كشف الأسير المحرر سامح حلبية عن جانب مظلم من المعاناة التي يعيشها المعتقلون داخل السجون الإسرائيلية، مؤكداً أن التجويع أصبح أداة ممنهجة للقتل البطيء منذ اندلاع الحرب على غزة في الثامن من أكتوبر 2023، في شهادة جديدة تُضاف إلى سجل الانتهاكات المتزايدة بحق الأسرى الفلسطينيين.
وقال حلبية، الذي أُفرج عنه ضمن صفقة تبادل جديدة بين حركة حماس وإسرائيل، إن ما يحدث في السجون “يتجاوز حدود الإنسانية”، مشيراً إلى أنه فقد أكثر من 40 كيلو من وزنه خلال فترة اعتقاله الممتدة لعشر سنوات، وأن الجوع والمرض والإهمال الطبي حوّلوا حياة الأسرى إلى “جحيم يومي”.
التجويع كأداة قتل بطيء
وأوضح الأسير المحرر أن الطعام شبه معدوم داخل الزنازين، وأن ما يُقدَّم لا يصلح للاستهلاك الآدمي، مضيفاً أن "منذ عامين لم نشبع.. الجوع يقتل الأسرى يوماً بعد يوم".
وأشار إلى أن السجناء يُحرمون من أبسط الحقوق الصحية والإنسانية، وأن بعضهم يُترك فريسة للأمراض المزمنة دون علاج أو رعاية طبية مناسبة.
وتؤكد منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية أن سلطات الاحتلال تتعمد حرمان الأسرى من الطعام والدواء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تُلزم دولة الاحتلال بتوفير احتياجات الأسرى الأساسية.
ظروف قاسية وصمت العالم
يروي حلبية أن السجون الإسرائيلية تعيش منذ أكثر من عام حالة طوارئ قاسية، حيث أُغلقت الأقسام ومنع التواصل بين الأسرى والعالم الخارجي، فلا أخبار تصلهم عن أسرهم أو ما يجري في غزة، قائلاً: “الأسرى ينتظرون الفرج ولا يعرفون ما يحدث خارج الأسوار”.
وتشير تقديرات رسمية فلسطينية إلى أن أكثر من 10 آلاف أسير يقبعون حالياً في سجون الاحتلال، بينهم نساء وأطفال، يخضعون لحملات تعذيب جسدي ونفسي متواصلة. كما تؤكد التقارير الحقوقية أن عشرات الأسرى قضوا داخل المعتقلات نتيجة الحرمان من العلاج أو بسبب سوء التغذية والإهمال الطبي.
صفقة الإفراج… فرحة ناقصة ومعاناة مستمرة
وحول عملية إطلاق سراحه، أوضح حلبية أنه فوجئ بقرار الإفراج عنه بعد أن نُقل من معتقله دون إبلاغه بالوجهة أو السبب، قائلاً: “لم أعلم أنني مفرج عني إلا قبل يوم واحد من خروجي”.
وأضاف أن سلطات الاحتلال بدأت منذ الاثنين إطلاق سراح 250 أسيراً، معظمهم من أصحاب الأحكام المؤبدة، بينهم 154 أُبعدوا قسراً عن الضفة الغربية والقدس، بينما شملت الصفقة أيضاً الإفراج عن 1718 أسيراً من قطاع غزة اعتُقلوا بعد بدء الحرب في أكتوبر 2023.
وفي المقابل، أفرجت حركة حماس عن 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء، فيما تتحدث تل أبيب عن وجود جثامين 28 أسيراً آخرين من المقرر تسليمهم لاحقاً ضمن مراحل متقدمة من الاتفاق الذي تم بوساطة دولية.
مرحلة ثانية من المفاوضات وسط تمسك المقاومة بشروطها
وبينما لا تزال المرحلة الأولى من الصفقة قيد التنفيذ، تُشير مصادر فلسطينية إلى أن مفاوضات المرحلة الثانية ستبدأ خلال الأيام المقبلة، وسط تمسك حركة حماس بـ شروط أساسية تتمثل في إنهاء الحرب بالكامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وضمان عدم المساس بسلاح المقاومة.
وأكدت الحركة أن أي مفاوضات مقبلة لن تكون ذات معنى ما لم تتوقف سياسة القتل والتجويع داخل السجون، وتُفرج إسرائيل عن جميع الأسرى الإداريين والنساء والأطفال.
رسالة من خلف القضبان
واختتم سامح حلبية شهادته برسالة مؤثرة إلى العالم، قال فيها:
“نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد أن نعيش بكرامة. الأسرى يموتون بصمت، لا برصاص الاحتلال، بل بجوعٍ متعمّدٍ وحصارٍ داخل الزنازين.”
هذه الشهادة ليست الأولى من نوعها، لكنها تُعيد تسليط الضوء على جريمة صامتة تتواصل في سجون الاحتلال، حيث يُترك آلاف الفلسطينيين بين فكي التجويع والإهمال، وسط غياب المساءلة وصمت دولي مخزٍ أمام معاناة إنسانية مستمرة منذ عقود.
شاهد
https://x.com/qadeyah_/status/1977687406653624790