لم تعد اتهامات تزوير الانتخابات وإفساد الحياة السياسية مقتصرة على المعارضة في الخارج أو "قنوات الشرعية"، بل باتت حقيقة ساطعة تنطق بها ألسنة السياسيين في الداخل، وحتى "الأذرع الإعلامية" للنظام نفسها. تصاعدت دعوات من داخل نظام السيسي لإلغاء الانتخابات؛ مصطفى الفقي، ومعصوم مرزوق، ونادي القضاة، وسياسيون كثر، بسبب إساءتها لصورة مصر ولانتهاكاتها غير المسبوقة. تزامن ذلك مع توتر حاد بين هيئة الانتخابات والقضاء الأعلى، حيث قررت الهيئة الإدارية العليا تأجيل إعلان النتائج لحين تسليم جميع البيانات والنتائج.
الصورة التي جمعت تصريحات رموز من تيارات مختلفة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تقدم "وثيقة إدانة" مكتملة الأركان لانتخابات مجلس النواب 2025، وتؤكد أنها لم تكن سوى عملية "وأد" ممنهجة لما تبقى من ديمقراطية في مصر.
جرس إنذار.. الانتخابات مرآة لمشكلة بنيوية
لا يمكن اعتبار ما جرى في المشهد الانتخابي مجرد خطأ إداري أو تقدير سياسي مضطرب، بل غدا مرآة عاكسة لمشكلة بنيوية تتجاوز العملية الانتخابية نفسها. إن ما حدث ليس حادثًا عابرًا يمكن احتواؤه بقرارات سريعة أو اعتذارات خجولة - بل هو جرس إنذار صريح يُعلن أن المسار السياسي في مصر يحتاج إلى إعادة بناء من الأساس — بمنطق جديد وقواعد جديدة وشجاعة، تعترف بما يجب الاعتراف به قبل أن تطلب من الناس أن تعود للثقة من جديد.
فالانتخابات ليست مجرد صناديق وبطاقات وفرز وإعلان نتائج. الانتخابات هي حالة مجتمع قبل أن تكون إجراء دولة.. هي ميزان يقيس حجم الحرية ومقدار التنوع ومدى قدرة الناس على الكلام والاختيار والمحاسبة. ولهذا فإن إصلاح النظام الانتخابي - مهما كان مهمًّا - لا يمكن أن ينجح في فراغ سياسي خانق، ولا يمكن لقانون جديد أن يُثمِر في تربة لم تُهَيَّأ لاستقبال بذور المشاركة. فلن تنجح أي انتخابات — مهما كان شكلها أو قانونها — في ظل حياة سياسية مُغلقة، ومشهد إعلامي أحادي الصوت، ومواطن يشعر أن كلمة قد تغيّر مصيره، وأن رأيًا قد يجره إلى اشتباه أو مساءلة.
مقترحات ساخرة ودعوات جادة لـ "الشطب الكامل"
في ظل هذا العبث، سخر د. يحيى غنيم مقدماً اقتراحاً "من خارج الصندوق" يعكس حال لسان الكثيرين: "لأنى أصبحت سيساوى معتق، أثق في كل خطوات وخطرات الزعيم الشيصى؛ أرى أنه يجب إلغاء إنتخابات مجلسى الشعب والشورى، وإلغاء هذه المجالس أصلا، وكذلك ميزانيتها ومخصصاتها، وأن يختار الزعيم 40 فقط من أحباءه تسند إليهم مهمة التشريع والتسريع والتوزيع والترويع بعد استلهام أفكار الزعيم النيرة، وبذلك تستقيم مصر العظيمة وتتقدم!!!".
إقتراح من خارج الصندوق:
— Dr.Yahya Ghoniem (@YahyaGhoniem) November 25, 2025
لأنى أصبحت سيساوى معتق،أثق في كل خطوات وخطرات الزعيم الشيصى؛
أرى أنه يجب إلغاء إنتخابات مجلسى الشعب والشورى،
وإلغاء هذه المجالس أصلا،
وكذلك ميزانيتها ومخصصاتها،
وأن يختار الزعيم 40 فقط من أحباءه تسند إليهم مهمة التشريع والتسريع والتوزيع والترويع بعد… pic.twitter.com/l1YZktB6f5
وعلى الجانب الجاد، اعتبر الناشط السياسي إسماعيل حسني أن ما حدث "فضيحة بجلاجل"، مطالباً بإلغاء هذه الانتخابات برمتها.
الفضيحة بجلاجل…
— Ismail Hosny (@IsmailHosny1) November 25, 2025
لابد من إلغاء هذه الإنتخابات برمتها… pic.twitter.com/l6X3cMsD0q
وتساءل المحامي طارق العوضي عبر وسم #الغاء_الانتخابات: "هل نمتلك شجاعة اتخاذ قرارات المسار الجديد ؟؟".
https://t.co/ECFkgOfk9A#الغاء_الانتخابات
— طارق العوضى المحامى (@tarekelawady2) November 23, 2025
هل نمتلك شجاعة اتخاذ قرارات المسار الجديد ؟؟ #المقال كاملا من هنا 👇
كما علق المرشح الرئاسي السابق د. أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، على بيان السيسي بشأن الانتهاكات مؤكداً أنه "كان يجب إلغاء هذه المرحلة بأكملها".
"كان يجب إلغاء هذه المرحلة بأكملها"..
