أعلن القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، رفض الحركة القاطع لدخول أي طرف غير فلسطيني لإدارة قطاع غزة، مؤكدًا ضرورة تشكيل هيئة وطنية مستقلة تُدار بالتوافق الفلسطيني وترتبط بالسلطة الوطنية وتحظى بدعم عربي شامل، مع رفض دخول أي قوة أجنبية إلى الأراضي الفلسطينية باعتبار ذلك انتهاكًا للسيادة الوطنية.

تضع حماس نفسها ملتزمة بمسؤوليتها السياسية والوطنية نحو شعبها، وترسل عبر ردها رسائل متعددة للعالم تعكس رغبتها في تخفيف معاناة الفلسطينيين الأسرى والمواطنين، مع استعدادها لتقديم تنازلات تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي.
 

رسائل حماس للعالم: مسؤولية وطنية وتخفيف لمعاناة الشعب الفلسطيني
جاء رد حماس بناءً على جهود دولية متواصلة، شملت مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبادرات عربية وإسلامية، وتهدف إلى وقف الحرب في غزة، تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، وتنفيذ تبادل الأسرى.
وأعلنت حماس استعدادها الفوري للانخراط في مفاوضات عبر الوسطاء للإفراج عن جميع أسرى الاحتلال، أحياء وجثامين، موضحة أن بعض الجثث دُفنت وأخرى تقع تحت سيطرة قوات الاحتلال، مما يبرز الحاجة الملحة لترتيبات صعبة تتطلب تفاهمات دقيقة.

وفي هذا السياق، أكد اللواء أركان حرب دكتور وائل ربيع، المتخصص في الشأن الإقليمي والإسرائيلي، أن رد حماس ذكي للغاية، إذ بدأت بتلبية المطلب الأساسي الخاص بالإفراج عن الأسرى والأموات، ما جعل الرئيس ترامب يرحب بالرد ويفسرها كموافقة مبدئية على الخطة، مع بقاء تفاصيل البنود الأخرى مفتوحة للتفاوض.
ويضيف أن حماس وجهت عبر ردها ثلاث رسائل مهمة: الأولى للمجتمع الدولي حول استعدادها للسلام وعدم ممانعتها، والثانية لشعبها بأنها ترفض نزيف الدماء، والثالثة لإسرائيل، حيث وضعتها في وضع محرج داخليًا بسبب إهمالها لقضية الأسرى.
 

موقف حماس من مستقبل غزة ومقاومة الاحتلال
شدد حمدان أن حق تقرير المصير فلسطيني بحت، وأن المسائل الكبرى كمستقبل غزة وحقوق الفلسطينيين لا تحسم إلا في إطار وطني جامع تتحمل فيه حماس مسؤولياتها كاملة دون احتكار. كما أكد أن حركة حماس جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ولم تنجح إسرائيل في استئصالها خلال عشرين عامًا، مع التشديد على أن المسار الطبيعي للشعب هو المقاومة، وأن وجود جناح عسكري لحماس في الضفة الغربية غير واقعي، بينما يستولي المستوطنون على الأراضي بلا اعتراض.


 


رؤى قانونية ودولية تعزز موقف حماس
وصف الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي، رد الحركة بأنه توازن استراتيجي بين وقف المعاناة الإنسانية والحفاظ على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن موافقة حماس على تسليم إدارة غزة إلى هيئة تكنوقراطية مستقلة تمثل استجابة لقضايا السلام استنادًا إلى القانون الدولي. ورغم الإشادة، حذر مهران من استغلال إسرائيل للموافقة الجزئية لتحقيق مكاسب أحادية دون الالتزام الكامل بالانسحاب، داعيًا إلى ضمانات دولية وآليات رقابة فعالة.
 

تحضيرات للخطوات القادمة وتعزيز الحوار
كشف المصدر المصري عن الاستعدادات الجارية لتوفير ظروف ميدانية مناسبة لعملية تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين، بالإضافة إلى التحضير لحوار جامع يضيف بعدًا داخليًا مهمًا لمستقبل القطاع. وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية استعداد المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف للانضمام إلى المفاوضات، ما يشير إلى تحرك دبلوماسي فاعل لدعم هذه العملية.
 

التحديات الإنسانية والمعاناة المتواصلة في غزة
يذكر أن الاحتلال تسبب، بدعم أميركي وأوروبي، في إبادة جماعية في غزة منذ أكتوبر 2023، أودت بحياة أكثر من 234 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، بالإضافة إلى مئات الآلاف من النازحين، في ظل حصار شديد يؤدي إلى مجاعة ودمار شامل، مما يحتم على الأطراف المعنية العمل الفوري لإنهاء هذه المعاناة.

وختاما فإن حركة حماس تجسد بهذا الرد التزامًا أخلاقيًا وسياسيًا عميقًا تجاه شعبها، حيث أدركت ضرورة تقديم تنازلات واقعية ضمن خطة متوازنة تحمي الحقوق والكرامة، وتستهدف تخفيف معاناة الفلسطينيين ووقف نزيف الدماء. وتعكس الرسائل الموجهة اهتمامًا حقيقيًا بإنهاء الصراع وتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي، مع الإصرار على احترام السيادة الفلسطينية والشرعية الدولية.

هذا الموقف المتزن يمثل فرصة حقيقية للتقريب بين الأطراف وتحقيق نتائج ملموسة تنهي الأزمة الإنسانية في غزة، وتفتح آفاق الحوار السياسي الجاد بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية والأطراف الدولية المعنية.