حازم سعيد :

في أحد التسريبات التي حاولوا تسجيلها لرئيسنا المحترم الدكتور محمد مرسي أغلب ظني أن ذلك كان أثناء أحد الهزليات التي يسمونها محاكمات مع الدكتور سليم العوا تحدث رئيسنا الشرعي عن أنه اجتهد أن يحاصر الفساد وأنه نجح في أن يجلس بعض مجرمي الداخلية في بيوتهم كالواد عبد الغفار ( هكذا قالها الرئيس ) .. وهو الواد الذي أصبح منذ حوالي أسبوعين وزير الداخلية مجدي عبد الغفار .

 

انتقام وليس سيطرة وتمكن

لقد عاد عبد الغفار لينتقم ، عاد بكل الحقد والكره للإسلاميين عامة وللإخوان خاصة ، لينتقم ممن قالوا لفساده وحمقه وبطشه يوماً ما : كفى .

وليس أمامه سوى هدف واحد يحسب أنه يملك تحقيقه باستخدام أسلوب الصدمة ليؤخر الثورة عموماً ، وكما استخدموا أسلوب الصدمة في فض رابعة والنهضة وما بعدهما ، يحسبون أننا يمكن أن يثنينا عن عزمنا مثل هذه الجرائم والحماقات ، ولا يعلمون أن أدبياتنا كلها تصب في خانة ما يمكنك أن تطلق عليه لفظ " العند " .. إنه المرادف هنا لما أسميه الثبات والعزم والإصرار .

لدينا : ( إن من كان قبلكم كان يوضع المنشار على رأسه فيفرق ما بين عظمه ولحمه ولا يصده ذلك عن دينه ) ، ولدينا : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) ، ولدينا : ( ألم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ) .

لذلك فلا ينتظر من مثل هذا العنف أو الصدمة إلا ثباتاً وإصراراً وعناداً من قبلنا ، وكما قالوا قديماً : الضربة التي لا تقتلك تقويك ، وضرباتهم وانتهاكاتهم تعلمنا وقتوينا وتلهمنا الإصرار ، وتدربنا على تحمل المشاق والآلام لما فوق ذلك من القيام بأعباء خلافة على منهاج النبوة الراشدة .

لذلك أيضاً فإن ما يفعلونه لا يمكن لعاقل أن يعده قوة وتمكناً وسيطرة ، بل على العكس ، إن الضعيف غير الواثق هو الذي يستخدم القوة والقهر والآلة التي يمتلكها للاستحواذ والسيطرة ، ذلك أنه بلا رصيد شعبي وبلا استحقاق ، وبلا مشروع يكفل له الاستمرار ، لذلك فليس أقرب له إلا الانهيار والتفكك والانحلال ... وإن غداً لناظره قريب .

 

عبد الغفار .. حالة وليس فرد

إن عبد الغفار هنا هو جهاز كامل وليس فرد وإن علا ، إنه جهاز غاشم يبدأ من مخبر الدرك الذي يبلغ عن الإخوان بالقرى مروراً بأمناء الشرطة وانتهاءاً بضباط أمن الدولة والمباحث والأمن المركزي .

إنه جهاز كامل غرر به العسكر ، وتلذذ هو بهذا التغرير فانساق القائمون عليه في ركابهم بدون عقل ولا تدبر لعواقب الأمور ليضعوا أنفسهم مباشرة تحت طائلة الثأر والقصاص .

وقد استفرغوا وسعهم فيما مضى ، فمهما يفعلون فلا يملكون فوق ما فعلوه : لقد قتلوا وشردوا وسجنوا واعتقلوا وعذبوا بكل الوسائل والمناهج ، واغتص الحرمات وسرقة الأموال ومصادرتها ، فما الذي تبقى لهم ليفعلوه أو يخيفوننا به ... لا يملكون فالله مولانا ولا مولى لهم ، ولا يقدرون فالله حسبنا وهو نعم الوكيل .

 

ممارسات جهاز الداخلية  .. وما الذي زاد بعد عبد الغفار

وما يفعلونه من قبل قدوم عبد الغفار من تعذيب وانتهاك وإجرام كفيل بتوليد روح الثأر والقصاص وتأجيجها في نفوس الثوار والأحرار . ولم يزد على جرائمهم من بعد عبد الغفار سوى القتل أثناء المداهمات والاعتقالات ، وهو مسلك وإن انتهجوه سابقاً من قبل في حالات جزئية إلا أنهم زادوا منه بعد عبد الغفار كمحاولة يائسة لتوصيل رسالة الصدمة والتيئيس للثوار ، وهيهات فقد انفجرات الشرارة ووصلنا للمرحلة الصفرية من الصراع ، ولسوف يأتي اليوم الذي نذيقهم فيه من ألوان العذاب بحوراً ومحيطات ، والأيام دول ، ولا تثبت الممالك لأحدٍ أبداً وإن طالت ، ناهيك عن يوم القيامة ، يوم يحيي الله الشاة القرناء لتقتص منها أختها لأنها نطحتها ، إذا كان هذا في الأعاجم والحيوانات فما بالك بعقلاء البشر المكلفين .

المجرمون الآثمون المجانين من ضباط الشرطة والداخلية ومن تبعهم يتفنون في ألوان وصنوف العذاب من الضرب والركل في كل موضع ، إلى جلسات الكهرباء والتفنن في ذلك والتلذذ ، ووضع أسلاك الكهرباء في أماكن حساسة وفي مواضع العورات ، ووضع المعتقل أو المختطف داخل الماء ثم توصيل الكهرباء به .

