أصدرت محكمة الجنح بجنوب القاهرة حكماً بسجن الطفل يوسف أيمن عبدالفتاح، نجل القاضي أيمن عبدالفتاح، ثلاث سنوات بتهمة الاعتداء الوحشي على زميله، في حادثة أعادت تسليط الضوء على سلسلة من الجرائم التي تورط فيها يوسف منذ طفولته والتي لطالما أفلت منها بفضل نفوذ والده، ما زاد شعور هذا الشاب بأنه فوق القانون وبعيد عن المحاسبة.
تفاصيل الحادث الأخير: اعتداء وحشي في وضح النهار
القصة بدأت حين تقدم الطالب يوسف خالد ببلاغ رسمي للشرطة، يتهم فيه يوسف أيمن عبدالفتاح وعدداً من زملائه باستيقافه أمام مدرسته في المقطم أثناء الامتحانات، قبل أن ينهالوا عليه ضربًا بعصا بيسبول، مما تسبب له في إصابات بالغة ونزيف في الأذن وكدمات وتورمات في الوجه وأعراض ارتجاج في المخ.
احتاج الضحية النقل إلى المستشفى وظل على كرسي متحرك لفترة، وشهدت التحقيقات استماعًا لشهود وصورًا توثق الاعتداء. وجاء الحكم القضائي بالسجن ثلاث سنوات ليضع حداً لجريمةٍ بدت أنها امتداد لمسلسل من الانفلات القانوني.
حوادثه السابقة: من "طفل المرور" إلى الاعتداءات المتكررة
يوسف أيمن عبدالفتاح ليس اسماً جديداً في سجل الجنايات؛ فقد اشتهر في 2020 بواقعة "طفل المرور" حيث عُرف بقيادته سيارة فارهة دون رخصة والاستهزاء برجال الشرطة أمام الكاميرات في شوارع الزمالك.
ورغم تداول القضية بشكل موسع، جاءت العقوبة وقتها شكلية دون سجن فعلي، ما أوضح للجميع حجم قوة منصب والده في التأثير على سير العدالة.
بعد تلك الواقعة تمادى يوسف في سلوكه، وارتبط اسمه لاحقًا بقضايا تعاطي المخدرات؛ إذ أثبتت تحاليل النيابة إيجابية عينته لمواد مخدرة وقضت المحكمة بسجنه ثلاث سنوات في واقعة منفصلة، لكنه بقي حراً لفترات طويلة.
كيف قاد النفوذ إلى الإفلات من العقاب
أثارت تلك الحوادث غضباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون دليلاً دامغاً على سيطرة أبناء الطبقة النافذة على القانون، فكان الإفلات من العقاب يغذي لديه الشعور بالحصانة الكاملة ويؤسس لسلوك متغطرس يشعر معه أنه فوق المساءلة.
تكرار الجرائم ترافَق مع محاولات واضحة من أسرته لتسوية الأمور خارج القضاء، أو حمايته من المحاسبة، بينما ضحاياه يكابدون آثار الاعتداء النفسي والبدني.
سلوك متفاقم ودروس غائبة
التجارب الدولية ودراسات علم الاجتماع تؤكد أن الأطفال الذين يفلتون من العقاب على جرائمهم بسبب نفوذ عائلاتهم، غالباً ما يتمادون في الانحراف ويعتقدون أن القانون لا يطالهم.
وفي حالة يوسف أيمن عبدالفتاح، يغيب عن الأسرة ومؤسسات الدولة دور التربية والمحاسبة، ليصبح نموذجاً خطيراً يهدد المجتمع بأسره بجيل من أبناء الفئة النافذة المنفلتين من القانون.
الرسالة المجتمعية: العدالة التي لا تطبق على الجميع
إدانة المحكمة له أخيراً كشفت خللًا في إدارة ملف أبناء المسؤولين، لكنها جاءت بعد سنوات من التجاوزات، وبعدما أضحت حوادث العنف والاستعلاء الاجتماعي جزءًا من سمعته ومساره الشخصي.
ويجب النظر بجدية في خطورة منح الأطفال حماية زائدة من القانون بحكم مناصب ذويهم؛ فالإفلات من العقاب لا يخرج مجرمين فحسب، بل يكرس الانفلات الاجتماعي ويضرب ثقة المواطنين في العدالة.
هكذا، لم تكن جريمة "يوسف أيمن عبدالفتاح" الأخيرة سوى نتيجة طبيعية لسنوات من التغاضي والمحاباة التي صنعت منه مجرماً مغروراً يعتقد أنه فوق القانون، لتدفع ثمنها في النهاية ضحايا أبرياء، ومعهم ثقة المجتمع كله في منظومة العدالة.

