حازم سعيد :
عندما تجد أن من ترأس المخابرات الحربية يوماً ما وتحول بعدها لوزيرٍ للدفاع بهذا الغباء ، لينفذ هذه الخطة التافهة للانقلاب العسكري المسيحي الفلولي الشرطوي البلطجي الفاشل ، لابد أن تقلق على مصير البلد كلها ، وليس المخابرات وحدها ، ولا حتى الجيش .
إذا كان رأس الجيش بكل هذا الكم من الغباء فكيف أطمئن على بلادي ؟ كيف ترأس هذا الخائن الغبي السيسي جهازاً حيوياً كالمخابرات ببلد محورية كمصر ؟ وآسفاه !
بدءاً من الآلية التي اعتمد عليها لتفخيخ المشهد للرئيس مرسي ، ومروراً بمكونات الانقلاب من العناصر المسيحية والشرطوية والفلولية والبلطجية ، والصنيعة المخابراتية التي أطلقوا عليها " تمرد " ، ومروراً بالدعم الخليجي المعلن عنه ، ومروراً بالرتوش النهائية للانقلاب ، وانتهاءاً بالشكل الديكوري الذي بدا عليه السيسي مع بعض ضباط الجيش وجنوده ، وانتهاءاً ببيانات العسكر الملقاة على رابعة " الأحرار " المطلق عليه سابقاً رابعة العدوية ، وسيل الشائعات التافهة ومئات الأخبار اليومية المكذوبة كنوعٍ من الحرب النفسية " المفقوسة - المهروشة " .
دلالات الحرب النفسية بأخبارها وشائعاتها وبياناتها الكاذبة :
هذه الوسائل الخائبة التي اعتمد عليها الانقلابيون الفاشلون تعكس مجموعة من الشواهد ، وتستطيع قراءة عدة دلالات لهما ، ألخص لك بعضها في النقاط التالية :
1. المخاطبات التي وصلت لحد المناشدة من العسكري للشرفاء المعتصمين بأن يعودوا إلى بيوتهم وأن يخلو الأمر من الملاحقات الأمنية ، وأن البلد معطلة بسببهم وأنهم سوف يبوؤوا بوزر هؤلاء المعطلين بسبب اعتصامهم ، هذه المخاطبات تعكس أن العسكري فزع مرتعد خائف من هذا الاعتصام ، ويتمنى أن ينفض بأي صورة ، حتى لو وصل الأمر لمناشدة المعتصمين لفض الاعتصام ، فالعسكري بدا لكل مراقب للمشهد فزع خائف مرتعد مرعوب ، الاعتصام يمثل له نقطة صداع رهيبة وهو حريص على التخلص منها بشتى السبل ، حاول بالقتل والترويع حتى للمصلين العزل ، ثم هو يمارس محاولات من الحرب النفسية والتوجيه المعنوي .
2. بدا العسكري مهيض الجناح عاجز لا يستطيع مع الاعتصام حيلة ، ولا يملك وسيلة لفضه ، أو حتى إخماده وتقليل لهيبه ، سوى بتشويه سمعته في الإعلام وبين رجل الشارع ، تارة بتهمة الجرب ، ومرة بأنهم يتلقون أموالاً ، وأخرى جهاد المناكحات ، ومرة الفتيات السوريات ... الخ ، وبدا أن العسكري قليل الحيلة لا يملك سوى أن يفض الاعتصام نفسه .
3. البيان الأخير للعسكري والخاص بـ " انج بنفسك " وما فيه من تحميل للمقتول وزر أنه المقتول ، نحن أيها الكذابون الأفاكون من قتلتمونا ، أفتنتزعون أنفسكم وتلبسون زي البراءة وأنتم القاتلون السفاحون ، وتلصقون الأمر بنا ، واعجباه !