وانتهاك حرمات محارمه والتهديد باغتصابهن ، أو اغتصابهن فعلاً ، والاعتداء الجنسي على المعتقل فعلياً أو محاولة ذلك ، والتعليق من الذراع أو من الرجل بالمقلوب ، أو غير ذلك من صنوف العذاب التي لم يكن عاقل يتخيلها .

وهذه الأنواع من الغل في الانتقام والتعذيب تثير الدهشة لدي مثلي ممن رأى وشاهد وتعامل مع عديدٍ من هؤلاء قبل وأثناء وبعد سنة الثورة . لم يحمل هؤلاء كل هذا الغل والحقد لنا ؟ وهل يملكون من المنطق والحجة ما يبرر لهم هذه التصرفات التي ليس لها عاقبة في الدنيا سوى الانتقام الرهيب من نفسه وأهله  وماله والقصاص حياة ، وليس لها عاقبة في الآخرة سوى العذاب وسوى نار جهنم .

فلم يحمل هؤلاء لنا كل هذا الغل والحقد والانتقام ! رغم أن أقصى ما فعلناه بهم أن نقلناهم من جهاز أمن الدولة لأجهزة أخرى وفككنا الجهاز ، فلم نعتدي عليهم أو نوقف أرزاقهم أو نعذبهم ، فلم يفعلون بنا ذلك ؟ !

 إنهم يثبتون أنهم بلا عقل ولا دين ولا مروءة ولا أخلاق .

 

القصاص والثأر الذي أصبح حتماً لازماً

وهم بما يفعلون يعطوننا الغطاء الشرعي والقانوني والعرفي والدولي والأخلاقي والسياسي لأن ننتقم منهم ، وبكل ما أوتينا من قدرة على الانتقام .

وليس أهلهم وليست أموالهم ، وليست أنفسهم منا بعزيزة ولا بعيدة عن القصاص والثأر والانتقام ، ولن يجدوا منا من يقول لهم هذه المرة أن سلميتنا أقوى من الرصاص ، ولا من يتعامل بمنطق اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ووالله إنه القصاص ، ولنا فيه حياة .

ولسوف يأتي اليوم الذي نثأر فيه من كل كلب من كلاب الشرطة خاصة أمن الدولة والأمن المركزي والقناصة ، ولسوف يأتي اليوم الذي نذبحهم فيه ذبحاً باسم الثورة وباسم القانون وباسم الأخلاق وباسم الأعراف والمواثيق الدولية وباسم حقوق الإنسان ، وكل ذلك داسوا عليه وانتهكوه وسحقوه بظلمهم وغيهم وفجورهم . وإن غداً لناظره قريب .

وهم مرعوبون من ذلك ويعلمون أنه متحقق لا ريب فيه ، والرسائل الخاصة التي يكلمون بها معتقلينا رغم التعذيب ، والرسائل الخاصة أيضاً التي يحدثون بها محاميينا والتي يتبرؤون فيها من التعذيب أو الجرائم أو الانتهاكات ، أو تبرير وجود أسمائهم في محاضر التحريات والضبط والإحضار ... الخ

أقول أن الرسائل التي يحرصون على توصيلها لنا تؤكد هذا الرعب وتقيسه ، ووالله أكاد أرى ذلك اليوم الذي سوف نخلع فيه أعينهم من رؤوسهم ، ونشرد أبناءهم وأهلهم من بيوتهم باسم الثورة والحق والقانون .. وهو قريب إن شاء الله .

 

 كبسولة :

1. الداخلية أصدرت بياناً تقول فيه أن الإخوان تخلت عن السلمية وفقاً لطبيعة المرحلة وأنهم اتفقوا مع جماعات متفرقة كأنصار بيت المقدس وخلية حلوان والعقاب الثوري وخلية إعدام وخلية حسم .. الخ لتبني العمليات التي يقوم بها الإخوان ، فهل يعقل المجانين الذين أصدروا البيان أنهم بذلك يثبتون أن الأخوان فيما مضى إلى أن تم هذا الاتفاق الذي تزعمونه كانوا سلميين ؟ فلماذا إذن قمتم بالانقلاب ؟ ولماذا إذن قمتم بفض رابعة والنهضة بالقتل والمذابح والمحارق ؟ ولماذا إذن تعتقلون وتسحلون وتنتهكون وتغتصبون وتقتلون ؟ أليس بيانكم هذا إدانة لكم ، وأيضاً أليس بيانكم هذا تبرير للإخوان بأن تحولهم المزعوم من السلمية لما تقولون أنه إرهاب نوع من رد الفعل نتيجة تصرفاتكم ... إنتو طلعتو أغبيا قوي ، روحوا جتكم خيبة !

2. إعلاميو الانقلاب عكسوا حالتهم النفسية طوال السنة الماضية حين قالوا أن أهم فائدة للمؤتمر الاقتصادي أنه أعطى المشروعية الدولية السياسية للهاشتاج ونظامه الانقلابي ، وهم بذلك يعلنون لنا قناعتهم الذاتية  طوال السنة ونصف الماضية من عمر الانقلاب : أنهم بلا مشروعية ولا اعتراف سياسي ، رغم ما صدعوا به رؤوسنا عن تمكنهم واقتدارهم وعلاقاتهم الدولية الممتدة .

===================

[email protected]