حازم سعيد :

 

هذه المقالة التي أحاول الإيجاز فيها أعبر بها عن رأيي الشخصي الانفعالي بعد واقعة اعتقال النشط الإسلامي أحمد عرفة عضو جبهة " حازمون " ، وهي الجبهة المؤلفة من أنصار ومريدي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ، الذي " دوخ " الداخلية والأمن والإعلام على مدار الأسبوعين الماضيين ، وأعتبره – شخصياً – من رجال المرحلة ومجاهديها هو وجبهته ورجالها الأبطال .
 
أنا مش فاهم حاجة
لقد قمنا بثورة سالت فيها دماؤنا ، وقتل فيها شهداؤنا ، وبلغت النفوس فيها الحلقوم ، وظن المؤمنون أثناءها الظنون ، حتى كتب الله لها التوفيق .
كان من أهم محركي تلك الثورة انتهاكات حقوق الإنسان وأقسام الشرطة والبوليس ، والداخلية ، من اعتقالات وضرب وسجن وتعذيب ، وطريقة تعامل لا آدمية مع المواطنين .
بل كانت هذه هي الشرارة الأهم فى إطلاق إشارة البدء للثورة ، بعد سنين من الاعتقالات والقتل والحبس والتشريد والحرمان من الوظائف والحوادث والأمراض والأوبئة والفقر .. كلها ساهمت فى تفجير هذه الثورة .
لتنطلق الثورة تحت شعار : عيش – حرية – عدالة اجتماعية ، بما يعنى كرامة المواطن وحقه فى الحياة الكريمة وعدم اقتحام بيوته أو خلواته أو انتهاك أهله أو ذويه .
ثم تأتينا الثورة برئيس من الإخوان الذين هم أشد من عاني ويلات سنين الفساد الثمانين ( وليس الثلاثين ) ليستبشر الناس خيراً ، وتمضي الأيام مبشرة بدستور جيد وحالة من المؤسسية والتداول السلمي للسلطة ومبشرات بحياة كريمة وحرية وعدالة .. الخ .
ليأتي ليل الأمس بخبر محير عجيب غريب مريب ، يجعل الحليم حيراناً ، والخبر فى ذاته عن الاعتقال قد لا يمثل مشكلة إذا كان المعتقل مداناً فى جريمة ارتكبها ، أما أن تعتقل ناشطاً سياسياً ، وبهذه الطريقة التي سوف أترككم تشاهدونها فى الفيديو المرفق فى آخر المقال ، فهو الأمرالذي يجعلنى ( مش فاهم حاجة ) .
هل قمنا بثورة ؟ هل خلعنا الطواغيت وألقينا بهم فى السجون ؟ هل يرأسنا رئيس من الإخوان ؟ هل يحكم الحرية والعدالة ؟ أسئلة لا أجد لها إجابة مع الآلية التي تم بها اعتقال الناشط الإسلامي أحمد عرفة فى ليلة الأمس .
 
رسالة إرهاب من كيان يحتاج لتطهير
هذا الاعتقال يأتي فى سياق الوقفة الرجولية الجهادية للشيخ حازم وأنصاره ، وهي الوقفة التي أرهبت وأرعبت العلمانيين وفلول النظام السابق ومجرمي الفضائيات والتوك شو ، حين حاصر الشيخ مدينة الإنتاج الإعلامي ، وحين " لاعبهم " بحيلة حصار قسم شرطة الدقي رداً على حجتهم الواهية فى ترك الشيخ المحلاوي محاصراً لمدة ست عشرة ساعة متواصلة ومعه أطفال ونساء بأنهم لا يملكون المعدات والتجهيزات الكافية ، فكان ما كان بعد تلويح الشيخ حازم بحصار قسم الدقي من ظهور معدات وجنود وترسانة تصلح للحروب الخارجية وليس لتأمين الداخل وفقط ، فى فضيحة سيسجلها التاريخ على هذه الداخلية المتآمرة .
والطريقة التي جرى بها الاعتقال ، من كسر أبواب ودفع نساء عجائز ( أم أحمد عرفة ) وإيقاعهن أرضاً وهن العجائز المريضات ، ما هي إلا رسالة تهديد واضحة من الداخلية المتآمرة ، للشيخ حازم وأنصاره ، أن الاعتقالات كما هي وأن الثورة لم تقم ، وأن الداخلية ستتعامل بطريقتها التقليدية العقيمة التي تسببت فى ثورة من قبل أزهقت فيها أرواح شريفة وقتلت فيها نفوس مؤمنة وقضى فيها أبرياء أطهار ، وسالت فيها دماء نقية.
وكذلك فإنها رسالة استفزاز بينة ، يستفزون الإسلاميين وأنصار الشيخ حازم لإحداث عنف وفوضى واضطراب من جهة ، ويحاولون إحداث فتنة بين الإسلاميين وفرقة من جهة أخرى لأن الرئيس الإخواني اعتقل أحد أنصار اتجاه سلفي ، وهي محاولة خبيثة مفضوحة بإذن الله ، والوحدة الحاصلة الآن بين الإسلاميين إلى استمرار بإذن الله وليغتاظ المنافقون .
والداخلية بهذا الحدث تؤكد أنها تحتاج لتطهير شامل كامل ، من الرأس إلى أخمص القدمين ، إنه جهاز تربى على موروثات عفنة ، ونشأ وتغلغل فى ظل الفرعونية والديكتاتورية ، وقام منهجه على التغول والسيطرة والانتهاك لكرامة الإنسان وحريته . وقديماً قيل : من شب على شئ شاب عليه ، وهؤلاء شابوا على هذا العنف الممنهج ، وهذه الحماقة فى التعامل مع كرامة الإنسان .
لذا فإن الحل هو فى اجتثاث الرؤوس الفاسدة جميعاً بلا رحمة ولا هوادة ، وسأشطح فى الرأي وأقول لو لزم الأمر لأن تزيل كل صف اللواءات والعمداء وحتى العقداء وتبدأ من المقدمين أو من يلونهم من نقباء أو ملازمين أوائل وتقود بهم الجهاز فى ثورة تصحيح شاملة .
مع قبول دفعات من دارسي الحقوق فى دورات تأهيلية لاستبدال هذه العمالة العفنة التي تتمتع الداخلية بوفرتها وغزارتها .
 
