تتصاعد وتيرة الجدل والغضب على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، بعد تداول معلومات واتهامات خطيرة تتعلق بملف أرض نادي الزمالك بحدائق أكتوبر، وصلت حد الحديث عن إهدار مئات الملايين من أموال البنوك والشركة القابضة للنقل، وعلاقة مسؤولين نافذين في الدولة بهذه الصفقات. وبينما أعلنت النيابة العامة أنها تحقق في شبهات فساد وإهدار مال عام مرتبطة بالمشروع، يرى ناشطون أن القضية تمس شبكة مصالح متداخلة بين مسؤولين حكوميين ورؤساء بنوك، في نموذج فاضح – بحسب وصفهم – لكيفية إدارة الأصول العامة في ظل حكم الانقلاب العسكري.
المنشور المتداول المنسوب لبيان رسمي أوضح أن القضية تتعلق بشبهات فساد وإهدار مال عام في أرض نادي الزمالك بحدائق أكتوبر، بسبب ضعف الالتزام باشتراطات البناء وبيع مبانٍ قبل إنشائها، مع تأكيد أن النيابة العامة تباشر التحقيقات بجدية عبر لجان متخصصة، وأن النتائج ستُعلن قريبًا.
800 مليون جنيه من أموال البنوك؟ أسئلة حادة على السوشيال ميديا
الموجة الأوسع من الغضب فجّرها ما كتبه حساب @moh1357901 على منصة "إكس"، متسائلًا عما إذا كانت الشركة القابضة للنقل – التابعة لوزير النقل كامل الوزير – منحت الزمالك 200 مليون جنيه، وبنك مصر 200 مليون جنيه، وبنك CIB 200 مليون جنيه، والبنك الأهلي 200 مليون جنيه، بإجمالي 800 مليون جنيه، "ثمن وحدات في أرض أكتوبر"، واصفًا هذه الأموال بأنها "فلوس الشعب المصري المظلوم المديون".
هل صحيح إن
— #انسان مصرى. (@moh1357901) December 14, 2025
الشركة القابضة للنقل التابعة لوزير النقل كامل الوزير أعطت #الزمالك 200 مليون جنيه وبنك مصر (عكاشة ) 200 مليون جنيه cib 200 مليون جنيه (الجنايني) والبنك الأهلى 200 مليون جنيه
( الأتربى) يعني 800 مليون ؟
ثمن وحدات في أرض اكتوبر ؟
فلوس الشعب المصري المظلوم المديون.
التساؤلات ذاتها كررها حساب ياسين @yasseinkerem الذي تحدث بصراحة عن أن "أرض البلد اللي سموها أرض الزمالك" تشهد ما وصفه بـ"فساد فاجر"، متهمًا الفريق كامل الوزير بالمشاركة في ضخ 200 مليون جنيه من المال العام، إلى جانب قيادات بنكية مثل محمد الأتربي وعمرو الجنايني وعصام عكاشة، معتبرًا أن "البلد خربانة تكية".
الموضوع ببساطه ف ارض البلد اللي سموها ارض الزمالك وخوف اي موقع او قناه اعلاميه يعملوا تحقيق مهني عن القصه ان الباشا كامل الوزير مشارك ف الفساد الفاجر دا وعطي الزمالك ٢٠٠ مليون من دم الشعب المصري ومشارك ف شراء الارض مع عصابه البنوك محمد الاتربي والجنايني وعكاشه وبلد خربانه تكيه
— 🇨🇴 🏴 🇳🇴🇪🇸🇵🇸🦅 yassein kerem (@yasseinkerem) December 11, 2025
هذه الأسئلة، وإن ظلت في إطار الاتهامات المتداولة التي تحتاج لتأكيد أو نفي رسمي موثق، تعكس فقدانًا شبه كامل لثقة قطاعات واسعة من الجمهور في منظومة إدارة المال العام، خاصة عندما يتعلق الأمر بنادٍ جماهيري كبير كـالزمالك، وبأراضٍ ذات قيمة عقارية هائلة في حدائق أكتوبر.
اتهامات بتورط مسؤولين نافذين وحسابات شخصية
حساب أيمن الرفاعي @aymanelrefaee1 نقل عن لاعب الزمالك السابق تامر عبد الحميد ما يفيد – بحسب ما ورد في التغريدة – بأن المبالغ التي حصل عليها الزمالك من البنوك والشركة القابضة جاءت كالتالي:
200 مليون جنيه من شركة كامل الوزير القابضة،
200 مليون جنيه من بنك CIB (عمرو الجنايني)،
200 مليون جنيه من البنك الأهلي (محمد الأتربي)،
200 مليون جنيه من بنك مصر (عصام عكاشة)،
مع الادعاء بأن إجمالي المبلغ تم إيداعه في حساب شخص يدعى أحمد فؤاد الوطن.