4. العسكري اعتمد على خطط قديمة ، قدم رجل الكهوف وتان تان وباتمان وسوبرمان ، لقد جاء العسكري بمستشار سوء من مقابر التاريخ ليخدعه هذا الهيكل ، ونعم الاسم على المسمى على الخطة ، هيكل عظمي أعطاهم روشتة تصلح لما قبل الحياة البدائية الأولى ، نسي فيها العسكري أننا في عصر النت والتكنولوجيا والفايبر أوبتك ، ليعتمد مشاهد وآليات وخطط خلاص نسيها الناس وأكل عليها الزمان وشرب ، وأصبح العسكري ألعوبة وأضحوكة وأهزوءة لكل من به مسكة من عقل ، لدرجة أن صبياننا في الإعدادي والثانوي أصبحوا يسخرون منه .
5. أثبتت أخطاء العسكري الرهيبة التي يقع فيها يومياً ، خاصة فيما يتعلق بحرب الشائعات والأخبار المكذوبة والملفقة ثم بحرب البيانات ، أن قدرة الله كبيرة جداً لا تحدها حدود ، فها هم أبناء عصر التكنولوجيا يخطئون مثل هذه الأخطاء نتيجة عمى بصيرتهم .
وهو ما تعززه آيات ربنا الحكيم حين يقول : " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " ، وحين يقول سبحانه : " أم على قلوب أقفالها " ، وحين يقول سبحانه : " إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً " ، وحين يقول سبحانه : " ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون " ، وحين يقول سبحانه " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " ... فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ! سبحانك يا رب العالمين .
6. الخطأ الساذج الذي ارتكبه العسكري في البيان الذي ألقاه السيسي والمونتاج والتلاعب الذي حدث والفضيحة المدوية التي أجبرت المتحدث العسكري على الاعتراف بأن الفيديو المذاع بالتليفزيون المصري ليس هو فيديو البيان ، وأخذ يتلمس مبررات واهية لهذه الفضيحة ، ولست أميل لما ظنه بعض أصدقائي من أنهم تعمدوا إظهار الارتباك ، فأنا على يقين أنهم ليسوا بهذا الذكاء ، بل على العكس تماماً أنا أعتقد أنهم في غاية الارتباك ... لقد أملى الله سبحانه لهم ، ووقعوا في أخطاء عدة متراتبة متتالية ليظهر الله سبحانه حكمته في كونه ... " وأملي لهم إن كيدي متين " . سبحانك .. سبحانك ..
7. البيانات الساذجة التي ذكروا فيها أنهم لن يلاحقوا أحداً أمنياً ، أكدت أننا لو عدنا إلى بيوتنا فستتم ملاحقات أمنية بغزارة ، وكأنهم يقولون لنا : احذروا أن تعودوا لبيوتكم فسنتعتقلكم ونلفق لكم القضايا والأحكام ، كيف صاغ هؤلاء الأغبياء مثل هذه البيانات ؟ ! ناس أقسموا يمين الولاء لرئيس الجمهورية ثم ينقلبون عليه ويغدرون به ، ثم يقتلون الأبرياء أثناء الصلاة ، ثم يلفقون القضايا لقادتنا ورموزنا وأبنائنا وشبابنا ... ثم يقولون لنا لن نلاحقكم والله على ما نقول وكيل ! كيف يتوقع هؤلاء أننا نحن أبناء عصر التكنولوجيا والنت ونحن من ذقنا عشرات السنين الويلات على أيديهم وتمرسنا وكونا خبرات وقناعات وثقافات ، كيف يتوقع هؤلاء أن نصدقهم ؟ ! أحد أمران : أن يكون ظن هؤلاء وتقييمهم لنا أننا سطحيين سذج ، وهذا يثير عندنا التحفز أننا لن نطاوعهم ، ولن نرضى بأقل من تعليقهم على أعواد المشانق أو إعدامهم رمياً بالرصاص .
الأمر الثاني : أن يكونوا أغبياء سذج فاشلون ، وهذا ما أعتقده وأجزم به .
