بقلم : د / صلاح محمد   دكتوراة فى الفقة الإسلامى


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر هذا الدين العظيم , وهو سفينة النجاة للفرد والمجتمع  ,  فهو من كبريات القضايا ومهمات المسائل، لأن متعلقها إيجاد المجتمع الإسلامي، وإقامة الدين الذي من أجله خلقت البشرية، فحاجة المجتمعات إليها ماسة في سائر العصور، ولو كان مجتمع يستغني عنها لاستغنى عنها مجتمع الصحابة الكرام , ولذلك جاء الشرع آمراً بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر، كما في سورة العصر، وقد بين ربنا فيها أن جنس الإنسان خاسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3]   وبإلقاء نظرة على كتاب الله تعالى يستبين الناظر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان وظيفة الأنبياء الكرام .

ونبينا صلى الله عليه وسلم كانت حياته كلها أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف:  157 ]
وقال جل ذكره في شأن المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:   71 ]
وقال سبحانه في شأن المنافقين: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة: 67 ]
تعريف المعروف: المعروف هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله، والتقرب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات.
تعريف المنكر: والمنكر ضد المعروف ، وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر.
معنى الأمر بالمعروف الدعوة إليه والترغيب فيه وتمهيد أسبابه حتى تتوطد أركانه وتتطرق سبله ويعم الخير به .    
معنى النهي عن المنكر: الصد عنه والتنفير منه ومقاومته وأخذ السبل عليه حتى لا يقع أصلا، أو يتكرر.
من فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القرآن الكريم
خيرية الأمة الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)[ آل عمران :   110]
الفلاح والنجاة في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران : 104 ]
صلاح الأمة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
قال تعالى:(لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )       [ آل عمران : الآيتان : 113 ,  114 ]
من صفات المؤمنين الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [ سورة التوبة : 71 ]
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للنجاة في الدنيا والآخرة:قال تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ)  [  الأعراف :   165 ]
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للنصر والتمكين في الدنيا
قال الله تعالى : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)   [ الحج :  40 , 41 ]       )
من فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السنة النبوية :
الفوز بطاعة الرسول – صلى الله عليه وسلم :
عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) (رواه مسلم
النجاة من عقاب الله , وتفادي عقوبة عدم استجابة الدعاء :                                             وعن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله تعالى أن يبعث عليكم عقابا منه ، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ” أخرجه الترمذي فى سننه وصححه الألباني فى صحيح سنن الترمذي
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا أيها الناس ، إنكم تقرؤون هذه الآية :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه “( أخرجه أبوداود فى سننه وصححه الألباني فى صحيح سنن أبى داود  )
أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر :
وعن أبي سعيد رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر “. ( أخرجه أبوداود فى سننه  الألباني فى صحيح سنن أبى داود )
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:(سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). أخرجه الحاكم فى المستدرك  وصححه الألباني فى صحيح الجامع
نجاة المجتمع :                                                                                      وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا).( رواه البخاري ).
من نماذج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سلطان العلماء العز بن عبد السلام:
الوقوف على سيرة على هذا العالم تبين لنا أي شجاعة كان يتحلى بها؛ ولذلك سمي بسلطان العلماء – كان لسلطان العلماء موقف عظيم يبدو عليه ملامح الصدق ونور الهدى، طلع الشيخ عز الدين بن عبد السلام إلى السلطان في يوم العيد إلى القلعة فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة فهنا وجد أن الناس يقبلون الأرض بين يدي السلطان، فقام العز بن عبد السلام ونهر السلطان نهرا شديدا، وأنكر هذا الفعل من عموم الناس، وقال له: يا سلطان كيف تسمح أن تباع الخمور في البلاد؟ وبدأ يعدد المنكرات، وهذا السلطان من السلاطين الغاشمين الظالمين، وتكلم بقسوة وشدة وتعجب الناس من شجاعته وقالوا: لا بد أن يحل به بلاء، فانتظروا إلى النتيجة، فقال له السلطان في النهاية: يا سيدي -اسمعوا السلطان يقول للعز بن عبد السلام يا سيدي-: هذا أنا ما عملته هذا عمله أبي قبلي، قال له السلطان العز بن عبد السلام -وهو السلطان الحقيقي-: أنت ممن يقول الله فيه: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)[14] فقام السلطان وأصدر أمرا في موقعه بإزالة جميع المنكرات التي تحدث عنها العز بن عبد السلام، أمر بإغلاق الحانات، وأمر بعدم الخضوع بين يديه، وأمر بإزالة المنكرات. 
