في خطوة اعتبرها مراقبون انعكاسًا مباشرًا لتأثير المقاطعة الشعبية العربية والإسلامية والدولية للشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، أعلنت شركة ستاربكس الأميركية عزمها إغلاق 434 فرعًا في الولايات المتحدة وكندا، وتسريح نحو 900 عامل، ضمن خطة إعادة هيكلة تبلغ قيمتها مليار دولار.

يأتي القرار في ظل تراجع المبيعات وتضرر السمعة بعد تصاعد حملات المقاطعة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة.
 

ضغوط اقتصادية متزايدة
قالت الشركة في بيانها إن الإغلاق سيشمل الفروع الأقل ربحية، مع التركيز على الاستثمار في الخدمات الرقمية والتوصيل.
لكن خبراء الاقتصاد أكدوا أن الخسائر لا تعود لعوامل السوق وحدها، بل ترتبط بشكل مباشر بالمقاطعة التي امتدت من العالم العربي والإسلامي إلى الجاليات العربية والمسلمة في الغرب، إضافة إلى قطاع واسع من النشطاء المتضامنين مع فلسطين.

وتشير تقارير مالية إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات في مدن كبرى مثل شيكاغو ولوس أنجلوس وتورونتو، وهي من الأسواق الأكثر ربحية تاريخيًا للشركة. كما تراجعت القيمة السوقية لأسهم ستاربكس في الأشهر الأخيرة، ما دفعها إلى إطلاق خطة لخفض التكاليف وتدارك الخسائر.
 

المقاطعة كسلاح فعّال
منذ بداية العدوان على غزة، أطلقت حملات شعبية وسمات مثل #قاطع_ستاربكس و#BoycottStarbucks، وربط ناشطون الشركة بدعم مباشر أو غير مباشر لإسرائيل. تداولت منصات التواصل صورًا وفيديوهات لفروع شبه فارغة، ما عزز القناعة بأن الضغط الشعبي لعب دورًا حاسمًا في القرار الأخير.
 

شركات أخرى تحت الضغط

  • ماكدونالدز: أغلقت عشرات الفروع في أسواق عربية وآسيوية، خصوصًا في ماليزيا وإندونيسيا، وقلصت ساعات عمل بعض الفروع في الخليج ومصر.
  • بيبسيكو وكوكاكولا: شهدتا تراجعًا كبيرًا في المبيعات داخل عدة دول عربية، ودفع ذلك موزعين محليين للبحث عن بدائل.
  • KFC وبيتزا هت (يم! براندز): تراجعت المبيعات بنسبة تصل إلى 40% في بعض الدول العربية، وأغلقت بعض الفروع مؤقتًا أو قلصت العمالة.
  • H&M وعلامات أزياء أخرى: واجهت مقاطعة واسعة، واضطرت إلى تقديم خصومات حادة مع بقاء بعض متاجرها شبه خالية.

 

دلالات سياسية واقتصادية
يرى خبراء أن هذه التطورات لا تُقرأ فقط في إطار اقتصادي، بل تعكس تنامي تأثير المقاطعة كأداة ضغط سياسي واقتصادي. ومع استمرار الحرب على غزة وما خلّفته من صور مروعة، تصاعدت الدعوات لمعاقبة الشركات المتهمة بدعم الاحتلال.

ويقول الخبير الاقتصادي د. محمود العطار إن ما يحدث "يكشف أن الرأي العام أصبح قادرًا على إلحاق أضرار مؤلمة بشركات كبرى عبر سلاح المقاطعة"، مضيفًا أن "الخسائر التي طالت ستاربكس وماكدونالدز قد تدفع شركات أخرى لإعادة النظر في مواقفها المعلنة تجاه إسرائيل".
 

مستقبل غامض للشركات المستهدفة
يتوقع محللون أن تحاول الشركات تحسين صورتها عبر مبادرات خيرية أو بيانات محايدة، لكن الثقة الشعبية تراجعت بعمق، ما يجعل استعادة الأسواق عملية شاقة.
وفي كل الأحوال، يمثل إعلان ستاربكس إغلاق مئات الفروع تطورًا لافتًا في مسار حركة المقاطعة ورسالة قوية بأن ضغط المستهلك قادر على إحداث تغييرات ملموسة حتى داخل أكبر الاقتصادات العالمية.