دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم، سلطات الانقلاب إلى إلغاء الحكم الصادر ضد الاقتصادي البارز عبد الخالق فاروق، الذي حُكم عليه في 2 أكتوبر 2025 بالسجن خمس سنوات بسبب مقالات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما اعتبرته انتهاكًا لحقه في حرية التعبير وحقه في محاكمة عادلة.
ومن المقرر أن تنظر محكمة استئناف في قضيته في 25 ديسمبر، وذلك بد أن أدانته محكمة جنح بتهمة "نشر أخبار كاذبة" بموجب قانون العقوبات لانتقاده السياسة الاقتصادية المصرية وادعائه وجود فساد حكومي.
انتهاك حق فاروق في حرية التعبير
وقالت المنظمة، إن السلطات المصرية انتهكت حق فاروق في حرية التعبير وحقه في محاكمة عادلة، بما في ذلك حقه في محاكمة نزيهة. وهو محتجز حاليًا في ظروف تثير القلق على صحته، وقال إنه يتعرض لسوء المعاملة.
وقال عمرو مجدي، باحث أول في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "ملاحقة خبير اقتصادي بارز بناء على كلامه وتحليلاته فحسب تعكس المستوى الخطير للقمع في مصر اليوم، وتجعل من البحث الاقتصادي والنقاش الفكري أفعالاً إجرامية".
وأضاف: "على السلطات أن تفرج فورا عن الدكتور فاروق، الذي يمثل سجنه الطويل أحدث حالة تستهزئ فيها الحكومة المصرية بضمانات حرية التعبير والحق في محاكمة عادلة".
وقالت زوجة فاروق، نجلة سلامة، إن قوات الأمن داهمت منزلهما في القاهرة في 20 أكتوبر 2024، واعتقلته، وصادرت هاتفه، وحاسوبه المحمول، ومسودات كتاباته غير المنشورة. كما صادرت حاسوبها المحمول وهاتفها ولم تعدهما.
وقبل يومين من اعتقاله، كتب فاروق منشورًا على "فيسبوك" بعنوان "سرقة القرن"، جمع فيه 40 مقالاً له عن مواضيع اقتصادية شملت تدخّل الجيش في الاقتصاد المدني وتعاملاته التجارية غير الشفافة.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إنها راجعت مجموعة مختارة من منشورات فاروق ووجدت أنها تنتقد عبدالفتاح السيسي ومسؤولين آخرين والجيش المصري.
وعلى الرغم من أن السلطات اعتقلت فاروق مرات عدة في السابق بسبب كتاباته، قالت زوجته إن ظروف احتجازه الحالية في مجمع سجن "العاشر من رمضان" هي "الأسوأ على الإطلاق".
وقالت إنه محتجز في عزلة شبه تامة، محبوسا في زنزانته 23 ساعة في اليوم مع سجينين آخرين. يُسمح له بقضاء ساعة واحدة خارج زنزانته لكن في مكان مغلق بدون ضوء الشمس، ويُحرم من أي اتصال ذي مغزى مع الآخرين.
النيابة تستجوب فاروق بشأن كتاباته
وبعد اعتقال فاروق، استجوبته النيابة العامة لأمن الدولة بشأن كتاباته التي تعود إلى سنوات عدة، حسبما قالت زوجته ومحاميه. واتهمته السلطات بموجب المادة 80(د) والمادة 102 مكرر من قانون العقوبات المتعلقة بـ"إذاعة بيانات كاذبة"، حسبما قال محاميه نبيه الجنادي. استُخدمت هاتان المادتان لتجريم التعبير السلمي، بحسب "هيومن رايتس ووتش".
ومنذ اعتقال فاروق، حبسته السلطات احتياطيًا دون كفالة. وثّقت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات المصرية تفرض منذ 2013 حبسًا احتياطيًا مطولاً غير مبرر لمعاقبة المنتقدين وقمع المعارضة.
وأجرت السلطات جلسات تجديد الحبس الاحتياطي لفاروق عن بعد عبر نظام فيديو دون إحضاره فعليا أمام القاضي. نظام الجلسات عن بعد المستخدم على نطاق واسع في السنوات الأخيرة يؤدي إلى تفاقم انتهاكات الحبس الاحتياطي، في انتهاك للقانون الدولي.
ولم تخطر "محكمة جنح الشروق"، وهي محكمة ابتدائية للجُنح (الجرائم البسيطة)، وكلاء فاروق رسميا بجلسة الاستماع الأولى في 25 سبتمبر، ومنعتهم من الاطلاع على ملف القضية الذي يبلغ حوالي 500 صفحة، حسبما قال محاميه. أصدرت المحكمة الحكم بالسَّجن خمس سنوات في الجلسة الثانية دون السماح بدفاع جاد. قالت زوجة فاروق إن الأخير لم يعلم بالحكم إلا في 7 أكتوبر ، عندما كانت تزوره.
مخاوف بشأن الإجراءات القانونية
وكان الاستئناف قد أثار أصلاً مخاوف بشأن الإجراءات القانونية الواجبة. وقال محاموه إن محكمة الاستئناف سمحت لهم بقراءة ملف القضية في المحكمة لفترة وجيزة فقط، لكنها لم تسمح لهم بنسخه لمراجعته.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن على السلطات المصرية الإفراج فورًا عن فاروق وجميع السجناء الآخرين المحتجزين لممارسة حقهم في حرية التعبير، بمن فيهم الباحث إسماعيل الإسكندراني والرسام أشرف عمر.
وقال مجدي: "محاكمة الدكتور فاروق ما هي إلا أحدث قضية تسعى فيها السلطات المصرية إلى فرض عقوبة بالغة القسوة على منتقدي حكومة السيسي وسياساتها. مثل هذه الانتهاكات لا تخنق حرية التعبير في البلاد فحسب، بل تحرم المجتمع المصري من القدرة على تمحيص السياسات الاقتصادية للحكومة في ظل انتشار الفقر والأزمات الاقتصادية".

