د/ إبراهيم كامل 


الحمد لله الذي نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده والصلاة والسلام على رسوله صلاى الله عليه وسلم وبعد :
قال تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ الإسراء .
حدث فريد ومعجزة مباركة وخصوصية لم يرق إليها نبي قبل حبيبنا صلى الله عليه وسلم ألا وهي معجزة الإسراء والمعراج ولاشك أن هذه الحادثة المباركة تؤكد مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه وهي أعظم تكريم يحظى به نبي .
واسمحوا لي أن نبتعد عن القصَّاصين والمخادعين الذين يصورون الحادثة على أنها قصة تسرد ويتشدق بها الغوغائيون الكذبة من أمثال على فرايدي وحمدي اللاطيب وشلة ميزو وشركاه وفوقهم الأفاكون من حزب الزور – شيلة على بعضها – وبحضور الانقلابيين الفجرة في محاولة لتفريغ المساجد من دورها الحقيقي ولتجريف عقول الأمة من الجانب العملي والتربوي ببركة مناهج إلهام وبانجو وفيفي هشك بشك ومباركة أصحاب اللحى التي تغزو وجوههم بينما هم لايشعرون ولايصدقون أن كل شعرة ستشهد عليهم بمااقترفوه في حق الشهداء والأبرياء والسجناء بل كل عرق ينبض – وماأظن عندهم حاسة الشعور أوالإحساس – كل أعضائهم الذين وظفوها للقزم الكلب – السيسي اليهودي وشركاه "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " النور ومن كذب على الله في الدنيا سيتهرب من الحقائق يوم أن يقف بين يدي الله تعالى فيكون مصيره " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " يس وقوله تعالى : حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ... إلى قوله تعالى : وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين " فصلت ، بل أنه سيكابر ويخاصم وينفي شهادة الشهود عليه ، وفي الحديث النبوي " .... هؤلاء جيرانك يشهدون عليك ، فيقول : كذبوا ، فيقول : أهلك وعشيرتك ، فيقول : كذبوا ، فيقول : أتحلفون ؟ فيحلفون ، ثم يصمتهم الله ، وتشهد ألسنتهم ثم يدخلهم النار " الهيثمي وانظر السلسلة الضعيفة للألباني .
لكني سآخذ بأيديكم إلى الاحتفاء الحقيقي بهذه المناسبة والدعوة خاصة فقط لأصحاب الشرعية والكرامة والأماكن محدودة جدا
سآخذ بأيديكم إلى هذا المشهد المهيب الذي يحضره أكثر من أربعين ألفا يجلسون على تراب مصر الحبيبة في سجون الانقلابيين الكفرة الفجرة زيهم أبيض كيوم الحج الأكبر وكأني أرى منصة كبرى وآخرتين على جنباتها
فأما المنصة الكبرى يتقدمها العلماء المحاضرون – علماء الأمة وفقهاؤها
والمنصة الفرعية اليمنى لم يجلس عليها أحد ومكتوب عليها بخط عربي في غاية الروعة والجمال " خاصة بشهداء سجون الانقلاب " وبجوارها لوحة صغيرة مكتوب عليها " نزف إليكم خبر الشهيد الدكتور فؤاد اسماعيل الشهيد رقم 257 والذي لقي ربه قبل أمس ونسأل الله أن يلحقنا بهم في الصالحين "
والمنصة الفرعية على الميسرة أصحاب الوجوه المنيرة التي تكاد تضيء للحضور رغم ظلمة المكان وانقطاع الكهرباء في عن نية وقصد وهؤلاء المحكوم عليه بالإعدام ظلما وجورا ومكتوب على لوحة في واجهة المنصة " والله ماكنا نهذى عندما قلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا بتوقيع دكتور محمد بديع " وأما بقية الأربعين ألفا وكأني أرى منطقة الوسط لأصحاب الأعذار والمرض مابين مغمى عليه ومضرب عن الطعام وجروح تكاد تعصف بالجسد ومكبل من الأقدام والأيدي وفي الميسرة بناتنا وأخواتنا الطاهرات العفيفات القويات الصابرات المحتسبات  وعن الميسرة شباب الأمل الذين يرغبون في مضاعفة الأجر بالعمل ، شباب كالأسود ترى الأمل يكسو نظراتهم رغم آلامهم يحملون مصاحفهم مرتلين مجودين
أصوات عذبة تتسابق في الافتتاح بتلاوة مقدمة الإسراء وأناشيد يندى لها الجبين وتبكي لها العين حيث أبدع البخاري وهو ينشد متوكئا بين إخوانه لكنه هز المشاعر . الوصف وكأني في روضات الجنات أرى متحابين يؤثرون إخوانهم عليهم رغم عطشهم وجوعهم وملابسهم التي يعافها غيرهم لكن ريحهم أطيب من المسك ووجوههم يغلب عليها نور الإيمان .