تامر عبدالحميد
— aymanelrefaee (@aymanelrefaee1) December 8, 2025
المبالغ التي حصل عليها الزمالك من البنوك والشركه القابضه
شركة كامل الوزير القابضه
٢٠٠ مليون جنيه
بنك cib عمرو الجنيني
٢٠٠ مليون جنيه
بنك محمد الاتربي الأهلي
٢٠٠ مليون جنيه
٤- بنك عصام عكاشه مصر
٢٠٠ مليون جنيه
تم ايداع المبلغ في حساب احمد فؤاد الوطن pic.twitter.com/7MMpDuhptY
في منشور آخر أكثر حدة، كتب أحمد رؤوف إبراهيم على فيسبوك متسائلًا عن صحة ما يُقال بشأن دخول ثلاثة مسؤولين بارزين – وصفهم بأنهم "زملكاوية" – في شركة باسم "Z"، وقيامهم بشراء 30 فدانًا من أرض النادي مقابل 780 مليون جنيه، مع الادعاء بأن الوزير والجنيني والأتربي دفعوا هذه المبالغ في حساب خاص باسم المحاسب ممدوح عباس. ووصف ما جرى بأنه "شبهة فساد وإهدار مال عام"، مطالبًا بـ"إيقاف هؤلاء الحرامية فورًا".
هذه الروايات، مهما اختلفت في التفاصيل، تتقاطع عند نقطة واحدة: وجود شبكة مصالح مفترضة تربط وزيرًا نافذًا ورؤساء أكبر بنوك مصرية بصفقة يُقال إن أرضها لم تكن مخصصة للبيع أو للتحويل لنشاط عقاري من الأساس، ما يفتح الباب واسعًا للحديث عن "استباحة" الأصول العامة لصالح تحالف السلطة والمال.
وجوه الصفقة: وزير النقل ورؤساء البنوك في دائرة الشبهات الشعبية
تتكامل هذه الشبهات مع الخلفية الوظيفية للأسماء المتداولة في القضية:
• عمرو الجنايني: نائب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك التجاري الدولي (CIB) منذ أكتوبر 2023، بخبرة مصرفية تتجاوز 35 عامًا، ومعروف بدوره الرياضي السابق كرئيس للجنة الخماسية لاتحاد الكرة.
• محمد محمود الأتربي: رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري منذ سبتمبر 2024، ورئيس اتحاد بنوك مصر واتحاد المصارف العربية، وتولى سابقًا رئاسة بنك مصر.
• الفريق كامل الوزير: وزير النقل والصناعة ونائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية منذ يوليو 2024، وقبلها رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وواجهة الجيش في مشروعات قومية كبرى.
وجود هذه الأسماء في قلب الاتهامات الشعبية يجعل القضية أبعد من مجرد "مخالفات بناء" في مشروع إسكان رياضي؛ إذ تتحول إلى نموذج مصغر لطريقة توظيف مؤسسات الدولة والبنوك العامة في خدمة شبكات نفوذ مغلقة، بعيدًا عن أي شفافية أو رقابة حقيقية.
خشية من طيّ الملف سياسيًا
المستشار محمد صبري @mohdsabry206 ذكّر في تعليقه بتصريح سابق للفريق كامل الوزير قال فيه: "للزمالك رب يحميه"، معتبرًا أن الوزير يدرك أن "التوجه سياسيًا هو تحجيم النادي وإبقاء دوره حسب ما يراه المسؤولون"، وأنه لا أمل في إصلاح حقيقي في ظل هذه العقلية، بل إن أي نجاح سيتم إجهاضه. جاء ذلك تعليقًا على تصريح الإعلامي عمرو أديب: "إحساسي إن أرض الزمالك مش راجعة والسبب مش مفهوم.. "، في إشارة إضافية إلى شعور عام بأن مصير الأرض بات رهينة توازنات سياسية ومالية، لا سيادة قانون وعدالة.
في ظل هذه المعطيات، تبدو الكرة الآن في ملعب النيابة العامة: هل تُثبت التحقيقات الجدية الموعودة استقلالها وقدرتها على لمس رؤوس كبيرة إذا ثبت تورطها، أم يُطوى الملف كغيره، ليبقى جمهور الزمالك والمواطن المصري شاهدًا جديدًا على كيف يُدار المال العام في دولة الانقلاب؟

