د. خالد حمدي


كلما رأيت تَهَاوِي علماء السلطان إلى ما دون الوحل، وتقلب قلوبهم ومواقفهم، قلت في نفسي:


لو بقي علماء الأمة المخلصون في السجون أعمارا فوق أعمارهم، أو لو قطعهم الطغاة إربا إربا، على أن يظلوا نبراسا لنا، وأقمارا تنير طريقنا، وحائط صد أمام طواغيت الأرض للدفاع عن ديننا وعقيدتنا لكان خيرا لهم ولنا...(مع رجائنا طبعا أن يعافيهم الله ويعفو عنهم). 


فثبات العالم رغم سجنه أو قتله أو حتى سلخه ثبات لأمته وليس لشخصه...


رحم الله الراغب النابلسي سلخه العبيديون قبل أن يقتلوه فلم يزد على أن كان يقول مع كل سلخة: "كان ذلك في الكتاب مسطورا"


ورحم الله الشيخ الأودن الذي لم يراعوا كبير سنه ولا غزير علمه حتى أدخلوا عليه كلابهم الجائعة يريدونه أن يخرج إليهم بعدها صارخا متذللا فاستعان عليها بالله فباتت بجواره هادئة وهو يصلي!!


ورحم الله سيد قطب الذي ظلوا وراءه حتى حبل المشنقة يراودونه عن كلمة يقولها تريح طاغيتهم وهو ينظر إليهم من فوق طاولة الإعدام رافضا أن تكتب سبابته أو ينطق لسانه كلمة تأييد لظالم…


وسلام الله على عبدالرحمن البر وحازم أبو إسماعيل وصلاح سلطان وصفوت حجازي وسلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري والطريفي والسكران وغيرهم من علماء الأمة الذين آثروا السجن على أن يذل الدين في شخوص العلماء...


وسلام الله على مئات من العلماء الذين آثروا أن يعيشوا مطاردين مشردين رغم كبر سنهم أو عظم مكانتهم أو تفرقهم عن أهليهم من أجل كلمة الحق. 


وإلى مزابل التاريخ يذهب كل من أهان نفسه، وباع دينه بثمن بخس.


فلن يذكر التاريخ أمثاله، ولو ألَّف ألفَ كتاب.


 واسألوا عمن وقفوا مع السلطان ضد الإمام أحمد:


هل يذكر التاريخ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