أهم مافي الأمسية المباركة أنها تحت إشراف وبحضور فخامة الرئيس محمد مرسي وأعضاء مكتب الرئاسة وحضور بعض الأحزاب وممثليهم ومنهم المهندس أبوالعلا ماضي والأستاذ عصام سلطان وغيرهم من الأسود الثائرة التي لن يروضها انقلاب ولايهزمها أحكام لكني رأيت أن الأماكن قد ملئت عن آخرها إلا مكانا واحدا فحاولت جاهدا أن أجلس فيه إلا أنه كان للدكتور عصام درباله عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية وهو متهلل الوجه صادق العهد وفيّ الوعد.
هرولت إلى الورقة والقلم لأكتب الدروس التي تستحق كتابتها بماء الذهب وكأني  بالدرس الأول لفخامة الرئيس مرسي حيث قال : درسي لإخواني بالداخل – أي داخل السجون- هو :
" والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون "
ماذا فعل الانقلاب ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصدروا حكمهم بالإعدام عليه " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " الأنفال ، وذهبوا لتنفيذه في الحال ضاربين بكل القوانين والأعراف والأخلاق عرض الحائط لكن الله أخزى كل الانقلابيين المشركين وأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أيديهم  في وضح النهار وهم يحملون السيوف بل ونثر فوق رؤوسهم التراب ليثبت لهم أن من كان الله معه فمن عليه ومن كان الله عليه فمن معه وصدق الله حيث يقول "  وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " يس .
وقال ابن القيم في كتابه مدارج السائلين " أوحى الله تعالى إلى موسى كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد وفي كتابه طريق الهحرتين وفيه: أن موسى في رعايته نام عن غنمه فاستيقظ فوجد الذئب واضعا عصاه على عاتقه يرعاها فعجب من ذلك، فأوحى الله إليه: يا موسى، كن لي كما أريد، أكن لك كما تريد " وجاء في الحديث القدسي عن ثوبان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، إن في التوراة لمكتوب: يا ابن آدم اتق ربك، وبر والدك، وصل رحمك؛ أمدد لك في عمرك، وأيسر لك يسرك، وأصرف عنك عسرك " مسند الروباني .
ودرسي لإخواني في كل مصر : الثبات الثبات وإنما النصر صبر ساعة
فبعد إسراء الحبيب ومعراجه اهتزت قلوب وارتجفت فأبعدها الله من رحمته لأن الدعوة تحتاج إلى رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه وتحتاج إلى قوة عقيدة وأما المرجِفون في المدينة والمرتجفون سيدوس عليهم الأحرار الذين يتميزون بالثبات عندما يهرب الآخرون وينصرون الله ورسوله عندما انحنى الآخرون تحت بيادة العسكر فهؤلاء يستحقون حمل راية النصر "﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾الحجرات .
