عزت النمر :

أخي عمرو إقبل مني رسالتي وان كنت لست من قيادات الاخوان ولست أكثر من أن أتمنى أن أكون واحداً منهم , وفي نفس الوقت فأنا أحمل لك كل الحب , وأنت عندي رجل محترم من غير شك ,وقفت مواقف تثبت ذلك من غير منِّة من أحد.

أخي عمرو .. أرى ــ وأعذرني فيما ذهبت فيه ــ أنك في مقالك  الأخير خضت في غير ما تعلم , وحملت نفسك ما لا تطيق , فمعلوماتك عن الجماعة وإدارتها وشأنها الداخلي ليست كاملة , علمت شيئا وغابت عنك أشياء , ولعلك اختذلت الجماعة في نموذج ما , وكأن نموذج د.حمزة زوبع ساهم في تشكيل رؤيتك التي عممتها على قيادات الجماعة, هذا النموذج ــ وهو شخص محترم جداً مثلك تماماً ــ لا أعتقد أنه يمثل قيادة الجماعة في السابق ولا حاضراً , ومن الخطأ رؤية الجماعة من خلال نموذج أو إثنان وأكثر.

 أخي عمرو ..أعتقد أن البعض يخطأ حين يُكِّون رؤيته عن الجماعة من حوارات مع بعض منتسبيها لأن هذا يُكَوَّن صورة مختلة, غالباً ما ستكون وجهة نظر صاحبها التي قد تلتقي مع الحقيقة في كثير أو قليل , وقد تجافي الواقع.

أخي الحبيب عمرو , سأخاطب فيك كل من يحمل على قيادات الجماعة من محبيها وأنت منهم .. قيادة الجماعة في السجون وهم في شأن غير الذي نحن فيه , دورهم والمطلوب منهم الآن فقط هو الثبات , وهم حسب علمي وعلمك يؤدون دورهم على أحسن ما يكون الثبات , أما عن القيادة الفعلية الحالية في الداخل والخارج  فهي تقوم بدورها وتتحرك وقد تصيب وقد تخطأ وهذا مالا بأس فيه , وهي في كل أحوالها تنتظر منكم النصح والمراجعة في خطواتها الحاليه واختياراتها المستقبلية , أما أن نظل ندفع ونتدافع حول القديم فتلك مراوحة في المكان لا تناسب الظرف والثورة والواقع, خاصة وأنت تعرف أن الاخوان قيادة تنظيما وحركة ,مؤيدين وأنصاراً ,شباباً وكهولاً , رجالاً ونساءاً هم من يدفعون التكلفة الأقسى دفاعاً عن الوطن والأمة والثورة والحاضر والمستقبل.

أخي العزيز عمرو .. نتفق سوياً وكل مخلص على أننا نبغي التغيير في واقعنا للخلاص من الانقلاب وآثاره , ولكن لا أحب أن تستخدم كلمة التغيير في إقصاء كل من نختلف معه , أو نبتذل الثورة على كل ما لا يوافق هوانا أو رؤانا.

لا أعتقد أخي أن منا من من يملك الحق الكامل ؟ أو أنه يعرف الحق وحده ؟ أو يرد الخير فيما لا يريده غيره ..أليس كذلك ؟!

أخي عمرو.. أنت خبير بأن المسار الثوري الحالي به منعرجات وعقبات وهموم وتضحيات وكلٌ له فيه رأيه , وليس أفضل الآراء أكثرها حماسة أو أندفاعاً , وقد يؤخر النصر تهور متهور كما قد يؤخرة استبطاء متباطئ سواءاً بسواء.

أخي العزيز .. قد يأتي النصر في الإقدام حينا .. وقد تتبدى ثناياه في الإحجام حيناً .. وقد تكون تؤدة ما بينهما هي سبيل النصر وطريقه وبابه ومنتهاه.

الحكمة ــ أخي عمرو ـــ يحددها من يعمل على الأرض ؟ من يعرف الإمكانيات ؟ من يستشعر قلة الموارد ؟ من يبحث عن رجال الجد فلا يجد الا قليل ؟ من يعرف تكلفة المواجهة فيفتش في رصيده فيتوقف محزون ويشكو الى الله ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس ؟

القرار ـــ أخي عمر ــ أدري به من يواجه التحديات والمصاعب ؟ من يواجه القتل ؟ من يواجه الخيانات من شركاء الأمس ورفقاء الثورة والميدان ؟

أخي عمرو  أليس من يواجه كل هذا واجب علينا أن نعذره ونتقبل قراره ونلتمس له ألف عذر, ولن أطالبك باحسان الظن لثقتي فيه وفيك.

أخي عمرو : لا أقصد أبداً الحجر على رأيك ولكن أناقشك فيه , ولم أقلل من شأن حماستك وغيرتك وحسن طويتك فهذا ما أثبته لك وأشكرك عليه , ولكني أخشى أن تُحمل هذه الرؤى والأراء من البعض وتُزَوَّر من البعض الآخر في إحداث خُرق في سفينة العمل الثوري بتشكيك بعض المتحمسين من أبنائها أو أنصارها في قيادتهم ومسارهم الذي هم فيه , وأعتقد أنه لن يستفيد من هذا الخُرق وهذه البلبلة إلا أعداء ثورتنا , خاصة وأنه لن نعرف إلى أي طريق سيندفع هؤلاء وفي أي اتجاه ستكون حماستهم أو حتى ثورتهم على القديم الذي ترفضوه والجديد الذي تنقدوه.

الأخ المحترم عمرو عبد الهادي .. أتمنى أن تقرأ رسالتي ولا يشغلك ألا تعرفني .. أو تتوقف كثيراً عند اختلافي معك .. حسبك أن الخير أردت لي ولك ولثورة نرجوا لها جميعاً النصر , ولوطن نريد أن نستبقي فيه بقية قبل أن يضيع على أيدي الانقلاب.