الدولة العميقة ..
يثبت هذا الحدث وما سبقه من أيام تغول الدولة العميقة ، وانتشار الفساد الذي تجذر فى كل مؤسسات الدولة على مدار ثلاثين سنة .
وما حادثة رفع الأسعار قبل المرحلة الأولى للاستفتاء بساعات إلا مصداق لهذا التغول ، وما أحداث النائب العام وإجباره على الاستقالة وحصار مكتبه من فلول وكلاء النيابة المجرمين الذين مارسوا نوعاً من البلطجة لم يخطر بذهني فى يوم من الأيام أن رجال القضاء ، أو مشاريع رجال القضاء يمكن أن ينحوا هذا المسلك أبداً . أقول : أن أحداث النائب العام هو تأكيد لذلك التغول وتلك الدولة العميقة .
نفس الكلام يمكنك أن تطلقه على الجهاز الإعلامي الذي يعجز الوزيرالإخواني أن يتصرف معه من كثرة واتساع وعمق وغزارة القواعد الفلولية التي تملأه ، حتى أن مذيعة تخرج على القناة الرسمية الثانية للدولة فى الجهاز الذي يرأسه الوزير الإخواني ، لتشتم فى الرئيس الإخواني لمدة تسع وعشرين دقيقة متصلة قبل أن يضم إرسال هذه القناة إلى الأولى الرسمية لأنهم عجزوا عن إيقاف بث البرنامج ذاته لمدة نصف ساعة ؟؟؟؟
وحادثة اعتقال أحمد عرفة التي نتحدث عنها والتي يقال أن القاضي الذي أصدر قرار الاعتقال هو نفسه الذي أخلي سبيل مجرمي الاتحادية ، فى صورة لممارسة قضائية تضعني فى موقف المرعوب من عدم تطبيق النصوص التي نتحدث عنها فى باب الحقوق والحريات بالدستور الجديد ، لأن القائمين على التطبيق فاسدون .
ويا للفاجعة ، فلقد حدثني صديق ممن يعمل بقصر الرئاسة أن القصر به كثير من الموظفين الذين يشتمون الرئيس مرسي ، وأنهم من الفلول ، وهي الفاجعة الكبرى ، والمصيبة التي لم أرر مبرراً ولا صالحاً للسكوت عنها من قبل صديقى وحبيبي الذي يسكت " حتى لا يقطع عيش هؤلاء الفلول " !!!
فساد متجذر متغلغل فى كل الوحدات والأجهزة حتى أنه وصل لقصر الرئيس ، وفى عمق واتساع يفوق الإدراك .
 