يقول الباجي: فسألت الشيخ لما جاء من عند السلطان -وقد شاع الخبر- يا سيدي كيف الحال؟ فقال: يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه؛ لئلا تكبر نفسه فتؤذيه. 
العز بن عبد السلام يقول: قصدت لما رأيت أن الناس قد عظموه فعظمت نفسه في يوم العيد أن أهينه، يقول له هذا العالم فقلت له يا سيدي: أما خفته؟ قال: والله يا بني استحضرت هيبة الله فصار السلطان أمامي كالقط. 
السلطان العز بن عبد السلام لما استحضر عظمة الله جل وعلا أصبح سلطان مصر كالقط أمامه، هذا موقف الشجعان، هذا موقف الرجال، واسمعوا إلى القصة الثانية أيضا للعز بن عبد السلام لما نشب الخلاف بين سلطان الشام الملك الصالح إسماعيل وأخيه سلطان مصر الصالح نجم الدين أيوب، فاستعان سلطان الشام على أخيه بالنصارى، وتنازل لهم عن صيدا، وسمح لهم أن يدخلوا الشام ويشتروا الأسلحة، ثم وقف في وجهه العز بن عبد السلام، وخطب في ذلك خطبة، وأفتى بحرمة بيع السلاح على النصارى، وأنكر هذا الأمر لما سمح السلطان في الشام للنصارى بالدخول إلى الشام، وبيع الأسلحة إليهم، وقف العز بن عبد السلام وقفة شجاعة، وخطب خطبة قوية مؤثرة، وأفتى بعدم جواز بيع الأسلحة إلى النصارى، فماذا حدث بعد ذلك؟! 
السلطان يقف أمام سلطان الشام، العز بن عبد السلام يقف أمام سلطان الشام وضد النصارى، فيقوم الخليفة أو الأمير بعزله، ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية -هذه الأساليب قديمة أيها الأخوة- قام بعزله عن الخطبة ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ثم أرسل له وسيطا وقال له: سنعيدك إلى جميع مناصبك على أن تعتذر من السلطان، جاءه بعض طلاب العلم أو المحسوبين على طلاب العلم من أعوان السلطان وقالوا: إن السلطان مستعد أن يعيدك إلى جميع مناصبك فقط يريد منك أن تعتذر، وأن تقبل يده لا غير. ماذا قال؟ فقال: والله يا مسكين -يقول لطالب العلم الذي جاءه- والله يا مسكين ما أرضاه يقبل يدي فضلا عن أن أقبل يده، والله ما أرضاه أن يقبل يدي فضلا عن أن أقبل يده، ثم قال: يا قومي -يقول لهذا العالم ومن معه من طلاب العلم- يا قومي أنتم في واد وأنا في واد، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم، ثم اعتقله السلطان في خيمة بجواره، وفي يوم من الأيام -اعتقله السلطان بجواره حتى لا يأتيه الناس-، وفي يوم من الأيام جاء النصارى لزيارة السلطان الذين أفتى العز بن عبد السلام بعدم جواز بيع السلاح لهم، فقال السلطان في الشام قال للنصارى: أتعلمون من هذا الرجل لما سمعوا قراءته؟ قالوا: لا. قال: هذا العز بن عبد السلام، وقد قام وأفتى بعدم جواز بيع السلاح لكم، وهيج الناس ضدكم فاعتقلته من أجلكم. فقال له النصارى: لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها. الله أكبر ! الله أكبر ! النصارى يقولون يردون على – مع كل أسف – سلطان من سلاطين المسلمين قالوا هذا الذي سمعنا وعرفنا قضيته لو كان قسيسا من قساوستنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقته، فأطرق السلطان وأطلق العز بن عبد السلام. 
الله أكبر أيها الأخوة يقيض الله سبحانه وتعالى للداعية من ينقذه حتى ولو كان من أعدائه، طلبة العلم يأتون إليه؛ ليخضع وليذل يقولون له: قبل يد السلطان، ولكنه يرد عليهم الرد الحازم الجازم كما تعلمون أما غيرهم فلا، النصارى يقولون هذه المقولة العظيمة.عبد الله بن المبارك والفضيل بن عياض 
 وقضية أخرى أيضا من عبد الله بن المبارك، أهديها لكثير من الذين يتصورون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو في الزهادة، والبعد عن الناس، والجلوس في المساجد فقط، اسمعوا ما قاله عبد الله بن المبارك وهو في الجهاد، يقول لأحد العلماء وهو الفضيل بن عياض -على فضله وتقواه- قال له عبد الله بن المبارك: 
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا  *** ………………………………..  
