في جريمة حرب جديدة تضاف إلى سجلها الأسود المليء بدماء الأبرياء، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروّعة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا جنوب لبنان، راح ضحيتها 13 شهيدًا بينهم فتية وأطفال، وعشرات الجرحى. الكيان الصهيوني الذي ادعى كذبًا أنه استهدف "مجمع تدريب لحماس"، فضحته الحقائق على الأرض: لقد قصف ملعبًا رياضيًا مفتوحًا كان يرتاده الفتيان من أبناء المخيم. هذه ليست المرة الأولى التي تكذب فيها آلة الإجرام الصهيونية لتبرير قتل المدنيين، لكنها المرة الأولى التي تستهدف فيها مخيم عين الحلوة منذ اتفاق وقف إطلاق النار، في تصعيد خطير يكشف أن إسرائيل لا تحترم أي اتفاق ولا تعترف بأي قانون دولي.
ملعب رياضي لا "مجمع تدريب": كذبة إسرائيلية مفضوحة
الرواية الإسرائيلية المكذوبة تقول إن الاحتلال استهدف "مجمع تدريب لحماس يستخدمه عناصر الحركة للتدريب والتأهيل بغرض التخطيط لهجمات ضد إسرائيل". المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي كرر الاتهامات ذاتها، معتبرًا أن أي وجود "لجماعات إرهابية" قرب الحدود يشكل تهديدًا ستتعامل معه إسرائيل "بقوة". لكن الحقيقة التي كشفتها المصادر الميدانية والشهود العيان تفضح هذه الأكاذيب تمامًا.
حركة حماس نفت بشكل قاطع هذه الادعاءات، وأكدت في بيان رسمي أن "ادعاءات ومزاعم جيش الاحتلال بأن المكان المستهدف في مخيم عين الحلوة هو مجمع للتدريب تابع لحركة حماس محض افتراء وكذب، يهدف إلى تبرير عدوانه الإجرامي والتحريض على المخيمات الفلسطينية في لبنان". الحركة أضافت أن "الاستهداف طال ملعبًا رياضيًا مفتوحًا يرتاده الفتية"، مؤكدة "عدم وجود منشآت عسكرية داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان".
المصادر المحلية في المخيم أكدت أن القصف الإسرائيلي "أصاب منطقة مدنية تضم ناديًا رياضيًا وملعبًا في محيط المخيم، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا". شهود العيان وصفوا المشهد بأنه "مجزرة كبيرة" استهدفت "ملعبًا رياضيًا قرب مسجد خالد بن الوليد في منطقة صفوري بالشارع التحتاني، ما أسفر عن سقوط 13 قتيلًا بينهم فتيان". هذه هي الحقيقة: إسرائيل قتلت أطفالًا ومدنيين في ملعب رياضي، ثم كذبت لتبرير جريمتها.
13 شهيدًا بينهم فتية: دماء بريئة على يد الاحتلال
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية في حصيلة محدثة استشهاد 13 شخصًا وإصابة عدد آخر بجروح، مشيرة إلى أن "سيارات الإسعاف ما زالت تنقل المزيد من الإصابات إلى المستشفيات المحيطة". الغارة نُفذت قرابة التاسعة والنصف ليلًا بواسطة طائرة مسيّرة إسرائيلية استهدفت محيط مسجد خالد بن الوليد داخل المخيم، قبل أن تُعاود المسيّرات استهداف المركز والمسجد بثلاثة صواريخ لاحقًا.
المستشفيات في مدينة صيدا أطلقت نداءً عاجلًا للتبرع بالدم لإنقاذ حياة الجرحى، في مشهد يتكرر كلما ارتكبت إسرائيل مجزرة جديدة. الضحايا بينهم "فتيان" كانوا يلعبون في الملعب الرياضي، في تأكيد صارخ على أن إسرائيل تستهدف المدنيين عمدًا وتقتل الأطفال بدم بارد. دعوة المدارس في جنوب لبنان لإغلاق أبوابها يوم الأربعاء "حدادًا على شهداء عين الحلوة" تعكس حجم الصدمة والغضب الذي أحدثته هذه المجزرة.
انتهاك صارخ لوقف إطلاق النار: إسرائيل لا تحترم الاتفاقات
المجزرة تأتي رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية أميركية-فرنسية في 27 نوفمبر 2024، والذي شمل انسحابًا جزئيًا لقوات الاحتلال من جنوب لبنان. لكن إسرائيل لم تلتزم يومًا واحدًا بهذا الاتفاق، بل واصلت غاراتها الجوية واحتلالها لخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية. استهداف مخيم عين الحلوة للمرة الأولى منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ يمثل "تبدلاً كبيرًا في معادلات إسرائيل الميدانية"، ويكشف نية الاحتلال في توسيع دائرة العدوان.
يتهم لبنان إسرائيل بـ"خرق اتفاق وقف إطلاق النار من خلال الضربات وإبقاء قوات داخل أراضيه". والأخطر أن هذا الانتهاك يأتي قبل عشرة أيام فقط من مرور عام على سريان وقف إطلاق النار، في رسالة واضحة من الكيان الصهيوني بأنه لا يعترف بأي اتفاق ولا يحترم أي التزام دولي. إسرائيل تزعم أن "إعادة حزب الله ترميم قدراته العسكرية في الجنوب" السبب وراء ضرباتها، لكن الحقيقة أن الاحتلال يستغل أي ذريعة لمواصلة عدوانه وقتل المدنيين.
سلسلة مجازر: قتلى مدنيون في بنت جبيل وبليدا والطيري
مجزرة عين الحلوة لم تكن الجريمة الوحيدة التي ارتكبتها إسرائيل في ذلك اليوم الأسود. أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخصين وإصابة آخرين في ثلاث غارات إسرائيلية منفصلة في بنت جبيل وبليدا وبلدة الطيري في الجنوب. الغارة الأولى نفذتها مسيّرة إسرائيلية على سيارة في بنت جبيل وأسفرت عن مقتل موظف في اتحاد البلديات، فيما أدت الغارة الثانية في بليدا إلى مقتل مدني آخر.
والأخطر أن إسرائيل استهدفت حافلة مدرسية في بلدة الطيري، ما أدى إلى إصابة عدد من الطلاب بجروح. استهداف حافلة تُقل طلابًا يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال: آلة قتل لا تفرّق بين طفل وبالغ، ولا تحترم حرمة مدرسة أو مسجد أو ملعب رياضي. جيش الاحتلال لم يُشر في بياناته إلى هذه العمليات، في تأكيد على أن الكيان الصهيوني يخفي جرائمه ولا يعلن إلا ما يخدم روايته المزيفة.
"ضغوط أميركية" وراء التصعيد الإسرائيلي
مصادر لبنانية كشفت أن التصعيد الإسرائيلي الأخير جاء نتيجة "ضغوط أميركية على الجيش اللبناني". التقارير تشير إلى أن إسرائيل تريد توجيه "رسائل" من خلال استهداف مخيم عين الحلوة، سواء للفصائل الفلسطينية أو للبنان نفسه. السؤال الذي طرحه المحللون: "لماذا تستهدف إسرائيل مخيم عين الحلوة تحديدًا؟". الإجابة واضحة: الكيان الصهيوني يريد تصفية القضية الفلسطينية ومحو وجود اللاجئين الفلسطينيين حتى في المخيمات، ويستغل أي ذريعة لارتكاب مجازر جديدة.