إظهار الرئيس بمظهر المغلوب الضعيف
وكأن أتباع تلك الدولة العميقة يريدون أن يظهر الرئيس فى مظهر المغلوب على أمره ، يعزز هذه الرؤية ما أراه ليل نهار على صفحات المواقع والوكالات الإخبارية الشاتمة فى الرئيس ، من مقالات وتندرات على قرارات تتخذ ثم يتم الرجوع عنها ، فى تخديم إعلامي واضح على فكرة يراد لها أن تنتشر بين الناس .
ورفع الأسعار قبل الاستفتاء بساعات يوصل هذه الإشارة ، ورد فعل الرئيس الذي اكتفى بإلغاء القرار وتحويل الأمر للجان تناقشه بعد إقرار الدستور ، مع عدم عزل المخطئ أو على أدنى الدرجات تحويله للتحقيق ، يؤكد توصيل هذه الإشارة للناس.
حصار الشيخ المحلاوي ومسجد القائد إبراهيم لمدة ست عشرة ساعة متواصلة ومعه مائة وخمسون من النساء والأطفال دون أن تحرك الداخلية التي هي مرؤوسة للرئيس يعمق وصول هذه الإشارة للناس عن ضعف الرئيس .
إجبار النائب العام الذي عينه الرئيس بقرار جرئ على الاستقالة يؤكد وصول هذا المضمون لعموم المواطنين .
عدم تعاون وكلاء النيابة ومحاميي العموم مع النائب العام للتحقيق فى قضايا الفساد وقتل الشهداء ، مع عدم تحريك أي دعوى يتقدم بها أي أحد انتصافاً لرئيس الجمهورية ضد هوجة الهجوم والشتم المتواصل إزاءه ، وعدم اتخاذ الرئيس نفسه أي قرار فيما يتعلق بشتيمته وسبه ، كلها تصرفات وأفعال تعزز وصول معنى ضعف الرئيس للمصريين .
أثق تماماً فى حكمة الرئيس مرسي ، وصبره وطول نفسه ، هو ومن يعاونه ويشير عليه ، ولكني هنا أنقل نبض الآلاف من جنوده وأتباعه ، والملايين من عموم المصريين ، الذين لا يفهمون هذه الحكمة ، ولا يقدرون عدم لجوء الرئيس إلى الاستثناء والتغول والتفرعن مع قومٍ لا يفقهون الحكمة والصبر ، ويعتبرون كل ذلك ضعف وقلة هيبة ، ويرسخ الإعلام المأجور ذلك بين الناس .
ولكن ها هو الاستثناء قد تم يا سيادة الرئيس على يد أحد أجهزتك التابعة لك ( الداخلية ) ، بالتعاون مع قاضٍ لا أحسبه عادلاً ، يقال أنه هو ذاته الذي أفرج عن كل مجرمي وبلطجية الاتحادية وأخلى سبيلهم رغم شهداء الإخوان العشرة الأبرار .
 
قرارات جريئة وعزل الوزراء المخطئين
يا سيادة الرئيس مرسي .. لابد من قرارات جريئة شجاعة ، ونحن جندك وسندعمك وسنكون وراءك بدمائنا وأموالنا وأنفسنا وأزواجنا وأولادنا وما نملك فى هذه الحياة . هكذا يتحدث أتباعك وجنودك ومريدوك .
مثلاً : الوزير الذي قام برفع الأسعار دون مشاورة وفى توقيت بالغ الحرج، وفى توريط واضح لك ، وفى استفزاز صريح للناس حتى يعارضوك ويجيبوا على الاستفتاء برفض الدستور ، لم يكن هناك أقل من أن تعزل هذا الوزير ، وإن لم يكن هو المتورط وحده كان ينبغي أن يحاسب كل من تورط معه ، ولو وصل الأمر لإقالة الحكومة بالكامل ، وهذا الأمر جدير بجلب إقبال الناس عليك وتأييدهم لك .
نفس الموقف مع وكلاء النيابة الهمج الذين اعتدوا على النائب العام وحاصروا مكتبه حاملين أسلحتهم ، لم يكن أقل من عزلهم وتحويلهم للمحاكمة بتهمة البلطجة وسحب تراخيص أسلحتهم وسجنهم .
أيضاً .. حين حوصر مسجد القائد إبراهيم وتواطأت الداخلية ضد تأمينه تلك المدة الطويلة ، لم يكن هناك بد من عزل الوزير المخطئ هو وكل القيادات التي تليه وشاركت فى هذا التواطؤ .
يتكرر الأمر اليوم باعتقال الشريف أحمد عرفة ، فهل تتعامل مع الوزير والقيادات المخطئة بالشدة والحزم والعزل هو آكد ذلك كله ، هذا مضمون قرار يتمناه كل أنصارك وجنودك ومريديك . ويفتدونك ويمنعون الافتئات عليك إن اتخذته ، فهل تتخذه ؟!
----------------

رابط والدة المعتقل تحكي كيف تم اعتقاله :

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=zrjGN-cwQFI