الفضيل كان في الحرم، وعبد الله أين كان؟ كان في الجهاد:يا عابد الحـرمـين لو أبصـرتنا  *** لعلمـت أنـك بالعـبـادة تلعـب 
مـن كان يخـضب خـده بدموعه  *** فنحورنــا بدمائنــا تتخـضب 
أو كـان يتعـب خيله فـي باطل  *** فـخيولنـا يـوم الكريهة تتعـب 
ريـح العـبـير لكم ونحن عبيرنا  *** رهـج السنابك والغـبار الأطيب 
ولقـد أتانـا من مـقال نبـيـنا  *** قـول صحـيح صادق لا يكـذب 
لـا يسـتوي غبار خـيل الله في  *** أنـف امـرئ ودخان نار تتلهب 
هـذا كتـاب الله ينطـق بـيـننا  *** ليس الشـهيد بميـت لا يكـتب
عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
أولاً: ظهور الذنوب والمعاصي وانتشار جميع أنواع المنكرات :
إن السكوت عن قول كلمة الحق أو التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُجَرِّئُ أهل الباطل على نشر باطلهم، ويشجع أهل الفجور على التمادي في فجورهم، ولذلك “فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس .
ثانياً: استعلاء أهل الشر والفساد وسيطرة الأشرار على مقاليد الأُمور:
ومن عواقب التخلي عن أداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ازدياد عدد المنحرفين وأهل الشر والفساد في الأرض، وانحسار عدد الصالحين وأهل الخير والتقى .  قال تعالى : {  وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ  } [البقرة : 251  ]
ثالثاً: انتفاء وصف الخيرية عن الأمة: قال الإمام القرطبي رحمه الله: “قوله تعالى:﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [ آل عمران : 110 ] مدحٌ لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير وتواطأوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببا لهلاكهم”
رابعاً: الهزيمة أمام الأعداء:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت في وجهه أن قد حضره شيء، فتوضأ، وما كلم أحدا، ثم خرج، فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني، فلا أجيبكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم» الديلمي
خامساً: سبب لعنة الله:
عندما ترك بنو إسرائيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعنوا على لسان أنبيائهم، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 79،78].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “﴿كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون﴾ [ المائدة : 79 ] أي كان لا ينهى أحدٌ منهم أحداً عن ارتكاب المآثم والمحارم ثم ذمهم على ذلك ليحذر أن يرتكب مثل الذي ارتكبوه”.
سادساً: نزول العقوبات العامة
كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرا﴾ [فاطر: 45]، فالله سبحانه يعفو عن الكثير من ذنوب عباده بمنه وحلمه وكرمه.
قال سبحانه:﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25].
وفي الحديث «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» الترمذي
سابعاً: عدم استجابة الدعاء:
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ لَتَدْعُوُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَكُمْ ».السنن الكبرى للبيهقي .
ثامناً: الخسران في الدنيا والآخرة: فلقد أقسم الله عز وجل في كتابه الكريم أن كل إنسان في هذه الدنيا في خسارة، إلا من حقق مراتب أربعة ذكرها الإمام ابن القيم عند قوله تعالى: ﴿وَالْعَصْر ِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 1-3].
«مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» أحمد والبخاري والترمذي .                                                                                                تاسعاً: ظهور الفساد في جميع جوانب الحياة (الديني، الاجتماعي، الأخلاقي، السياسي، الاقتصادي، الصحي، الإعلامي . ولذلك قال تعالى :  {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ  } [  البقرة : 251 ]
وصايا عملية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
تذكير المسلمين بصلاة الجماعة عند الآذان .
حث الناس على السماحة , وعدم الغش في البيع والشراء .
تذكير الناس أثناء الحوار معهم على فضيلة الإنصاف , وكلمة الحق.
النهي عن الشتائم والسباب وغير ذلك مما نسمعه في شوارعنا .
دعوة زملاء العمل على الإتقان , و البعد عن الرشوة .
قم بدعوة أهلك وجيرانك للصلاة , وآداب الإسلام .
الحوار والنقاش حول الفهم الشرعي الصحيح لقضايا وأحداث الأمة .
ساهم بكل الصور المشروعة في مقاومة الظلم , ونصرة المظلوم .