في الثامن من مارس من كل عام، يحتفي العالم بيوم المرأة العالمي، في مناسبة تعكس نضال المرأة المستمر من أجل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إلا أن المرأة المصرية، رغم مرور أكثر من أربعة عقود على تبني مصر لهذا اليوم، لا تزال تعيش أوضاعًا إنسانية صعبة تعكس تدهور واقعها في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها.
 

احتفال شكلي وواقع مرير
   في حين قدم "المجلس القومي للمرأة" في مصر تحية للمرأة المصرية بمناسبة يومها العالمي، مستقبلاً النساء في مطار القاهرة بالورود، تعاني آلاف السيدات المصريات من ظروف قاسية داخل المعتقلات وخارجها.
إذ يقف العديد من النساء في طوابير طويلة أمام السجون، في انتظار فرصة قصيرة لزيارة ذويهن المعتقلين، ما يعكس تناقضًا صارخًا بين الخطاب الرسمي والواقع الفعلي.

الشابة فدوى خالد بدوي، نجلة المحامية المعتقلة هدى عبد المنعم، عبرت عن مشاعر الفقد والحرمان في رسالة نشرتها عبر "فيسبوك"، مؤكدة أن والدتها التي أنهت عقوبتها قبل عام لا تزال قيد الاحتجاز بسبب قضايا جديدة ملفقة، وهي حالة تنطبق على العديد من المعتقلات المصريات.
http://www.facebook.com/fadwa.k.badawy/posts/10170792981370576
 

حملات إلكترونية وأوضاع حقوقية متدهورة
   أثارت حملة إعلانية لشركة "العربي جروب" في رمضان تعاطفًا واسعًا مع المعتقلات، حيث عبرت هند خالد بدوي، شقيقة فدوى، عن مشاعرها تجاه الإعلان الذي حمل شعار "رمضان يعني ماما"، قائلة إن والدتها محرومة من مشاركة رمضان مع أسرتها منذ سبع سنوات.
http://www.facebook.com/hend.k.badawy/posts/10235093558938209

من جهتها، أصدرت منظمة "الشهاب لحقوق الإنسان" تقريرًا أكدت فيه أن أكثر من 300 امرأة مصرية رهن الاعتقال، بعضهن لمجرد تعبيرهن عن آرائهن السياسية.
كما وثقت المنظمة تعرض النساء المصريات للاختفاء القسري والتعذيب داخل السجون.
http://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1036519498522497
 

الواقع الاقتصادي.. فقر متزايد وأزمات معيشية
   إلى جانب القمع السياسي، تعاني المرأة المصرية من أزمات اقتصادية متفاقمة.
ففي ظل ارتفاع معدلات الفقر، تجد العديد من النساء أنفسهن مضطرات للعمل في مهن شاقة لتوفير قوت يومهن.

صفاء، امرأة أربعينية تعول أسرتها بالعمل في الحقول خلال مواسم الزراعة، تحدثت عن معاناتها في توفير احتياجات أسرتها، في حين تعتمد في رمضان على المساعدات الغذائية.

أما هويدا، فتعمل في تنظيف محتويات الذبائح في مذابح القاهرة، حيث تعود يوميًا إلى منزلها محملة ببقايا اللحوم، لتبيعها مقابل بضعة جنيهات لا تكفي لسد احتياجات أسرتها المكونة من خمسة أفراد.

إحصائيات البنك الدولي الأخيرة رفعت خط الفقر إلى 6.85 دولار يوميًا، ما يعني أن كل من يقل دخله الشهري عن 10,275 جنيهًا مصريًا يُصنف كفقير.
هذا في وقت لم تعلن فيه الحكومة عن معدلات الفقر منذ ست سنوات، ما يعكس حجم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
 

سياسات انتقامية بحق النساء
   ترى الصحفية أسماء شكر أن معاناة النساء المصريات ليست فقط نتيجة لأزمات اقتصادية، بل هي انعكاس لسياسات ممنهجة تستهدف النساء اللواتي لعبن دورًا بارزًا في ثورة يناير 2011.
وتشير إلى أن النظام يمارس سياسات قمعية ضد المرأة، سواء بالاعتقال أو بالفقر المدقع الذي تعانيه ملايين النساء.

أما الكاتبة الصحفية مي عزام، فترى أن معاناة المرأة المصرية ليست منفصلة عن معاناة الرجل، مؤكدة أن أسوأ ما يعيشه المصريون هو الإحساس بالعجز أمام انتهاكات حقوق الإنسان، في ظل غياب العدالة وسيادة القانون.