المصدر : إخوان ويكي

دعوة الإخوان في العراق

الحزب-الإسلامى-العراقى.jpg

في 11/6/1916م بدأت ثورة الشريف حسين ضد الحكومة الاتحادية في الإمبراطورية العثمانية بإيعاز من الإنجليزوبمساعدتهم تحت زعم تحرير العرب من سياسة تتريك العرب والتنكيل بالزعماء المعارضين لها، وقد قاد أنجالالشريف حسين الجيوش، وكان من نصيب الأمير فيصل قيادة جيشها الشمالي حيث تم له النصر باحتلال سوريا بكاملها، وبعد هذا النصر سافر إلى فرنسا ممثلاً عن العرب في مؤتمر فرساي، ثم عاد إلى سوريا ونادى به المؤتمر السوري ملكًا على سوريا بتاريخ 8 مايو 1920م، ولكن الاحتلال الفرنسي استطاع إخراجه من سوريا وفرض الانتداب عليها، فاتفق أحرار العراق وزعماؤه على دعوته إلى العراق حيث انهالت البرقيات على والده الشريف حسين طالبين إرسال نجله فيصل لتسلم عرش العراق، فلبى النداء وأرسل ابنه فيصل إلى العراق، وبعد استفتاء شعبي أعلن مجلس الوزراء العراقي تنصيبه ملكًا دستوريًّا على العراق بتاريخ 23 أغسطس 1921م، وقد نجح الملك فيصل في إدارة دفة السياسة العراقية، وتوطيد دعائم الدولة، وتوثيق أواصر الصداقة وحسن الجوار بينها وبين جاراتها، وعقد أيضًا معاهدة تحالف مع بريطانيا عام 1930م تقضي بإلغاء الانتداب عن العراق، وضمه إلى عصبة الأمم، واعتراف دول العالم به كدولة مستقلة.

وبعد وفاته المفاجئة في برن بسويسرا في 8 من سبتمبر 1933م تسلم نجله غازي العرش، ولكنه مات في حادث سيارة في 4 أبريل 1939م فحل على العرش نجله الشبل فيصل الثاني وانتخب خاله عبد الإله وصيًّا على العرش.

ومع الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي اهتم العراق بالتعليم، حيث استحدث نظام رياض الأطفال، وجهز الجيش بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة، لكن ظلت طبيعة المجتمع العراقي تقوم على العصبية القبلية، والخلافات المذهبية والطائفية، وإن كانت في هذه الفترة توارت إلى حد كبير.

ولقد اهتم الإخوان بالعراق كما اهتموا بباقي دول العالم العربي والإسلامي ثم العالم الخارجي، ولقد كانت باكورة الدعوة في العراق بعد ما سافر الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد للتدريس هناك عام 1941م حيث استطاع أن ينشر فكر الإخوان المسلمين بين الطلبة العراقيين، ولقد كان يكتب في مجلة الإخوان المسلمين مقالات مما شاهده فى العراق كتب مقالاً بعنوان: "بين العراق ومصر"، وكتب أخر بعنوان: "عامان في العراق".

ولم تنته هذه الفترة إلا وقد خصص الإخوان المسلمون في مجلتهم ركنًا خاصًّا بالعراق سمي رسالة العراق، كان يتحدث عن الأحداث المتنوعة السياسية والاجتماعية، والأدبية، والإسلامية وغيرها.

ثم سافر أيضا الدكتور حسين الدين كمال للتدريس هناك فكانت إضافة قوية للدعوة وللحركة الإسلامية في العراق، يقول الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد عن أسلوب الدكتور حسين كمال الدين في الدعوة: "كان يشرح لهم أهداف الدعوة بأسلوب سلس جذاب، وقد كان الدكتور "حسين" محبوبًا من طلابه وزملائه أساتذة الكلية وعميدها، حتى إنه لما نوى إنهاء خدمته بعد وفاة والده طلبوا إليه البقاء بالكلية، ويشترط ما يشاء من شروط في المرتب والمزايا الأخرى، فاعتذر الدكتور وأنهى خدمته بعد سنتين من عقده مشكورًا، وقد قام في هذه الفترة الوجيزة بأعمال هندسية جليلة في العراق، كتحديد القبلة في المساجد، وغيرها من المشروعات الهندسية، مما أطلق ألسنتهم بالثناء الجميل عليه على إخلاصه وخدماته.

ويقول أيضًا: "وفي العراق تعرفت على شخصيات فاضلة خدموا الدعاة أجلّ الخدمات في بغداد والبصرة وأشهرهم الأخ السيد عبد العزيز العلي المطوع، والأخ عبد الله الذكير، والأخ عبد الفتاح إياس وغيرهم ممن أسهم في مشروعات الدعوة بماله وقلمه ورأيه جزاهم الله عن الدعوة خيرًا.

وقد أثمرت حركة الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد والدكتور حسين كمال الدين مع الشعب العراقي، فظهر من أبنائه من ينتمون إلى دعوة الإخوان.

ومن بينهم جماعة من الشباب التفت حول الأستاذ محمد عبد الحميد، وأصدروا مجلة باسم "هذا اللواء"، وقد كتبت مجلة الإخوان مقتطفات من عددها الأول.

ثم بدأ تفكيرهم يتجه نحو توسيع دائرة التلاقي مع الشعب العراقي، فبدأ الأستاذ محمد عبد الحميد والدكتور حسين كمال الدين بالاشتراك مع بعض الأساتذة العراقيين ممن ينتمون إلى الإخوان المسلمين بتأسيس مدرسة إعدادية أهلية في بغداد.

ولقد كتب الأستاذ صلاح الدين شوقي من بغداد مقالا بعنوان: "نحن" يقول فيه: "من نحن؟! سؤال يدور في الأذهان ويتجاوب في القلوب، وتحار عنده الرءوس.. نحن أنصار الإصلاح الحقيقي، ونحن الشباب الإسلامي، نحن إخوان الجهاد المسلمون، نحن أركان البلاد المؤمنون... الله أكبر ولله الحمد... صوت يدوي في الآفاق وتردد صداه السموات وعوالم الغيب.

ولم يقتصر نشاط الإخوان في نشر الدعوة على بغداد فقط، بل حرص الأستاذ محمد عبدالحميد والدكتور حسين كمال الدين على نشرها في باقي المدن، فكانا يتنقلان بين المدن كلما سنحت الفرصة لذلك، ومن ذلك جولتهما في الموصل التي استغرقت ثلاثة أيام، حيث حلا ضيفين على السيد عبد الرحمن السيد محمود صاحب مخزن (أي- بي- سي) وتعرفا بمعظم رجال الدين، وزارا المدرسة الفيصلية وبعض المدارس الدينية، وبعض الآثار الإسلامية، وكانا موضع حفاوة الشباب الموصلي المثقف، وأقيمت لهما حفلات تكريمية التقيا فيها بالشباب الموصلي الكريم.

وتزامن مع جهود هذين الأخوين الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد والدكتور حسين كمال الدين اتصال الشيخ محمد محمود الصواف بالإخوان في مصر وتعرفه على فضيلة المرشد العام الشيخ حسن البنا، يقول الشيخ الصواف عن هذا اللقاء: "وأخيرًا استقر بي المقام بلقاء الإمام الشهيدحسن البنا -رحمه الله، وحضرت دروسه في المركز العام في الحلمية، وأعجبت بنشاطه وأسلوبه الحكيم والرصين في الدعوة إلى الله، ثم قرت عيني بتلك الأفواج الصاعدة من شباب الإسلام التي رباها على الإيمان هذا المجاهد المصلح الكبير حسن البنا، وتوطدت علاقتي به وازداد حبي له وإعجابي به، وبادلني -رحمه الله- حبًّا بحب وعطفًا بعطف، فأكثرت من اللقاء بهذه الزمرة المباركة المجاهدة الصادقة من جماعة الإخوان المسلمين.

ولقد احتفت مجلة الإخوان بالأستاذ الصواف تحت عنوان: "نجاح أخ كريم": يسر قسم الاتصال بالعالم الإسلامي بالمركز العام للإخوان المسلمين أن يزف التهنئة الحارة الخالصة إلى أحد أعضائه العاملين الأخ الكريم الأستاذ محمد محمود الصواف رئيس البعثة العراقية بالأزهر، وقد كان نجاحه ممتازًا في الشهادة العالية بكلية الشريعة، وهو أول عراقي ينالها، ومما يزيد فخرًا ويلهج فؤاد الأخ شكرًا أنه أول سباق إلى اجتياز مرحلة الدراسة لهذه الشهادة في سنتين رغم أن مدتها أربع سنوات، وقد أثنى مجلس الأزهر على كفايته العلمية وهمته الدائبة.

استطاع الصواف أن يختصر سنوات الدارسة إلى النصف، وأن يحصل على شهادة العالمية، ثم تخصص في القضاء في 3 سنوات بدلا من 6 سنوات. وطيرت الصحف خبر نبوغه فكان مضرب المثل في الاجتهاد في تلك الفترة، وأثنى عليه الإمام المراغي شيخ الأزهر ثناء عاطرا، وقال له: يا ولدي لقد فعلت ما يشبه المعجزة.

