أثار ظهور الفنان المصري ياسر جلال داخل أحد أقسام الشرطة لاستخراج صحيفة الحالة الجنائية الخاصة به، والمعروفة شعبيًا بـ"الفيش والتشبيه"، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
فبحسب موقع تليغراف مصر المحلي، فإن الوثيقة موجَّهة إلى مجلس الشيوخ، ما رجّح أن يكون اسم جلال ضمن قائمة التعيينات الجديدة التي يُتوقع صدورها قريباً بقرار جمهوري.
 

تعيينات مثيرة للجدل
هذا التطور أعاد إلى الواجهة طبيعة اختيارات عبد الفتاح السيسي لعضوية مجلس الشيوخ، والتي كثيراً ما وُصفت بأنها قائمة على الولاءات الشخصية والمصالح الاقتصادية، أكثر من اعتمادها على الكفاءة أو تمثيل المجتمع.
 

ياسر جلال: بين الفن والسياسة
الفنان ياسر جلال لم يكن يوماً ضمن الصف الأول للنجوم أصحاب المشاهدات الأعلى، رغم أنه لعب أدوار البطولة في السنوات الأخيرة.
لكن ذروة حضوره السياسي جاءت عندما جسّد شخصية السيسي في مسلسل الاختيار 3، الذي اعتُبر على نطاق واسع عملاً دعائياً للسلطة أكثر من كونه إنتاجاً فنياً.
وبذلك، فإن ترشيحه لمجلس الشيوخ يبدو أقرب إلى مكافأة رمزية على "خدماته" الإعلامية للنظام، لا على مؤهلات سياسية أو تشريعية.

كتب المحلل السياسي أحمد لطفي: "تعيين الرئيس ياسر جلال عضواً بمجلس الشيوخ؟ طالما التهريج وصل لكده أنا شايف أن بيومي فؤاد أولى".

 

وغرّد حساب حزب تكنوقراط مصر ساخرًا: "تكريماً لدوره في مسلسل الاختيار… السيسي يعين الفنان ياسر جلال عضواً بمجلس الشيوخ".

 

المال والسياسة: "صاحب قصر الكبابجي" نموذجاً
وليس جلال حالة استثنائية. فقد سبقه رجال أعمال مثيرون للجدل، أبرزهم المعروف بلقب "صاحب قصر الكبابجي"، الذي جرى تعيينه في دورات سابقة. الأمر الذي يعكس دمج السلطة للمال بالسياسة في معادلة واحدة: المجلس كأداة لضمان ولاء رجال الأعمال وتوظيف ثرواتهم في خدمة النظام.

ردود الفعل الشعبية جاءت حادة وساخرة، إذ كتب مستخدم اسمه محمد: "أكيد عضويته في المجلس تخدم الكباب والكفتة وتحسين جودة السلاطات مع الأرز البسمتي".

 

وقالت هاجر: "حينما تكون الحصانة السياسية بنكهة الباربكيو… وتحية مصر 3 مرات و3 صوابع كفتة".

 

بينما تهكّم عمر على مقولة العضو: "المال والسياسة يكملان بعضهما": "ده كلام موزون بس ناقص شوية بقدونس. وقد وجّه العضو تعليماته بوضع سلطة الطحينة بعيداً عن سلطة الطماطم… أول تطبيق عملي لمبدأ الفصل بين السَلطات".

 

أما أبو يوسف فعلّق قائلاً: "عشان كده دافع فوق الـ30 مليون جنيه عشان يدخل مجلس المنتفعين ويخدم الوطن… إن كنت كذوباً فكن ذكياً".

 

مجلس بلا روح .. تمثيلية
منذ إعادته في التعديلات الدستورية عام 2019، يواجه مجلس الشيوخ انتقادات بأنه مجرد مجلس "ديكوري" بلا سلطات فعلية، يُستخدم لإضفاء واجهة شكلية على النظام.
وكان من الممكن أن يعكس تشكيله توجهاً لتوسيع المشاركة العامة عبر استقطاب أكاديميين أو خبراء، لكن الواقع يكشف إعادة تدوير لذات النخب: فنانين مقرّبين من السلطة، ورجال أعمال نافذين، ووجوه حزبية شكلية بلا قواعد جماهيرية.

ويؤكد المحلل السياسي الدكتور عادل عبد المنعم أن "تعيين شخصيات مثل ياسر جلال أو رجال أعمال نافذين لا يعكس سوى طبيعة النظام الذي يدمج الولاء الشخصي بالقدرة المالية في اختيار المشرّعين".
وأضاف: "بهذا النهج، يتحول مجلس الشيوخ إلى ملحق بالقصر الرئاسي، لا إلى مساحة للنقاش الحر وصنع السياسات".
 

بين الفن والمال… يغيب المواطن
في المحصلة، فإن ظهور ياسر جلال في قسم الشرطة لاستخراج صحيفة الحالة الجنائية لم يكن مجرد إجراء إداري، بل إشارة رمزية لطبيعة إدارة السلطة للعملية السياسية.
فالمجلس يبدو أقرب إلى مسرح توزع فيه الأدوار بين ممثلين ورجال أعمال، بينما يظل صوت المواطن غائباً، والمؤسسات خاوية من المضمون.