— شبكة رصد (@RassdNewsN) November 23, 2025
رئيس حزب غد الثورة د. أيمن نور يعلق على بيان السيسي بشأن انتهاكات انتخابات البرلمان pic.twitter.com/nwwalEYMrN
وانضم حزب الجبهة الديمقراطية إلى المطالبين، مؤكداً أن استمرار العملية الانتخابية بصورتها الراهنة "يعمق أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة"، مشدداً على ضرورة إلغاء الانتخابات وإعداد قانون جديد يضمن العدالة والتمثيل الحقيقي للشعب.
حزب الجبهة الديمقراطية المصرية يقول إن استمرار العملية الانتخابية الحالية بصورتها الراهنة يعمق أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مشددًا على ضرورة إلغاء الانتخابات وإعداد قانون انتخابي جديد يضمن العدالة والتمثيل الحقيقي للشعب#مزيد pic.twitter.com/FDccEcvazz
— مزيد - Mazid (@MazidNews) November 23, 2025
تفنيد الشهادات: وثيقة إدانة من "أهل البيت"
وفيما يلي تفنيد لهذه الشهادات ودلالاتها الخطيرة، مع روابط المصادر:
أولاً: "شاهد من أهلها".. اعترافات الأذرع الإعلامية
أخطر ما في هذه المجموعة هو تصريح أحمد موسى، أحد أبرز أبواق النظام، الذي لم يستطع "تجميل" القبح هذه المرة.
• التصريح: "فيه نواب هيكونوا مش عارفين حاجة عن دوائرهم.. ومحافظة كاملة فيها دائرتين فقط وأكتر من 200 طعن! نحتاج مراجعة للنظام الانتخابي كله".
• التفنيد والدلالة: هذا اعتراف صريح بفشل "هندسة الدوائر" التي فصلتها الأجهزة الأمنية لخدمة مرشحي المال السياسي. عندما يصرخ "موسى" من كثرة الطعون (200 طعن) ومن اتساع الدوائر، فهو يقر ضمنياً بأن النائب القادم لن يمثل الشعب بل سيمثل "الجهة" التي أنجحته، وأن البرلمان القادم "باطل" إجرائياً وشعبياً.
ثانياً: حكم "بالإعدام" على العملية السياسية
رموز التيار الليبرالي والدبلوماسي أجمعوا على أن ما يحدث ليس انتخابات، بل "إهانة" للدولة.
• معصوم مرزوق (مساعد وزير الخارجية الأسبق): "انتخابات تسيء لمصر وتستدعي الإلغاء الكامل".
• التحليل: مرزوق هنا لا يتحدث عن "خروقات"، بل عن "نسف" للعملية برمتها. التصريح يشير إلى أن العوار ليس في التفاصيل بل في "أصل" العملية، مما يستوجب شطبها بالكامل.
• أسامة الغزالي حرب: "المشهد عبثي ومصر مافيهاش ديمقراطية".
• التحليل: وصف "العبثية" من مفكر سياسي بحجم الغزالي حرب يعني غياب المنطق والعقلانية في إدارة الدولة. هي رسالة بأن النظام لا يمارس السياسة، بل يمارس "البلطجة المقننة".
مقال سليم عزوز بموقع عربي 21 للدول التي تحجب الموقع
— سليم عزوز (@selimazouz1) April 15, 2025
------------
عودة الملكية بمشتملاتها.. والمعنى في بطن أسامة الغزالي حرب!
سليم عزوز
أول الرقص حنجلة!
وقد قام أسامة الغزالي حرب، بحنجلة، تمثلت في دعوته لعودة الألقاب، فمن العبث ألا نتعامل مع ما فعل بالجدية اللازمة، والاندفاع في…
ثالثاً: سوق النخاسة.. استغلال الفقر وشراء الذمم
اتفق السياسيون على أن "المال" كان الناخب الأكبر في هذه الجولة.
• طلعت خليل: "أحزاب معينة تستغل فقر الناخبين لشراء أصواتهم".
• مدحت الزاهد (رئيس حزب التحالف الشعبي): "عقبة حقيقية أمام أي إصلاح ديمقراطي".
• التحليل: الشهادات هنا توثق جريمة "الرشوة الانتخابية" التي تتم برعاية الدولة. النظام أفقر الشعب عمداً، والآن يشتري صوته بـ"الفتات" عبر أحزاب الموالاة (مثل مستقبل وطن وغيره). هذا ليس انتخابات، بل "مزاد علني".
رابعاً: غياب الرقابة وانتهاك القانون
الجانب الحقوقي والقانوني كان حاضراً في شهادات توثق غياب الدولة والقانون.
• طارق فتحي سرور: "القانون يجرم المال السياسي والرقابة غائبة".
• باسل عادل: "تهدد نزاهة العملية الانتخابية بالكامل".
• محمد سامي: "الممارسات لا تليق بصورة الدولة المصرية".
• التحليل: غياب الرقابة الذي يتحدث عنه سرور وعادل ليس "إهمالاً"، بل "تغييباً متعمداً". النظام رفع يده عن حماية الصناديق، وترك الساحة لـ"المال السياسي" والبلطجة لفرض أمر واقع، مما يجعل البرلمان القادم فاقداً للشرعية القانونية والأخلاقية.
— الموقف المصري (@AlmasryAlmawkef) October 29, 2025
الخلاصة: انتخابات "ميتة" قبل أن تبدأ
تجمع هذه التصريحات على حقيقة واحدة: لا توجد انتخابات في مصر. ما جرى هو "تعيينات" مسبقة الدفع، تمت في غرف مظلمة، ونُفذت في الشارع عبر شراء ذمم الفقراء واستغلال حاجتهم، وسط غياب تام للقانون، واعتراف –غير مقصود– من إعلام السلطة بأن "الطبخة فسدت".

