جميل الإمام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ..والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين .. أما بعد
فإن النساء شقائق الرجال.. يتحملن معهم عبئ التكليف.. والنهوض بالأمانة ..والقيام بالمسؤولية .
قال تعالي  : {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) } [الأحزاب: 35]
وقال تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[التوبة: 71]
ومن ثم فلا عجب أن نرى المرأة منذ بداية فجر الدعوة بجانب الرجال... تتحمل معهم الأمانة والتبعة.. يصبها ما يصيب الرجال من البلاء واللأواء... صابرة محتسبة ...لا تبالي بألم ...ولا تجزع لأسى.. ولا يقعد بها أذى ..فنرى خديجة ..وأسماء..وسمية ..وأم عمارة.. وصفية.. ونسيبة ..والخنساء .. وغيرهن من النساء اللواتي سطرن بجهادهن وتضحياتهن ...صفحات من نور في سماء المجد الإسلامي.. ليرسمن الطريق لمن بعدهن من النساء المؤمنات على طريق الحق والنور والهدى ..
ولا تزال الأمة تنجب الحرائر والمجاهدات.. اللواتي يأبين الضيم .. ولا يرضون بالهوان.. يجابهن الباطل ويواجهنه في تحد واستبسال .. رغم جبروت الباطل وعنفوانه ..
ففي بداية الدعوة في العصر الحديث.. يخبرنا التاريخ عن نساء لا كالنساء ...نساء تربين على القرآن... ونهلن من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.. وأشربت قلوبهن حب الإيمان ...وعشقن الدعوة والجهاد في سبيل الله.. وواجهن الباطل بكل عزم وحزم ... فتاريخنا أبدا لا ينس زينب الغزالي.. وحميدة قطب.. وأمينة قطب.. الصابرات الداعيات المجاهدات اللواتي أعدن بجهادهن وتضحياتهن لذاكرة التاريخ جهاد من سبقهن من نساء الصحابة ...
وهكذا الحرة المؤمنة.. عند الشدائد تقف شامخة شموخ الجبال.. ثابتة ثبات الرواسي.. لا تحيد عن مبدأ.. ولا تزيغ عن هدى ..ولا تنحرف عن الحق الذي معها ..
وفي ثورة يناير تحدثت عن المرأة أعمالها ..وكانت أفعالها لسان حالها.. فوقفت بجانب الرجال.. بنتا.. وزوجة.. وأما..وأختا .. تدفع الباطل.. وتغشي ميادين الحق والثورة.. وترفع صوتها.. تلهب بهتافها حماس الشباب.. وتتقدم صفوف المواجهة ..رغم احتدام الصراع.. فتسقط منهن الشهيدات والجرحى فتأبى إلا أن تسيل دمائها.. وتبذل مهجتها... فداء لوطنها وأمتها ..
وإننا اليوم نشهد جهد حرائرنا وجهادهن ..ونفاخر بما يقدمنه من تضحية عزيزة وغالية.. تتضائل أمامها كل تضحية... ويصغر أما بذلها وعطائها كل بذل وعطاء ...
فمنذ الانقلاب العسكري الغاشم.. الذي سام البلاد عسفا وقهرا ..لم تتخلف يوما عن نداء الحق.. ولم تتواني عن تأدية واجبها.. ولم تتكاسل عن القيام بمسؤلياتها ..رغم البلاء الذي أصابها ..فهي الأم الثكلى بفقد ولدها .. وهي الزوجة التي تأيمت باستشهاد زوجها .. وهي البنت التي تيتمت بفقد والها .. وهى المعتقلة الصامدة ..وهي الحرة العفيفة التي تدنس عرضها ..وهي الشهيدة التي فاضت روحها وبذلت نفسها وسالت دماؤها .. وهي التي غيب زوجها وولدها ..وحيل بينها وبينهم في غياهب السجون والمعتقلات .. فأنعم بها من حرة  مجاهدة تفخر الأمة بمثلها .. وأكرم بها من تضحية عزيزة وغالية ..
إننا نؤكد اليوم على استمرار المرأة في حراكها الثوري ضد هذا الطغيان.. حتى يسقط الانقلاب.. وتعود شرعيتنا كاملة ...متمثلة في عودة رئيسنا المنتخب الدكتور محمد مرسي ...وعودة برلماننا.. والإفراج عن كافة المعتقلين .. والقصاص من السفاحين الذين قتلوا ..أو حرضوا ..أو فوضوا القاتل لارتكاب المجازر وسفك  الدماء الطاهرة ..
لا عودة أبدا للوراء .. وستشهد الأيام المقبلة حضورا نسائيا كثيفا في الميادين ..والساحات .. والشوارع متشوقين للشهادة في سبيل الله ...رافضين الظلم والقهر الذي أصابنا .. حتى تنقشع هذه الغمة .. وننعم بالحرية والكرامة الإنسانية ... هذا عهدنا وتلك قضيتنا ...
والله من وراء القصد .. والله أكبر ولله الحمد...