هشام المنصور

مر ما يقرب من عامين على الانقلاب العسكري الذي تم في مصر، لم يقدم فيه الانقلابيون لشعبهم كشف حساب بعد مائة يوم ولا سنة، ويرى البعض حسني النية أن قائد الانقلاب لا يمكن محاسبته إلا بعد أن استولى على العرش (الرئاسة) رسمياً في حفل حضره داعمي الانقلاب وممثليهم في يونيو/حزيران 2014.

ولأن الانجازات سرية ولا يمكن البوح بها (علشان الأشرار) كما صرح قائد الانقلاب، ومن قبل كان برنامجه الانتخابي سري للغاية، وكذلك رؤيته لحل المشكلات لأنها تمس الأمن القومي من وجهة نظره العميقة، وما بين الأمن القومي والأشرار ضاعت الحقائق وأريد لها أن تتوارى وأن تنطمس معالمها، وسط زخم إعلامي يتحدث عن مؤتمر اقتصادي جلب مليارات الدولارات، وعن مليون فدان مستصلح ومليون شقة للفقراء، ويظل المواطن يسمع حديث الملايين والمليارات وهو يتسول ثمن خبزه، وينتحر لأنه لا يستطيع أن ينفق على أولاده الصغار. دعونا لا نلقي بالا بالأشرار ونحاول مطالعة الانجازات التي تمت،ونعلنها للشعب الصامد في الميادين منذ عامين مطالباً بحريته لعله يطمئن لسلامة موقفه وعدالة قضيته.  

أول الانجازات وأهمها قد يكون محاولة حل مشكلة زيادة عدد السكان التي تؤرق الانقلابيين ويجعلونها شماعة لكل فشل، فكان العلاج واضح في قول أحد مشايخ السلطة (اضرب في المليان) وبالطبع الشعب هو المستهدف، فلم تتوقف آلة القتل والموت منذ ذلك التاريخ وبأساليب مختلفة منها القتل المباشر والقتل البطئ والقتل عبر اليأس بالانتحار والقتل عبر سلطة القضاء، فقد تم قتل العديد من الشباب برصاص الشرطة خلال عام تولية قائد الانقلاب، أما عن القتل البطئ داخل المعتقلات فقد تجاوز 170 شخصاً وفقاً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا من بينهم نائب الشعب د.فريد إسماعيل من خلال الاهمال أو التعذيب أو نقص الهواء في الزنازين المكتظة، أما عن حالة اليأس التى أنشئت حالة جديدة من الاقبال على الانتحار وسط الشباب فقد وصلت إلى 209 حالة خلال ثمانية أشهر من سبتمبر/أيلول 2014 وحتى إبريل/نيسان 2015 وبالطبع العدد مرشح للزيادة، وعن حوادث الاهمال والفشل في إدارة مرافق الدولة فحدث ولا حرج فقد بلغ عدد قتلى حوادث الطرق  4 آلاف قتيل و 15 ألف مصاب خلال ثمانية الأشهر الأولى من عام 2014 وفقاً لتصريحات مساعد وزير داخلية الانقلاب.

أما عن القتل عبر أحكام الإعدام في قضايا عبثية بتهم واهية فقد تم تنفيذ الحكم على 7 أشخاص مناهضين للانقلاب حتى كتابة هذه الأسطر، بالإضافة إلى 479 حكماً في إطار الطعن والاستئناف، و122 بانتظار رأي المفتي منهم الرئيس مرسي والعلامة القرضاوي. وفي سيناء فآلة القتل لا تتوقف فخلال ستة أشهر طوارئ تم قتل 681 خارج إطار القانون وفقاً للمرصد المصري للحقوق والحريات، وهدم 2084 منزل وتهجير أكثر من 21 ألف مواطن من سيناء، دون أن يعرف أحد كيف قتلوا ولماذا قتلوا، ويكفي أن يطلق عليهم المتحدث العسكري لفظ إرهابي أو تكفيري لتمر الجريمة بلا تحقيق. ثاني الانجازات وأخطرها هو ذلك العلاج الخطير الذي اخترعه لواء الجيش ليعالج الإيدز وفيرس سي من خلال تناول صوابع الكفتة اللذيذة، وعلى الرغم من تأجيل البدء بهذا العلاج أكثر من مرة إلا أنه سيظل الانجاز الأخطر الذي سيقلب الدنيا رأساً على عقب، ولكن ربما لن يتم تفعيله نكاية في الأشرار. ومن الانجازات التي لا ينكرها إلا جاحد وإن تأخرت إحدى عشر شهراً وهي قص شريط  مشروع (عربيات الخضار) والتي وردت في البرنامج الرئاسي ليتم البدء في تسليم 200 عربة للخضار حتى يمكن حل مشكلة بطالة الشباب والبالغ عددهم وفقاً لأخر احصائية رسمية 3.5 مليون عاطل بواقع 18 ألف مواطن لكل عربية خضار.

ومنذ أن قرر قائد الانقلاب تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت فقد كان الانجاز الهام هو تحويله إلى تعطيل دائم ووضعه في المتحف المصري كتراث تتوارثه الأجيال، فلا مكان للدستور وأموال الناس يتم مصادرتها بمجرد الشبهة أو بقرار إداري، وأرواح الشباب يتم إزهاقها بتقارير يكتبها ضابط من الأمن الوطني، وأصبحت كلمات الحرية وحقوق المواطن من قبيل البلاغة اللفظية لتنميق الحديث أمام العالم الخارجي.

  ولن يكون من المفيد التطرق لانجاز الصندوق السري تحيا مصر والذي قال عنه قائد الانقلاب أنه سيجمع مائة مليار جنيه (على جنب) بمعنى عدم أخذهم في الحسبان، كما تم غلق ملف الصندوق السابق دون أن يعلم أحد كم من الأموال تم جمعها وأين أنفقت؟ فلعل هذا أيضاً من الأمن القومي، ولتستمر المسيرة في الهبوط حتى تصل وتستقر في القاع.