تشهد الساحة القضائية تصاعدًا غير مسبوق في التوتر بين جموع المحامين ووزارة العدل، على خلفية فرض رسوم جديدة تحت مسمى "مقابل خدمات مميكنة"، ما اعتبرته نقابة المحامين اعتداءً صارخًا على حقوق المتقاضين وتجاوزًا للدستور والقانون.

وفي تحرك نقابي واسع النطاق، نظّم مئات المحامين، صباح أمس الاثنين، وقفات احتجاجية أمام المحاكم الابتدائية في جميع المحافظات، يتقدمها حشد مركزي أمام مقر النقابة العامة بشارع رمسيس في القاهرة.

التحرك جاء تنفيذًا لتوصيات الاجتماع المشترك بين مجلس النقابة العامة ونقباء النقابات الفرعية، برئاسة النقيب العام عبد الحليم علام، الذي أكد أن الرسوم الجديدة "غير دستورية" وتشكل عبئًا جديدًا على كاهل المواطنين الساعين للعدالة، في وقت تتفاقم فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

 

شعارات الغضب: "مش دافعين.. مش دافعين"
رفع المحامون لافتات ورددوا هتافات حملت رسائل سياسية ومطلبية قوية، أبرزها: "يا اللي بتسأل إحنا مين؟ إحنا السادة المحامين للدستور إحنا حاميين"، "قول للقاضي خف شوية.. خد مصاريفك من الميزانية"، "قالوا رسوم قلنا عدالة.. قالوا فلوس قلنا كفاية".

وشدد المشاركون على أن ما يحدث يمثل خطوة أولى لفرض "جباية مقنّعة" على التقاضي، وهي مقدمة قد تفتح الباب أمام سلسلة رسوم مشابهة مستقبلًا، دون حوار مجتمعي أو نقابي حقيقي.

عبد الحليم علام: هذه معركة دستورية.. والإضراب وارد
في كلمته أمام الحشد، قال نقيب المحامين عبد الحليم علام إن هذه الوقفة "ليست مطلبًا فئويًا، بل دفاعًا عن حق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي دون أعباء مالية تعجيزية"، مشيرًا إلى أن النقابة تتحرك في إطار من المسؤولية الوطنية، لكنها لن تتراجع عن حقوقها وحقوق أعضائها.

وحذر علام من أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي، ملمّحًا إلى خطوات تصعيدية قادمة، على رأسها الإضراب العام، ما لم يتم سحب القرار المثير للجدل.

وأوضح أن اجتماعًا موسعًا سيُعقد يوم الأربعاء المقبل مع نقباء النقابات الفرعية في المحافظات، للخروج بتصور مشترك حول خطوات المواجهة القادمة.

كما أعلن عن إطلاق استطلاع رأي داخلي واسع في صفوف المحامين لقياس التوجهات بشأن التصعيد، مؤكدًا أن القرار يتعلق بمصير نحو نصف مليون محامٍ وأسرهم في أنحاء الجمهورية.

 

احتجاجات ميدانية في المحافظات: الغضب يمتد
التحرك لم يكن مقتصرًا على مقر النقابة العامة، بل امتد إلى ساحة كل محكمة ابتدائية تقريبًا، في مشهد نقابي موحّد نادر الحدوث، ما يعكس عمق الأزمة واتساع حالة الرفض في صفوف المحامين.

وقد عبّر المشاركون في مختلف المحافظات عن رفضهم التام للقرار، مؤكدين أنه يمثل انتهاكًا للمادة الدستورية التي تضمن مجانية التقاضي، وأن تكلفة "الخدمات المميكنة" يفترض أن تتحملها وزارة العدل ضمن موازنتها العامة.

 

القضاء الإداري يدخل على الخط.. والنقابة تطعن
تأتي هذه التطورات في أعقاب حكم محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار دعوة الجمعية العمومية الطارئة لنقابة المحامين، وهو ما فجر موجة غضب داخل صفوف النقابة التي أعلنت نيتها الطعن على الحكم أمام هيئة مفوضي الدولة، مؤكدة أنه شابته "عيوب قانونية ودستورية"، وأن النقابة لم تتجاوز القانون بل مارست حقها في الدعوة لتنظيم الصفوف دفاعًا عن مصالح أعضائها.

 

خطوات تصعيدية مرتقبة.. وتحميل وزارة العدل المسؤولية
في بياناتها وتصريحاتها المتعددة، حمّلت نقابة المحامين وزارة العدل المسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأوضاع، معتبرة أن غياب الحوار وانفراد الوزارة بقرارات مالية تمس العدالة والمتقاضين، هو السبب الرئيسي في تفجّر الأزمة. وشددت على أن أية جهود لتحديث العدالة يجب أن تبدأ بتطوير البنية التحتية وتوفير التمويل من الموازنة العامة، وليس من جيوب المحامين أو الموكلين.

وأوضحت النقابة أنها بصدد اتخاذ خطوات تصعيدية متدرجة تشمل: الامتناع عن سداد الرسوم، ومقاطعة بعض الجلسات القضائية، والتلويح بالإضراب العام. وهي خطوات وصفتها النقابة بأنها "مشروعة دستوريًا وقانونيًا"، وتهدف إلى الدفاع عن أحد أهم مبادئ العدالة.

 

شاهد:
https://www.facebook.com/reel/1112014007434124

https://www.facebook.com/EgyLS1912/videos/1221659676089745