منذ أكثر من ثماني سنوات، تعيش أسرة من أطول وأقسى مآسي الإخفاء القسري في البلاد، مع استمرار اختفاء الشقيقين أحمد محمد السيد محمد السواح وأسامة محمد السيد محمد السواح منذ لحظة اعتقالهما في 13 فبراير 2018، دون أن تعلن السلطات حتى اليوم عن مكان احتجازهما أو مصيرهما، رغم البلاغات الرسمية والأحكام القضائية الصادرة في قضيتهما.
اعتقال بلا أثر
في ذلك اليوم من فبراير 2018، داهمت قوات الأمن مسكن الشقيقين بمدينة نصر بالقاهرة، وقامت بالقبض عليهما واقتيادهما إلى جهة غير معلومة.
أحمد السواح، طالب بكلية الطب في جامعة الأزهر، كان في السادسة والعشرين من عمره، بينما كان شقيقه الأصغر أسامة، طالب الهندسة في الجامعة الكندية، يبلغ من العمر 23 عامًا. منذ تلك اللحظة، انقطعت أخبار الشقيقين تمامًا، ولم تتمكن أسرتهما من معرفة مكان احتجازهما أو التواصل معهما بأي صورة.
إنكار رسمي رغم الأحكام القضائية
عقب الاختفاء، سارعت الأسرة إلى اتخاذ المسارات القانونية، وقدّمت عدة بلاغات رسمية إلى الجهات المختصة، كما أقامت دعويين أمام محكمة القضاء الإداري حملتا الرقمين 49051 و49067.
وصدر في الدعويين حكم قضائي صريح يُلزم وزارة الداخلية بالكشف عن مكان احتجاز الشقيقين أو الإفصاح عن مصيرهما.
ورغم وضوح الأحكام، تؤكد منظمات حقوقية أن وزارة الداخلية، ممثلة في وزيرها اللواء محمود توفيق، ما زالت تنكر مسؤوليتها عن اعتقال الشقيقين، وترفض الإفصاح عن أي معلومات، أو عرضهما على جهات التحقيق، في تحدٍّ صريح لأحكام القضاء ولأبسط ضمانات العدالة.
جريمة مكتملة الأركان
وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومؤسسة جِوار، ومنظمة عدالة لحقوق الإنسان، وشهاب لحقوق الإنسان استمرار جريمة الإخفاء القسري بحق الشقيقين السواح، معتبرة أن ما جرى يمثل انتهاكًا جسيمًا للدستور والقانون الدولي، والاتفاقيات المعنية بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري.
وتؤكد هذه المنظمات أن إنكار احتجاز الشقيقين، وعدم عرضهما على أي جهة تحقيق، يرقى إلى جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، تتحمل مسؤوليتها القانونية وزارتا الداخلية والنيابة العامة، بوصفهما جهتين ملزمتين بحماية الحق في الحياة والسلامة الجسدية، وضمان سيادة القانون.
ثماني سنوات من الانتظار
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عادت قضية الشقيقين السواح إلى الواجهة باعتبارها نموذجًا صارخًا لمعاناة مئات الأسر المصرية التي تعيش على أمل معرفة مصير أبنائها المختفين قسرًا.
ثماني سنوات مرّت دون مكالمة هاتفية واحدة، أو رسالة، أو خبر رسمي يطمئن الأسرة، في ظل صمت رسمي مطبق.
وترى منظمات حقوقية أن استمرار الحديث عن هذه القضايا ليس عبثًا، خاصة مع ظهور بعض المختفين قسرًا بعد سنوات طويلة من الغياب خلال الفترة الماضية، ما يعيد الأمل للأسر بأن كشف المصير ممكن مهما طال الزمن.
استغاثة أم تبحث عن إجابة
في وقت سابق، أطلقت والدة الشقيقين استغاثة مؤثرة، طالبت فيها جميع الجهات الرسمية والمجتمع المدني بالتدخل العاجل لكشف مصير نجليها.
وأكدت الأم أنها لم تسمع صوت أبنائها ولم ترهم منذ لحظة اعتقالهم، قائلة في رسالتها: "بحثنا عنهم بكل الطرق ولم نتمكن من الوصول إليهم… نحن نموت كل يوم ألف مرة".
وتساءلت عن سبب احتجاز أبنائها دون عرضهم على النيابة أو الإفراج عنهم إن لم تكن هناك تهم موجهة إليهم، مشيرة إلى أن أحلامهم ومستقبلهم يضيعان في المجهول، رغم قدرتهم على خدمة المجتمع كطبيب ومهندس.
مطالب واضحة ومسؤولية قانونية
حمّلت الشبكات الحقوقية النائب العام ووزير الداخلية المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة وحياة الشقيقين، وطالبت بـ: الكشف الفوري عن مكان احتجازهما، وتمكينهما من التواصل مع أسرتهما ومحاميهما، وإخلاء سبيلهما فورًا حال عدم وجود سند قانوني لاحتجازهما، وفتح تحقيق جاد ومستقل في جريمة الإخفاء القسري الممتدة منذ عام 2018.

