حازم سعيد :

بداية أعلم أن الحكومة السعودية الحالية غير الحكومة التي دعمت الانقلاب المصري في الشخوص وأغلب ظني في المنهج ، وكذلك فإن من أبغض من أبغضهم على وجه الأرض بخلاف اليهود والصليبيين والمجوس فرقة الشيعة ، خاصة تلك المرتبطة بإيران وعقيدتها التي من أساسها سب الصديق والفاروق والصديقة عائشة رضي الله عنهم أجمعين ، فيأتي أبناء الحوثي وطائفته ضمن أبغض من أبغضه في الله على وجه الأرض .

أقول هذا حتى لا يفهم ما يأتي بالمقالة على أني أغار على شيعة الحوثي أو أني حزين على ضربهم ، فعقيدتي فيهم أنهم مجرمون آثمون ، والتخلص من أمثالهم فريضة وضرورة ، وأنا أحب ضربهم لأسباب عقدية ومصلحية وقانونية وعرفية ، ولكني في المقابل مستثار من الغطاء الإعلامي الذي اتخذوه من أنهم يدعمون الشرعية .

هذا الغطاء الإعلامي هو ما استفزني وهيج علي قريحتي ودفعني دفعاً لأن أكتب هذه الخواطر التي كبحت جماحها على مدار يومين فلم أستطع .. فإليكم أياها :

 

سياسة الكيل بمكيالين

الذين مولوا ودعموا ورعوا انقلاب العسكر بمصر على الرئيس الشرعي المعترف به محلياً ودولياً وعالمياً في 2013 ، هم أنفسهم الذين يتحدثون الآن عن دعمهم للشرعية المعترف بها محلياً ودولياً وعالمياً ( بتعبير خطيب الحرم في صلاة الجمعة ) في 2015 .

يكاد مس من الجنون يصيبني وأنا أسمع خطابات من وقفوا ضد الشرعية ورعوا ومولوا بحر مال شعوبهم انقلاباً عسكرياً دموياً غاشماً على الشرعية بمصر ، وهم ذاتهم الآن الذين يقولون أنهم يدافعون عن الشرعية ويستجيبون لاستغاثات الرئيس الشرعي اليمني .

كان في وسعهم أن يقولوا ( مثلما فعل الطيب أردوغان ) أنهم يقفون ضد التمدد الإيراني الغاشم في المنطقة ، أو أنهم يحمون حدود الشقيقة السعودية من الحوثيين المثيرين للقلاقل ، والسعودية بما لها من مكانة الحرم النبوي والحرم المكي تستحق أن يحتشد لها العرب والمسلمون دفاعاً عنها وحماية لها ، أو أنهم يحمون اليمن من التوغل الإيراني ، دون خوضٍ في موضوع الشرعية هذا الذي هو غير مقنع على الإطلاق ، وهو ما استخدمه الحوثيون ذاتهم ضدهم في الإعلام حيث قالوا لهم : تدعمون انقلاب مصر بالأمس وتقفون مع ما تقولون أنه شرعية باليمن ؟ وقالوا للسيسي : كنت معنا بالأمس واليوم تقف ضدنا ؟!!!

 

وزير خارجية مصر يتحدث عن الشرعية

يمشي في ذات سياق تعجبي حديث السيسي عن دعمه للشرعية باليمن !!!!!!! وحديث وزير خارجيته بشرم الشيخ عن دعم حكومته للشرعية !!!!! طب إزاي ؟

قد يقل عجبي من تصريح وزير خارجية مصر لأن القاعدة التي أعلمها أن البجاحة حين تصدر من أهلها فلا عجب .

هو التبجح والاستهبال والاستخفاف بالسامعين ، ذلك الأمر الذي اعتاده فراعنة مصر منذ قديم الأزل حتى يومنا هذا ، ( فاستخف قومه فأطاعوه ) ..

منطق دعم الشرعية حين صدر من انقلابيي مصر وخدمهم وسدنتهم وكهنة معابدهم ، فإنه وضع إعلاميي العالم الغربي في حيرة من أمرهم ودهشة جعلت أولئك الانقلابيين مثار السخرية والتندر من هؤلاء ... ولكن قومنا لا يعقلون .

