توفي موظف بوزارة التموين والتجارة الداخلية داخل حجز قسم شرطة المرج شرق القاهرة، صباح الأحد الخامس من أكتوبر الجاري، بعد أيام من احتجازه على خلفية حكم غيابي في قضية مشاجرة عائلية قديمة، وسط روايات متباينة حول أسباب الوفاة واتهامات بالإهمال وسوء المعاملة.

تعود بداية الواقعة إلى يوم الثلاثاء 30 سبتمبر الماضي، حين أُلقي القبض على الموظف مصطفى (36 عامًا) أثناء وجوده أمام مقر عمله، بعد أن أبلغ أحد أفراد الشرطة عن صدور حكم غيابي بحبسه عامًا واحدًا في قضية مشاجرة قديمة.
وفي اليوم التالي، قدّم المحتجز معارضة على الحكم أمام محكمة مصر الجديدة، ليُعاد بعدها إلى قسم شرطة المرج انتظارًا لاستكمال الإجراءات القانونية.

وأثناء مراجعته القانونية داخل القسم، ظهرت قضية أخرى تعود إلى عام 2017، تتعلق بقيادة دراجة نارية دون ترخيص، رغم تأكيد أسرته أنه سبق وأن حصل على براءة نهائية منها. وبالفعل، تحركت العائلة لاستخراج إفادة رسمية من المحكمة لتأكيد ذلك، وقدّمتها إلى القسم يوم السبت الرابع من أكتوبر، ليُبلغ مصطفى أن الإفراج عنه سيتم صباح اليوم التالي. لكنّ ما حدث فجر الأحد كان صادمًا لعائلته، حين تلقّت اتصالًا من مأمور القسم يخبرها بوفاته داخل الحجز.
 

روايات متضاربة داخل القسم
وفقًا لما نقلته الأسرة، أُبلغت العائلة بأن مصطفى توفي نتيجة اعتداء من ثلاثة محتجزين آخرين داخل الزنزانة، في واقعة وُصفت بأنها "مشاجرة بين المساجين".

وتباينت الروايات بشأن أسباب الاعتداء؛ إذ تحدثت إحداها عن خلاف حول مبلغ مالي، بينما أشارت أخرى إلى مشادة بسيطة بسبب الزحام الشديد داخل الزنزانة وضيق المساحة، بعدما "داس أحدهم على آخر أثناء النوم".

غير أن أفراد العائلة الذين شاهدوا جثمان مصطفى عند استلامه أكدوا أنهم لاحظوا آثار زرقة حول الرقبة وكدمات في الوجه والعينين، ما جعلهم يرجحون فرضية تعرضه لعنف بدني مميت.

كما أشار أحد أقاربه إلى أن القسم عرض على العائلة مقاطع من كاميرات المراقبة "لكنها كانت متقطعة ولا تظهر لحظة الاعتداء أو الوفاة"، الأمر الذي أثار لديهم مزيدًا من الشكوك حول ملابسات ما جرى.
 

مطالبات بالتحقيق وكشف الحقيقة
قدّمت أسرة الموظف بلاغًا رسميًا إلى النائب العام طالبت فيه بفتح تحقيق عاجل وشامل، محمّلة المسؤولية لإدارة قسم شرطة المرج عن الإهمال والتقصير في حماية نجلها، ومشددة على أن "ما حدث ليس حادثًا فرديًا أو شجارًا عابرًا، بل نتيجة مباشرة لفساد وإهمال متراكمين داخل أماكن الاحتجاز"، بحسب نص البلاغ.

من جهتها، أمرت النيابة العامة بتشريح الجثمان لبيان سبب الوفاة، وقررت حبس ثلاثة محتجزين على ذمة التحقيق بعد اتهامهم بالاعتداء، كما كلفت فريقًا من الأدلة الجنائية بمعاينة مكان الاحتجاز وفحص كاميرات المراقبة في القسم ومحيطه.
 

الوفاة تفتح ملف مراكز الاحتجاز مجددًا
تأتي هذه الحادثة في وقت تتكرر فيه التقارير الحقوقية المحلية والدولية التي تتحدث عن اكتظاظ أقسام الشرطة وضعف الرقابة الصحية والإنسانية داخل أماكن الاحتجاز.
وتشير منظمات حقوقية إلى أن تلك المراكز تُستخدم في كثير من الأحيان كمحطات احتجاز مؤقتة تمتد لفترات طويلة، رغم أن بنيتها الأساسية غير مهيأة لذلك.