على الرغم من التهليل لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي عقب اتخاذه قرارًا في 21 سبتمبر الماضي برفض التصديق على قانون الإجراءات الجنائية، وإعادته مجددًا إلى مجلس النواب، إلا أن الجميع تفاجأ بالإعلان عن تمريره في آخر جلسات انعقاد البرلمان اليوم، على الرغم من اعتراض نواب المعارضة ومطالباتهم بإحالته إلى البرلمان القادم.

 

وتركّزت اعتراضات السيسي وقتها حول عدد من مواد القانون وتتعلق بـ "اعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية، بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع".

 

غير أنه وخلال اجتماع اللجنة الخاصة التي تولت صياغة تعديلات القانون عقب اعتراضات السيسي بداية الشهر الجاري، ثارت اعتراضات من جانب عدد من النواب، مما دفعهم للانسحاب برفقتهم نقيب المحامين، عبد الحليم علام، اعتراضًا على طرح تعديل المادة (105)، كون التعديل يصطدم بشكل مباشر مع المادة (54) من الدستور، وأعلن نقيب الصحفيين، خالد البلشي حينها تضامنه مع موقف نقابة المحامين.

 

ومع إصرار حكومة الانقلاب على تعديل المادة المذكورة على الرغم مما يشوبها من عوار، جرت مناقشة التعديلات في ظل ضيق الوقت المتاح خلال آخر جلسات انعقاد البرلمان، مدعومة بالأغلبية النيابية من النواب الموالين لها، غير مبالية بالاعتراضات والانسحابات من جانب نواب المعارضة بسبب انتهاك حقوق المتهم في ترافع محام عنه أمام النيابة، والمطالبة بإحالة القانون برمته إلى البرلمان المقبل.

 

التحقيقم مع المتهم دون محام

 

ويتمحور اعترض نقيب المحامين على تعديل المادة 105 حول كونها تسمح بـ"التحقيق مع المتهم دون حضور محام"، الأمر الذي يُعد انتهاكًا واضحًا لضمانات الدفاع المنصوص عليها في الدستور.

 

وجاء في النص المقترح: "لعضو النيابة العامة الانتقال لاستجواب المتهم الذي يخشى على حياته بعدما يطلب من نقابة المحامين الفرعية ندب أحد المحامين لحضور التحقيق على وجه السرعة... يحق للمحامي الموكل أو المنتدب حضور جلسة التحقيق إذا حضر قبل انتهائها والاطلاع على ما تم من إجراءات في غيبته".

 

ووافق المجلس على نص المادة 105 بعد التعديلات التي اقترحها النائب عاطف ناصر، بعد جدل ومناقشات واعتراضات على ضرورة حضور المحامي جلسة استجواب المتهم.

 

وكان اعتراض السيسي على المادة المشار إليها بسبب تعارضها مع المادة 64 التي منحت مأمور الضبط القضائي المنتدب من النيابة الحق في استجواب المتهم خوفًا من فوات الوقت في حالة عدم حضور المحامي، وهو ما لم تمنحه المادة 105 لوكيل النيابة، ما يعد تعارضًا يستوجب التعديل ومنح وكيل النيابة هذا الحق.

 

المادة 54 من الدستور

 

في حين تنص المادة (54) من الدستور - التي يقول النواب المعارضون إنها تتعارض مع المادة 105 بعد تعديلها- على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبَّب يستلزمه التحقيق، ويجب أن يُبلَّغ فوراً كل من تُقيَّد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابةً، ويُمكَّن من الاتصال بذويه ومحاميه فوراً، وأن يقدَّم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته»، كما تنص في فقرة أخرى على أنه "لا يبدأ التحقيق مع أحد إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محامٍ نُدب له محام".

 

ووافق المجلس على تعديل المادة 112 التي تنظم حالات الإيداع الاحتياطي عند تعذر حضور المحامي.

 

7 بدائل للحبس الاحتياطي

 

وأقر المجلس، نص المادة 114 بعد زيادة بدائل الحبس الاحتياطي من 3 إلى 7 بدائل، لتنص بعد إقرارها على أنه: "يجوز لعضو النيابة العامة في الأحوال المنصوص عليها بالمادة 113 من هذا القانون، وكذلك في الجنح الأخرى المعاقب عليها بالحبس أن يصدر بدلاً من الحبس الاحتياطي أمرًا مسببًا بأحد التدابير الآتية.. إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، أو إلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، أو حظر ارتياده أماكن محددة، أو إلزامه بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد إلا بعد الحصول على إذن النيابة، أو إلزامه بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال، أو منعه مؤقتًا من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية والذخيرة، وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته، وأخيرًا استخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها ، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات".