الاستعداد للعام الدراسي الجديد لا يقتصر على المستلزمات المدرسية والاستعدادات المادية فحسب، وإنما يعتمد بشكل أساسي على الاستعدادات النفسية والبدنية، وتهيئة الطالب لاستقبال العام الدراسي الجديد بروح جديدة.

ومما لا شك فيه أن عملية التهيئة والاستعداد النفسي للطالب مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة، فكلاهما له دور كبير وإيجابي في عملية التحول والانتقال من فترة الإجازة التي تتميز بالراحة والسهر إلى مرحلة الدراسة التي فيها نظام ومسؤولية والتزام واستيقاظ مبكر، فالمدرسة تلعب دوراً أساسياً في التهيئة النفسية للطلبة وتنمية الاتجاهات الإيجابية تجاهها، وتكوين علاقة بينها وبين الطالب، والتكيف مع البيئة المدرسية، وخصوصاً في الأيام الأولى للطلبة الجدد، حيث تتشكل لدى الطلاب صور وانطباعات أولية عن البيئة المدرسية يحملها معه طوال العام، وتؤثر في شخصيته وسلوكه وتحصيله الدراسي، ولا بد للمعلم في بداية لقائه مع طلابه أن يكوّن علاقة طيبة معهم من خلال الحوار المفتوح في اليوم الأول، ومناقشة أفكارهم، والاستماع إليهم، والتواصل الإيجابي معهم، ليهيئ الطالب لتقبل المادة الدراسية من جهة، ومعلمها من جهة أخرى.

بينما يجب على الآباء تهيئة الطلاب بمساعدتهم على وضع جدول دراسي، ومتابعة ما تعلموه، والتواصل مع المدرسة والاختصاصيين الاجتماعيين للتدخل السريع في حالة وجود أي مشكلة، واختيار نوعية الأكل المناسبة لكل فئة عمرية، بحيث تكون الوجبة صحيّة، إلى جانب تقديم وجبة العشاء لهم في وقت مبكر حتى لا يشعروا بالإزعاج عند النوم، ويجب أن تتكاتف الأسرة مع الإدارة المدرسية في مساعدة الأبناء على التأقلم مع متطلبات اليوم الدراسي، وإظهار الوالدين سعادتهما بقدوم العام الدراسي وليس العكس، حتى لا يؤثر ذلك على نفسية الأبناء، وعدم توجيه اللوم للأبناء الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على درجات مرضية العام الفائت، بل إشعارهم بأنهم على قدر المسؤولية، وأنهم سيكونون أحسن حظاً هذا العام، مع ضرورة أن يكون اليوم الأول في الدراسة يوماً ترحيبياً للطلاب لتعويد الطالب على جو الدراسة بشكل تدريجي.

وفي اعتقادي أن إشراك الأبناء في شراء المستلزمات الدراسية، يجعلهم أحرص على الحفاظ عليها، ويهيئهم لاستقبال العام الدراسي الجديد، وضبط الساعة البيولوجية للطالب من خلال تعويده على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر قبل الدراسة بأسبوع، حتى يتعود عليهما تدريجياً، ويفضل إشراك الأسرة في ذلك من أجل التربية بالقدوة، فلا نأمر الابن بالنوم باكراً، ونسهر نحن أمام التلفاز.

والاستعدادات أيضاً تكون بوضع جدول للدراسة والمذاكرة، حتى وإن كان خالياً من المواد، وبعد استلام المنهج الدراسي يتم إدراج المواد به، ويفضّل أن يجلس الطلاب المستجدون مع الطلاب الأكبر سناً أثناء الحديث عن المدرسة، وسرد القصص المشوقة لهم عن الدراسة، وتعليم الطفل الاعتماد على النفس في ارتداء الملابس وخلعها، وترتيب احتياجاته المدرسية من المساء، وعلى الآباء الحرص على عمل زيارات للمدرسة، والتعرّف على المعلمين، وبناء علاقات معهم.

فلكل مرحلة عمرية استعداداتها، وطريقة التعامل الخاصة بها، فالطفل في المرحلة الابتدائية نتعامل معه بالتوجيه المباشر «اعمل افعل»، أما المراحل الأخرى الإعدادية والثانوية فيكون في مرحلة المراهقة، وهو يريد أن يفرض رأيه، ويمتاز بالعناد، فيجب التعامل معه من منطلق أنك قادر على عمل الأشياء، ولكن عليك اختيار الطريقة الصحيحة.