في مشهد يعيد إلى الأذهان سنوات من التنكيل بالصحفيين والباحثين في مصر، أعلن الناشط الحقوقي حسام بهجت عن ظهور الصحفي إسماعيل الإسكندراني بنيابة أمن الدولة العليا بعد توقيفه فجر أمس في كمين بمطروح خلال عودته من سيوة

 

 

وكان المحامي والحقوقي البارز خالد علي، قد كشف  مساء الثلاثاء، عن اختفاء الصحفي والباحث المتخصص في شؤون سيناء إسماعيل الإسكندراني، بعد أن أوقفته قوات الأمن في أحد الأكمنة الأمنية بمدينة مطروح أثناء عودته من رحلة عمل وبحث ميداني في واحة سيوة.

وقال خالد علي إن هواتف الإسكندراني أُغلقت بشكل كامل منذ لحظة توقيفه، وإن محاولات أسرته وأصدقائه ومحاميه للوصول إليه باءت بالفشل، ما أثار مخاوف حقوقية واسعة من تعرضه للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري.

 

مسيرة صحفية وبحثية دفعت ثمنها

وكان الإسكندراني قد نشر تدوينة على صفحته الشخصية أشار فيها إلى تعرضه للتوقيف على أحد الكمائن بطريق مرسى مطروح، قبل أن تُغلق جميع هواتفه وتنقطع الاتصالات به. وذكر المحامي الحقوقي خالد علي، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن "إسماعيل الإسكندراني كان في سيوة، وأثناء عودته تم توقيفه في كمين بمطروح منذ نحو ثماني ساعات. كتب بنفسه أنه أُوقف، ثم أُغلقت هواتفه، ولم يُفلح أحد في التواصل معه منذ ذلك الحين."

ويُعد إسماعيل الإسكندراني كاتبًا وصحفيًا استقصائيًا وباحثًا في الشؤون الاجتماعية والسياسية، نال عدة جوائز عن أعماله. أُفرج عنه في ديسمبر 2022 بعد سبع سنوات من السجن، عقب حكم صادر عن محكمة عسكرية قضى بسجنه عشر سنوات، أُدين خلالها بتهم شملت "تسريب أسرار عسكرية" و"الانتماء إلى جماعة إرهابية"، وهي التهم التي أيدتها المحكمة العسكرية في ديسمبر 2018.

سبق أن تعاون الإسكندراني مع مؤسسات بحثية عدة، من بينها "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" و"مبادرة الإصلاح العربي"، وذاع صيته بتحقيقاته حول الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء.

 

ضغوط حقوقية للافراج عنه

عبدالمنعم محمود كتب " إسماعيل الاسكندراني فين، مش ممكن تكون بتطلع حد وتقبض على واحد تاني، الناس مش رهاين حرام عليكم".

 

 

وقال الناشط محمد طلبة رمضان " يبدو إنه فيه حد من رجال الدولة "الوطنيين" انزعج من فرحة "البشر الطبيعيين" بخروج علاء عبد الفتاح فقرر يقبض على إسماعيل الاسكندراني كـ "إنقاذ وطني".

 

وعلق أحمد هدهد " الحرية ل #اسماعيل_الاسكندراني مش كفاية ٧ سنين اتسجنهم ظلم و افتراء يا بلد كارهه ناسها و ولادها؟!".

 

 

الاختفاء الأخير يعيد المخاوف

اختفاؤه المفاجئ في مطروح يثير تساؤلات حول أسباب عودته مجددًا إلى دائرة الاستهداف. فبحسب حقوقيين، لم يصدر عن الإسكندراني أي نشاط سياسي علني منذ خروجه، واقتصر عمله على البحث الميداني والكتابة. ويرى مراقبون أن القبض عليه يعكس استمرار حالة التضييق على حرية التعبير، واعتبار أي محاولة لتوثيق الواقع خارج الرواية الرسمية تهديدًا للأمن القومي.

 

انتقادات متصاعدة للنظام

خالد علي وعدد من النشطاء الحقوقيين أكدوا أن هذه الواقعة تمثل "رسالة ترهيب" لكل الصحفيين المستقلين، خصوصًا مع تصاعد وتيرة الإخفاء القسري في السنوات الأخيرة. وتشير تقارير "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" و"التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" إلى أن آلاف المواطنين تعرضوا لحالات مشابهة، حيث يتم توقيفهم في أكمنة أو منازلهم، ثم يُحرم ذووهم من أي معلومة عن أماكن احتجازهم.

رمزية إسماعيل الإسكندراني

القضية تتجاوز شخص الإسكندراني إلى كونها مثالًا على أزمة أعمق يعيشها المجال العام في مصر. فهو صحفي وباحث حاز جوائز دولية عن عمله، ورغم ذلك لم ينجُ من السجن ولا من المتابعة الأمنية، وهو ما يجعل اختفاءه الأخير رسالة مفادها أن لا أحد في مأمن من القمع، مهما كانت مكانته أو سمعة عمله.