عزت النمر :

لا أحد يغيب عنه حقيقة الدعم والتأييد الذي يتلقاه نظام الإنقلاب في مصر من كتلة الشر في العالم العربي والغربي . تلك القوي ــ التي لا تريد للشعوب العربية ولا للأمة الاسلامية أي خير أو توحد ــ مازالت تنفث في شرايين نظام السيسي دماء الاستمرار وتحاول أن تصنع له من خلال الإنعاش المتكرر والعناية المركزة صورة من صور الاستقرار ولو شكلاً بلا مضمون.

في هذا الإطار كان المؤتمر الاقتصادي بترتيب من  عجوز أمريكا المتيبس ووزير خارجيتها الصهيوني كيري وبدعوة صريحة من عاهل السعودية وكهلها الراحل الملك "عبدالله" , وبدعم من كارهي الشعوب ومحاربي الربيع العربي في إمارات الشر وبحضور أراجوزات الاقليم وخُشبَهُ المُسنَّدة.

زفة "البَكَشْ" هذه والتي أسموها بمؤتمر "مصر المستقبل" أُقيمت في مدينة مبارك القديم "شرم الشيخ" إستهدفت صناعة شرعية كذوبة لقزم الانقلاب وسيسيه, وحاولت إجراء عمليه طُهور لنظام مبارك القديم واعادة تدويره لإنتاج مبارك جديد يستمتع به أطراف محور الشر الجديد وبنظامه المختون.

سمه إن شئت السيسي أو ناده بمبارك الجديد ــ ليس هناك ثمة فرق ــ أصر أن يرتدي نفس عباءة الخيانة وسروال العمالة التي طلما تلحف بهما مبارك وإن بصورة أذل وأخزى , حتى أن مصر الحاضر هوت في شهور معدودة تحت ولايته وتسفلت بما لم تسقطه في عقود ثلاث من المهانة والخسار تحت حكم فرعونها القديم.

إنفض سامر المؤتمر الاقتصادي المزعوم وهنأ أولئك أنفسهم وباركوا لعريس غفلتهم ما سجلوه له من نقاط في طريق شرعية زائفة من حضور دولي واقليمي يتغنى به الانقلابيون , في الوقت الذي لم ير المصريون في هذا المؤتمر الا شرماً قديماً لشرمٍ جديد , وعودة لمهرجانات الكذب القديمة وصورها العتيدة , لم يتغير فيها إلا أنها أصبحت صورة جديدة لواقع قديم , حداثتها فقط أنها ختامها كان "سيلفي" لبرص الانقلاب الجديد القميء.

ثم جاءت الدورة العادية للقمة العربية والتي كان من المفترض أن تنعقد في أبو ظبي , وهي مدينة الضرار للربيع العربي والمكر بالشعوب وإرادتها والنفقة بسخاء على معاداة الحرية والكرامة خاصة اذا تلبست برداء من الاسلام أو حملت رمزا من رموزه أو سمتاً من سماته.

إنتهزت أبو ظبي الفرصة وتنازلت عن رضاً وسماحة لتتحول القمة الى القاهرة , ولما لا , وفي هذا التنازل المشبوه دعماً للإنقلاب وتشفياً في دماء الربيع العربي ورقصاً على أشلاءه وشماتة في رأس الاسلام السياسي وعموده وذروة سنامه جماعة الاخوان المسلمين.

وظنت أبو ظبي أنها بإقامة هذه القمة في القاهرة بعد المؤتمر الاقتصادي فانها ستكون إقراراً باتاً ومكيناً بشرعية السيسي وتمكيناً خالصاً لإنقلابه الفاجر , يقضى بالضربة القاضية على كل معارضيه دولاً كانوا أو جماعات أو حتى أفراد.

وقد واتت الظروف الدولية أن تحقق لهم ما أرادوا خاصة في ظروف كادت أن تجبر العرب على التوحد في ملفات يسهل فيه اجتماع الكلمة, خاصةً وأن هذا الاجتماع ليس بعيداً عن الرضا الأمريكي , وليس خروجاً من حظيرة اسرائيل , للضغط على إيران لعقد اتفاق الخاسر الوحيد فيه هم العرب وشعوبهم وأمتهم.

من سوء طالع هذا الانقلاب وقائدة المنحوس تستبق السعودية القمة بعاصفة الحزم فتضرب كل أحلام الامارتيين وتنسف طموحات السيسي في استثمار هذه القمة لصالحة ولتترك الحسرة والخسار والمهانة التاريخية لمصر السيسي , وتصبح القمة الموعودة قمة استبدال القيادة وينتزع سلمان والمملكة قيادة المنطقة بعد تصاغر عنيف أودى بمصر الحاضر ودولة الانقلاب الى مهاوي الذل وغيابات الاهمال ولم تفلح الكاميرات ولا العدسات ان تزين الصورة ولا أن تجمل القبيح , ولا عزاء لكيري والخزي والحسرة للإمارات على ترتيباتها ودراهمها المنفوقة.

مضى المؤتمر الاقتصادي بلا أموال ولا دعم , وانقضت القمة بلا زعامة ولا تجميل .. وظل السيسي ونظامه الفاشل يراوح مكانه بلا شرعية حقيقية يصارع على أجهزة تنفس صناعي تستبقي شيئاً من النبض ولا تمنح حياة حقيقية ولا حتى أمل في الحياة.

بقيت عبرة بالغة تبحث عمن يقف عندها ويقرأها , ألا وهي .. دعا ولي عهد الامارات وحاكمها الفعلي الى تحويل مؤتمر قمة العرب من بلدهم الى مصر رغبة في دعم استبداد الانقلاب , وغيبته أقدار الخلافات العربية وهوان شأنه وافتضاح أمره , ودعا الملك عبدالله ملك السعودية الى المؤتمر الاقتصادي وكان راعيه الرسمي وغيبه الموت .. هذه أقدار الله تسبق .. أليس في ذلك عبرة .. فهل من معتبر؟!!.
 
[email protected]