كشفت تقارير حقوقية حديثة عن تصاعد مأساة إنسانية داخل سجن أبو زعبل بمحافظة القليوبية، حيث يعيش آلاف المعتقلين أوضاعًا وُصفت بـ"غير الإنسانية" نتيجة تكدس غير مسبوق، في وقت يشهد فيه السجن تفشيًا متزايدًا لفيروس كورونا، ما يضاعف المخاطر الصحية على المحتجزين.
اكتظاظ كارثي وتهديد مباشر للحياة
تشير شهادات موثقة من محامين ومنظمات حقوقية إلى أن الزنازين المصممة لاستيعاب 12–15 شخصًا باتت تضم نحو 45 معتقلاً، بحيث لا تتجاوز المساحة المتاحة لكل فرد 40 سنتيمترًا على الأرض. هذا التكدس الشديد أدى إلى حالات اختناق وانتشار أمراض جلدية وتنفسية، في ظل تجاهل إدارة السجن للمطالب بعدم استقبال مزيد من المعتقلين.
وبحسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فإن عنبر "أ" وحده يضم أكثر من 1100 محتجز، أي ما يزيد عن ضعف طاقته الاستيعابية. كما تراكم ما يقارب 80 سجينًا في غرف "الإيراد"، ما اضطر السلطات إلى نقل بعض المعتقلين إلى سجني العاشر من رمضان ووادي النطرون.
بؤرة مثالية لتفشي كورونا
وسط هذا التكدس، تحوّل السجن إلى بيئة خصبة لانتشار فيروس كورونا ومتحوراته، إذ وثقت الشبكة المصرية إصابات متزايدة بين السجناء داخل عنبر "أ"، دون وجود أي نظام للعزل الطبي أو رعاية صحية ملائمة.
ويعتمد المرضى بشكل أساسي على الأدوية التي تجلبها لهم أسرهم خلال الزيارات الشهرية، بينما تحرمهم إدارة السجن من العلاج الكافي داخل العيادة، في ظل غياب الأطباء والمعدات الطبية. ووفق تقارير حقوقية، ظهرت أعراض متباينة تشمل السعال، الحمى، فقدان الشم، والتعب، إضافة إلى مظاهر جديدة مرتبطة بمتحور "نيمبوس".
ورغم إعلان وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية أن مصر لم تسجل رسميًا إصابات بالمتحور الجديد حتى نهاية سبتمبر 2025، إلا أن شهادات من داخل السجن تشير إلى أن الفيروس لا يزال حاضرًا بقوة ويهدد حياة المعتقلين.
إهمال طبي ومعاملة مهينة
المنظمات الحقوقية وثّقت استمرار سياسة الإهمال الطبي، حيث لا يُسمح للمعتقلين بالذهاب إلى العيادة إلا وهم مقيدون بالكلبشات، في إجراء اعتبرته تقارير حقوقية "قاسيًا ومهينًا".
كما شكا أهالي المعتقلين من تفتيش مهين خلال الزيارات، ومصادرة محتويات غذائية ودوائية يجلبونها لأبنائهم، فضلًا عن انقطاع المياه والكهرباء بشكل متكرر ورداءة الوجبات المقدمة.
تقارير متواترة عن انتهاكات واسعة
في مايو 2025، أصدر مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" تقريرًا موسعًا أكد فيه أن الأوضاع داخل سجن أبو زعبل تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المحتجزين، مطالبًا بفتح تحقيق عاجل ومستقل والسماح بزيارات حقوقية دولية.
ومن بين أبرز الانتهاكات التي رصدها التقرير:
- تفشي الأمراض في ظل نقص الأدوية والأطباء.
- منع تحويل الحالات الحرجة إلى المستشفيات.
- حملات تفتيش تعسفية تتخللها مصادرة ممتلكات المعتقلين.
- التوسع في الإيداع بغرف التأديب بلا أسباب واضحة، وسط ظروف قاسية.
- سوء معاملة للأهالي والمعتقلين أثناء الزيارات.
- تكدس غرف التأديب بما يصل إلى 50 شخصًا في غرفة واحدة.
لا تقتصر الأزمة على أبو زعبل، إذ تشهد معظم السجون مستويات مرتفعة من التكدس والإهمال، ما يعكس خللاً هيكليًا أعمق في نظام الاحتجاز. ويرى حقوقيون أن ما يجري يمثل انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، مطالبين بتدخل عاجل من السلطات لوقف التدهور وإنقاذ حياة الآلاف.