها يحضره مجموعة من الشبيحة قاموا بالهتاف ضد مراسل قناة الجزيرة وطردوه من القاعة لأن القناة نقلت فقط صور المجزرة والشهداء.

الواقع الصحفي فى مصر أصبح مؤسفا للغاية ولا يقل انحطاطه عن الواقع السياسي والاقتصادي، فكل المجالات فى العهد العسكري هي مثار للتردي وللأسى أيضا، واذا كان الصحفييون المصريون لا يستطيعون مواجهة شبيحة السلطة والهاربين من العدالة بينهم، فعلى فجر العادلى مقاضاة هذا الشبيح فى ألمانيا وهناك بالضرورة ستحصل على اعتبارها.