شهدت محكمة جنايات القاهرة في بدر، أمس الاثنين، أولى جلسات القضية رقم 786 لسنة 2020 حصر أمن الدولة، والمقيدة برقم 1023 لسنة 2024 جنايات أمن الدولة، والتي يُحاكم فيها كل من عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب "مصر القوية" والمرشح الرئاسي السابق، ونائبه محمد القصاص، إلى جانب آخرين، في قضية جديدة تضاف إلى سلسلة من المحاكمات التي يواجهها الرجلان منذ اعتقالهما قبل أكثر من ثماني سنوات.
ورغم أن أبو الفتوح والقصاص ما زالا رهن الاحتجاز على خلفية قضايا سابقة، فإنهما يمثلان أمام القضاء مجددًا، في ما وصفته منظمات حقوقية بظاهرة "تدوير القضايا" الهادفة إلى إبقاء السجناء السياسيين خلف القضبان إلى أجل غير معلوم. ويخضع أبو الفتوح منذ لحظة اعتقاله عام 2018 لحبس انفرادي متواصل، فيما يقضي القصاص عقوبات متفاوتة على خلفية قضايا مماثلة.
اتهامات متكررة
بحسب لائحة الاتهام الصادرة عن النيابة العامة، يواجه المتهمون تهمًا تتعلق بـ"تولي قيادة في جماعة أُسست على خلاف القانون" و"ارتكاب جرائم تمويل". ورغم تكرار هذه الاتهامات في معظم القضايا السياسية، فإنها ما زالت الأساس القانوني لإعادة تدوير المحاكمات بحق معارضين سياسيين، وهو ما أثار انتقادات حقوقية واسعة النطاق.
القضية الأخيرة تعد الثانية ضد أبو الفتوح بعد الحكم الصادر بحقه بالسجن 15 عامًا في القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن الدولة، بينما تُعد الثالثة بحق محمد القصاص، الذي سبق أن صدر بحقه حكم بالسجن عشر سنوات، ويواجه غدًا الثلاثاء جلسة محاكمة أخرى في قضية منفصلة.
انتقادات حقوقية
منظمة "عدالة لحقوق الإنسان" وصفت هذه الملاحقات القضائية بأنها "انتهاك صارخ للحقوق الأساسية"، مؤكدة أن "إصرار السلطات على ملاحقة السجناء السياسيين بقضايا جديدة يعكس استخدام القضاء كأداة سياسية لإسكات الأصوات المعارضة".
أما الشبكة المصرية لحقوق الإنسان فاعتبرت القضية "أغرب القضايا"، مشيرة إلى المفارقة في توجيه تهم تأسيس وتمويل جماعة لأبو الفتوح في الوقت الذي يقبع فيه داخل زنزانة انفرادية منذ سبع سنوات متواصلة. وأضافت الشبكة: "أي منطق هذا؟ وأي قضاء هذا؟".
الوضع الصحي للمعتقلين
المحامي الحقوقي خالد علي قال إن الجلسة شهدت حضور أبو الفتوح رغم حالته الصحية المتدهورة، إذ يعاني من أمراض مزمنة بينها تضخم في البروستاتا، إضافة إلى مشكلات في القلب والضغط والسكر. وأكد أن المحكمة قررت تأجيل القضية إلى 8 ديسمبر 2025 للاطلاع وتصوير أوراقها، معربًا عن أمله في صدور قرار عفو.
وعود رسمية مقابل واقع مغاير
تتزامن هذه التطورات مع حديث السلطات المتكرر عن وجود انفراجة سياسية مرتقبة، وحلحلة ملف السجناء السياسيين من خلال "الحوار الوطني" ولجنة العفو الرئاسي. لكن في المقابل، تستمر المحاكم في نظر قضايا سياسية جديدة، ما يثير تساؤلات حقيقية حول جدية الإرادة السياسية لإنهاء هذا الملف الشائك.
وتختلف الأرقام بشأن أعداد السجناء السياسيين إذ لا تعترف السلطات بوجودهم رسميًا، بينما تشير تقديرات منظمات محلية ودولية إلى أن عددهم يتجاوز 60 ألفًا، بين محبوسين احتياطيًا ومحكوم عليهم. ورغم الإفراج عن بعض المعتقلين خلال الأعوام الأخيرة، فإن وتيرة اعتقال معارضين جدد وإعادة تدوير القضايا تجعل المشهد في حالة من "الجمود المستمر"، بحسب مراقبين.
https://www.facebook.com/khaled.ali.72/posts/3874462089365787?ref=embed_post