 

العلمانيون العرب وسياسة دفن الرأس في الرمال :

وكعادة العلمانيين العرب الذين أتوا في العامين الماضيين بكل موبقات السنين ، حين اخترعوا مصطلحات مثل ( شرعية الإنجاز ) ، وحين انقلبوا على صنم العجوة ( الديمقراطية ) الذي طالما عبدوه ، فلما لم يأتي الصندوق بهم أكلوه ، تماماً ككفار قريش ، كانوا يصنعون أصناماً من العجوة فإذا جاعوا أكلوها .

العلمانيون العرب الآن كالنعام يدفنون رؤوسهم بالرمال متغافلين متجاهلين ( مستهبلين ) أنهم انقلبوا قريباً جداً على الصندوق ، ووضعوا أياديهم النجسة في يد العسكر الخائنين ضد الديمقراطية وضد الشرعية وضد إرادة الشعوب ، هم ذاتهم الآن الذين يدافعون ويتكلمون عن شرعية الصندوق .

العلمانيون زعموا أن هناك شرعية تسمى شرعية الإنجاز وشرعية الأمر الواقع ، وبقياسهم فإن الحوثيين اكتسبوا شرعية الأمر الواقع فلماذا تشجعون ضربهم ؟ ! إنه منطق النعام في استهبال واستحمار واستغفال الشعوب ، ولكن قومنا لا يفقهون .

 

الأحمق السيسي وتوريط مصر على خطى عبد الناصر :

من النقاط المثيرة في موضوعنا هو موقف الأحمق السيسي الذي يعرض نفسه كالداعرة على كل راغب ، وكالتي لا ترد يد لامس ، فبالأمس حاول مداعبة الإيرانيين والحوثيين ، وبعد أن أهملته السعودية ولم تعطه معلومات عن الضربة ( لعدم ثقتهم فيه ) إذا به يعرض نفسه كالمومس عليهم ويصمم أن يشرك نفسه في مغامرة كسلفه عبد الناصر .

وهو يفعل ذلك طامعاً في فلوس الخليجيين ( اللي زي الرز ) ، وكذلك فهو يرغب في الاشتراك في أي عمل يعطيه مكانة أو اعتراف سياسي يفتقده وإن رغمت أنوف .

 ويبدو أن مثلي سيسجد قريباً سجدة الشكر التي أداها الشيخ الشعراوي رحمه الله بعد وكسة 67 .

 

إذن ما الذي ما الذي أطلبه إذن من داعمي ورعاة انقلاب مصر ، خاصة الحكومة السعودية الجديدة :

إنني أطالب دول الخليج والذين يقولون أنهم يدعمون الشرعية في اليمن أن يكونوا أصحاب رأي واحد ونهج واحد وأن يبتعدوا عن سياسة الكيل بمكيالين .

وكما يدعمون شرعية اليمن فإن عليهم أن يدعموا الرئيس الشرعي المختطف الدكتور محمد مرسي الذي أتى بالصندوق وفق انتخابات حرة ديمقراطية شهد لها العالم كله بنزاهتها ، ثم انقلب عليه العسكر الخائنون بأموال أولئك الخليجيين .

وعلى أضعف الإيمان أن لم يقفوا بجوار الحق في مصر فلا أقل من أن يتوقفوا عن دعم الانقلابي الخسيسي الذي يبيع أي أحد مقابل ( الفلوس اللي زي الرز ) ومقابل الوجاهة ، فيتوقفوا عن إعطائه الاعتراف السياسي ويعزلوه ولا يدعموه بأموال شعوبهم التي يقدمونها له وكأنها من مال أبيه .

ذلك حتى يعطوا المصداقية لمواقفهم وتصرفاتهم ، وإلا فإن ما يزعمونه من دعم الشرعية هو من النكات والطرف ، وإن من شر البلية ما يضحك .

----------------

[email protected]