 

الصواف ودعوة الإخوان بالعراق

بدأ الإخوان المسلمون في العراق العمل العلني عام 1944م، وبعدما اشتغل الصواف مدرسا بكلية الشريعة في مدينة الأعظمية مفضلا التعليم على القضاء، وأنشأ جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ثم أسس مع الشيخ أمجد الزهاوي جمعية "الأخوة الإسلامية" سنة (صفر 1367هـ= يناير 1948) التي كانت الاسم الذي تحرك تحته الإخوان في العراق، وأصدر مجلة "الأخوة الإسلامية" التي ظلت تصدر لمدة عامين حتى أغلقتها حكومة "نوري السعيد" في العهد الملكي، وألغت الجمعية.

وأثار توقيع حكومة العراق لمعاهدة "بورتسموث" مع الإنجليز في (4 من ربيع الأول 1367هـ= 15 من يناير 1948م) غضبا شعبيا كبيرا، وتصدر الصواف بخطبه النارية حملة المعارضة فتعرض للسجن، وفصل من العمل.

كانت الأوضاع السياسية بالعراق في الستينيات تنبئ باقتراب حدوث تغيير سياسي كبير، وكانت إرهاصات حدوث انقلاب عسكري تتزايد، حتى وقع ذلك الانقلاب في (27 من ذي الحجة 1377هـ= 14 من يوليو 1958م) بقيادة عبد الكريم قاسم، وألغيت الملكية وأعلن قيام الجمهورية العراقية. وقد استقبلت الأوساط السياسية والشعبية هذا الانقلاب بابتهاج شديد سرعان ما تبدد مع صعود الشيوعيين ومحاولتهم الاقتراب من عبد الكريم قاسم الذي رحب بهم في البداية لعدم وجود قاعدة سياسية أو حزبية يتكئ عليها في ممارسة الحكم، إضافة إلى صراعه مع الضباط الوحدويين مثل عبد السلام عارف.

أدى اقتراب قاسم من الشيوعيين إلى احتقانات سياسية عسكرية كبيرة استغل بعضها أحد قادة الجيش وهو "عبد الوهاب الشواف" للقيام بحركة انقلاب مضادة في الموصل، ساندته فيها القوى المختلفة الرافضة للشيوعية، غير أن فشل الحركة تسبب في حدوث مجازر قام بها الشيوعيون، وأشيع أن الصواف قد قُتل ونعته بعض الإذاعات العربية، غير أن الرجل كان قد اختفى فترة، ثم رحل إلى الشام سرا عام (1379هـ= 1959م).

كان الشيخ الصواف قد أصدر مجلة "لواء الأخوة الإسلامية" التي وجهت انتقادات حادة للشيوعيين، وعندما ضاقوا بالنقد هاجموا المجلة وأحرقوا مكتبها ومطبعتها بعد 7 أعداد فقط من الصدور.

وعلى أثر صدور قانون الأحزاب السياسية في زمن الرئيس عبد الكريم قاسم أعلن الإخوان المسلمون في العراق عن إنشاء حزب سياسي باسم الحزب الإسلامي العراقي وقدم أوراقه إلى وزارة الداخلية آنذاك وتم رفض الطلب المقدم من الهيئة التأسيسية التي بدورها رفعت أوراقها إلى محكمة التمييز العراقية التي قضت بالسماح بتأسيس الحزب الإسلامي العراقي عام 1960م، وبعد مجئ حزب البعث إلى السلطة عام 1968م، تعرض الإخوان المسلمون للملاحقة وأعتقل عدد كبير من نشطائهم، وأعدم عدد آخر ومن أبرزهم عبد العزيز البدري ومحمد فرج والغني شندالة.

و بعد الدكتور عبد الكريم زيدان قام الاخوان المسلمون في العراق بتجميد عملهم مطلع 1970 ثم اعادوا عملهم من خلال اختيار مراقبين احدهم خارج العراق (الدكتور أسامة التكريتي) والاخر داخل العراق وهو (الحاج حاتم أبو عدي).

ولقد نشط الإخوان المسلمون في عمل سري في العراق ودعوي وظهرت في التسعينيات بوادر هذه الدعوة من خلال التدين والإقبال على المساجد التي تم بنائها بأعداد كبيرة، وانتشرت الكتب الإسلامية في المساجد والجامعات وكان للعمل الخيري والإغاثي والاجتماعي دور