8. لا يعرف العسكري أننا نحن جيل تمرس على فنون خداعهم ، تماما ًكما تمرس على قصص وأفلام السينما الأمريكية والهندية كمان ، وأنه لم يعد بإمكانهم الضحك علينا أو خداعنا ، فحين ينشر بيننا شائعات سلبية أو إيجابية فإننا نقيمها ونفترض لها الحلول والسيناريوهات ونعارضها بعضها ببعض ، كما أن لنا مصادرنا من الداخل والخارج الذين يعززون السيناريوهات أو يضعفونها ، وأن من بيننا الأذكياء النجباء ، إن من بيننا تشكيلة من شرائح المجتمع هي الأذكى من نوعها ، ولقد تفضلت النظم السابقة التي كان على رأسها هذا العسكري الغبي .. تفضلوا جميعاً علينا بعدد من الإحباطات على مدار ستين سنة أوصلتنا لحالة من اللياقة النفسية والذهنية ما تجعلنا نمتص الإحباطات ونرتقي عليها ، كما أننا نقيم كل حدث بقدره ونقيس الأمور بمقاييس جادة عاقلة ، ونضع كل أمر في نطاقه الصحيح ، مصداقاً لقول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : " لست بالخب ولا الخب يخدعني " ... ومما وضعناه في النطاق الصحيح أننا لن نبرح الميادين بأي حيلة أو وعود أو ترغيب أو ترهيب إلا ورئيسنا الشرعي محمول على الأعناق موجود بسدة الحكم بدون قيد ولا شرط .. وإلا فالموت دون ذلك .. والموت في سبيل الله أسمى أمانينا .
9. الأخطاء الساذجة والتي بدأت بعدم القدرة على قراءة المشهد من الأول ، وتبعها قراءات خاطئة لنتائج تفخيخ المشهد على مدار سنة وإحداث أزمات معيشية للمواطنين ، وكذلك إعلام مسموم يشتم ليل نهار .. كل ذلك مقدمة تقود إلى منظومة كاملة من العمل الانقلابي الفاشل ، تبعها الآن منظومة كاملة من الحرب النفسية والتوجيه المعنوي الهابط .
نقطة واحدة في المشهد تكفي للحكم على سذاجة العسكري في أنه لم يفرق في قياساته بين حزب الكنبة والمنبطحين والغثائيين الذين لا يشاركون في أي مشهد مهما كان قدره أو قيمته ، وبين القوى نصف الفاعلة في الشارع المصري والتي تشارك في الانتخابات والاستفتاءات وتساهم في صياغة جزء من المشهد . كذلك لم يفرق بين تلك القوى نصف الفاعلة وبين القوى الفاعلة التي تشارك في الثورات وتحدث خلخلة في النظم والبنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهي القوى التي تبتنى على الثورات وتؤخذ على أساسها قرارات التصعيد أمام الأنظمة من عدمها . هذه غير تلك غير أولئك ، كل شريحة لها قيمتها ووزنها في كل قرار ، ولكن في قرار الثورات والانقلاب لا تعويل إلا على الأخيرة التي عددها - أزعم أنه تحت سقف العشرة مليون فقط -
ذلك الفشل الذريع في تقييم الموقف من البدء قاد العسكري وبسرعة صاروخية إلى حافة هاوية فشل الانقلاب الذي أوشك أن يكون ويأتي في خلال أيام .. وليس هذا تألٍ على الله سبحانه - وما كان لي أنا العبد الضعيف أن أفعلها - إنما هي قراءة لسنن الله في الكون وفي الحياة ، كما أنها ليست أماني أو أحلام ، فالأماني والأحلام هي للكسالي والنائمين والغافلين ، أما نحن المجاهدين فإنها قراءات للواقع وطموحات نعمل لها ونجاهد من أجلها ونوشك أن نبلغ إن شاء الله وبفضله وكرمه هدفنا وغايتنا ..
نصرنا على الانقلابيين الفاشلين يوشك أن يكون قريباً يتبعه حياة حرة كريمة ، أو شهادة في سبيل الله هي الموتة الشريفة ، لننعم بإحدى الحسنيين .. ويا حبذا لو كانا معاً .. وما ذلك على الله بعزيز .. وإن غداً لناظره قريب ... نعم يا رب .. قريب .. وقريب جداً إن شاء الله ..
----------
[email protected]