وهنا وقف فضيلة المرشد بصوته الثائر المعهود الذي يرعب الانقلابيين منذ زمن بعيد وهو يقول " ثوااار أحرااار هنكمل المشوار "
فإذا بالآلاف يرددون معه " ثم يقول فضيلته ألم أقل لكم سلميتنا أقوى من الرصاص ؟
ماذا لواستعملنا العنف كما تعجل البعض ؟
ماذا لوفضضنا الاعتصام بعد أن انقلب الخونة من العسكر إرضاء لأعداء الله وباعوا الدين بالدنيا ؟
كانت النتيجة واحدة وهو التخلص من أبناء مصر وسيقتل بعضهم بعضا
أليس الله تبارك وتعالى أمره كن فيكون ؟ أليس الله هو الذي أمر رسوله بالخروج من مكة في سلمية كاملة وهو قدير على نُصرته ؟
ياأبناء الدعوة كان لابد من تنقية الصف
يقول الإمام "ابن كثير" فيما رواه عن "قتادة": "انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مكةَ فأصبح يخبر قريشًا بذلك، فذكر أنه كذبَه أكثرُ الناس، وارتدَّت طائفة بعد إسلامها، وبادر الصدِّيق إلى التصديق، وذكر أن الصدّيق سأله عن صفة بيت المقدس، وقال إنّي لأصدقه في خبر السماء بُكرةً وعشيًا، أفلا أصدقه في بيت المقدس، فيومئذٍ سُمي "أبو بكر الصديق "
أليس الحال يتكرر في يومنا هذا ؟
إنه الاختبار المتكرر ألا وهو حُسن الاستجابة لله تعالى "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون " الأنفال
قال البخاري : ( استجيبوا ) أجيبوا ، ( لما يحييكم ) لما يصلحكم . حدثنا إسحاق ، حدثنا روح ، حدثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن قال : سمعت حفص بن عاصم يحدث عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي ، فمر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ ألم يقل الله : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) .
وإذا بالعالم الفقيه الدكتور صلاح سلطان يتكلم عن معية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم
ومعية الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين  " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ "
هذه هي معية الله لرسوله لَما أراد الانقلابيون المشركون إحراجه على الملأ ماذا كانت النتيجة "  لما كذَّبَتْنِي قريشٌ حين أُسْرِيَ بى إلى بيتِ المقدِسِ قمتُ في الحجرِ ، فجَلَّى اللهُ ليَ بيتَ المقدِسِ فطفِقْتُ أُخْبِرُهم عن آياتِهِ ، وأنا أنظرُ إليْهِ " صحيح الجامع
ولأنني رأيت الحقد في عيون الانقلابيين من الشرطة والعسكر وأنا أحاول كتابة مااستطعت من دروس فأسرعت لكتابة بقية العناصر بلاشرح وإن كان لها أثر لكني أترك الثوااار الأحرار ليكملوا المشوار مع قادتنا ألا وهذه الدروس هي :
الثقة في الله ورسوله
الثقة في المنهج والدين حيث صلى بالأنبياء إماما وأنتم ورثة الأنبياء ولكم الإمامة والريادة شاء من شاء وأبَى من أبى
نصرة الحق والشرعية بكل الوسائل المتاحة وتحت أي ظرف .
هذا وقت الشدة فلايغيب عن ذهننا دعاء المعصوم صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي ... " الحديث قال فيه دكتور عبدالرحمن البر إلى أن الحديث بطريقيه قوي مقبول .
التحذير من خطباء الفتنة الذين يدلسون على الناس ويغشونهم حيث رأى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تقرض شفاههم بمقاريض من نار .
أجر القابضين على دينهم حتى نالوا الشهادة كماشطة ابنة فرعون رغم إلقاء أبنائها أمام عينها في الزيت المغلي ليردوها عن دينها فهؤلاء رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يزرعون ويحصدون في وقت واحد .
وهنا صاح واحد ممن حُكم عليه بالإعدام قائلا :
الله غايتنا والرسول زعيمناوقدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا وحاولت أن ارفع صوتي معهم لكن أخذتني رجفة الخوف واعترفت أن الله يصطفي من عباده مايشاء وينزل بهم البلاء ليجعلهم من الأطهار الأنقياء
واكتفيت لهم بالدعاء وبقولي المعهود سقط سقط حكم العسكر