خميس النقيب

البورصة  في صعود نحو  الهاوية،  والاسعار في ارتفاع  بطريقة جنونية،  والكهرباء والخبز والماء في ازمات متتالية،  وفي الطريق  اشتعال المواد البترولية،  فضلا عن فنكوش الكفتة والمليون وحدة سكنية،  ثم مشكلة السد والضربة الاثيوبية ،  وبعدين يقولك بعد المؤتمر عندنا طفرة اقتصادية،يتراقص لها سحرة الفنكوش في المحطات الفضائية،  انه الاستحمار في الحقول والعقول وعلي الطبلية ...!!   وما يضحك احيانا يكون شر البلية ..!! 
 الإستحمار هو ما تقوم به الهيئة السياسية أو أي جهة  اعلامية، تحاول الهيمنة على المواطنين أو مجموعة من البشر بأن تفقدهم نباهتهم الإجتماعية،   و تستحمرهم , أي تجعلهم حمير بأن تتحكم فيهم دون أي مقاومة , إن أرادتهم هناك ذهبوا هناك و إن  أرادتهم هنا أتوا هنا بدون مقاومة اوتفكر او روية ... !! والليالي من الزمان حبالي      مثقلات يلدن كل عجيب ...!!
هكذا  دون وعي منهم أو بوعي منهم لكنهم ملجمين بلجام من الأفكار الاستعمارية يجعلهم ينقادوا بسهولة للقوى الاستحمارية  حتى و إن كانوا كارهين لهذا الأمر  ،إنهم  فقدوا نباهتهم الإجتماعية و حازوا الصفات الحمارية فراحوا يتناغمون مع المستعمر ويتجاوبون للمستحمر في كل ما يصدر،  بل يتبنون الخرافات التي تصدر منهما والخزعبلات التي تخرج عنهما ...!!
عادة تكون الفكرة الاستعمارية مغلفة بفكرة مقبولة اجتماعيا كمن يضع السم في العسل حتى يتم تقبلها و ابتلاعها و بذلك تتم العملية الاستحمارية علي ما يرام !!  وهذا رواج  الاعلام الموجه لاستعمار القلوب الضعيفة واستثمار العقول الخفيفة.اا وهو ديدن العرب ومنبت التخلف ..!!
   الاستعمار ـ الجديد -  يأتي في صورة استثمار لا للازدهار وانما للافقار وربما للانهيار ..  استثمار قائم على السيطرة النفسية والروحية غير المباشرة على الشعوب والأفراد في العالم من قبل قوي خارجية باذناب داخلة تستعمر الدول النامية الدامية   وتستحمر الشعوب الغافلة النائمة ...!!  وفي النهية تجد المحصلة صفر او قل فنكوش ...!!  لكن اصحاب الكروش فحدث ولا حرج .. !!
يقول الامام الغزالي رحمه الله  في الاستعمار الداخلي " إن الاستعمار الثقافي حريص على إنشاء أجيال فارغة, لاتنطلق من مبدأ ولا تنتهي لغاية, يكفي أن تحركها الغرائز التي تحرك الحيوان, مع قليل أو كثير من المعارف النظرية التي لا تعلو بها همّة ولا يتنضّر بها جبين . و أغلب شعوب العالم الثالث من هذا الصنف الهابط  "  وبذلك فان  الاستعمار الداخلي المتمثل في تبديل فطرة الإنسان، وإماتة الدين وجعله غير موصول بكرامة الإنسان، بل أصبح الدين في نظرهم عدوًا للحقوق الفردية والاجتماعية والسياسية المقررة بالفطرة. وكان الغزالي يعتبر أن الاستعمار الداخلي البوابة الكبرى التي مهّدت للاستعمار الخارجي وسلمت الشعوب لقمة سائغة للغزاة الذين استولوا على مقدرات أمتنا العربية والإسلامية عبر وسيط داخلى .
 لقد ضمن الاستعمار وجود نخب حاكمة تخدم مصالحها الاستعمارية بعد رحيلها، وهذه النخب من إنتاج ثقافة المستعمر، وبالتالي لا تُعبر عن إرادة هذه المجتمعات التي أرهقها الاستعمار الخارجي لتدخل من جديد في استعمار داخلي بواسطة هذه النخبة السياسية المتغربة.
ان استثمار لا يعود بثمرة علي الشعب المطعون  المطحون،  ولا يؤدي الي تقديم ابسط ضرورات الحياة للطبقة المتوسطة بل يقود نحو مزيد من الافقار ما هو الا استحمار  يموله و يبثه الكبار من دعائم الاستعمار وينفذه صغار يعملون ليل نهار علي الافقار والخراب والدمار ..!! والشعوب مستحمرة تصدق كل مايقال وتزكي كل ما يقنن وتمرر كل ما يفرض ولوكان  ينذر بسحقهم و نهايتهم  .. !!
والتنفيذ بان يقوم الطرف المتوحش  - الشرير - بتسخير الناس كالحمير، ومن هنا جاء معنى الاستحمار، وهي سيكولوجية نفسية نجد لها في القرآن الكريم مثالا (كالحمار يحمل أسفاراً) ونجد لها في المأثور الشعبي حكايات جحا، وقراقوش وفنكوش، التي يستحمر فيها الحكام والملوك عامة الشعب بحيث لا نعد نعرف من يحمل من؟ الحمار أم الإنسان؟ وكذلك قصة جبران خليل جبران عن »(حمار أنطاكية) الذي مر على الجسر ووجد النصب المكتوب عليها هذا ما بناه الملك الروماني فلان. فيقول الحمار: »كان الأحق أن يكتب هذا ما بناه »حمار إنطاكية« بالأحرى!
 والشعوب، والطبقات الدنيا، والمضطهدون والمستضعفون هم بمثابة »حمار أنطاكية« للقوى المالكة، والمهيمنة  تصدق كل ما يقال حتي لو كان فيه حرق بيوتهم واقتلاع جذورهم وسرقة حقوقهم وطمس هويتهم ..!! و الاستحمار يعني تزييف ذهن الإنسان ووعيه وشعوره وجره بعيدا  عن ذاته ووعيه للوجود وغاياته ...!! اللهم خلص الامة من الاستعمار الخارجي ونجها من الاستحمار الداخلي..  اللهم احفظ بﻻد المسلمين من كل سوء ونجي العباد من كل شر ....

[email protected]