يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي أزمة متفاقمة في صفوفه، دفعت قادته إلى التفكير بخطوات غير مسبوقة لسد النقص الكبير في عدد الجنود، وذلك عبر استقطاب شبان يهود من الخارج وتجنيدهم للقتال في غزة.
وبحسب ما أوردته إذاعة جيش الاحتلال، فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدرس هذه الفكرة بشكل جدي، بعد أن اتسعت الفجوة في احتياجاتها البشرية لتصل إلى ما بين 10 آلاف و12 ألف جندي. هذا العجز، الذي وصفته أوساط عسكرية إسرائيلية بالخطير، يعود بالدرجة الأولى إلى رفض شريحة واسعة من اليهود الحريديم – الذين يشكلون نحو 13% من السكان – الانخراط في الخدمة العسكرية، متمسكين بأن حياتهم مكرسة لدراسة التوراة، وأن المشاركة في الجيش تهدد هويتهم الدينية.
ورغم أن حكومة بنيامين نتنياهو حاولت تمرير تشريعات لإعفاء الحريديم من التجنيد، إلا أن هذه الخطوة قوبلت باعتراض واسع من أحزاب في الائتلاف والمعارضة، بالإضافة إلى قطاعات من الشارع الإسرائيلي التي اعتبرت الأمر تمييزاً يفاقم الانقسام الداخلي.
استقطاب من الجاليات الخارجية
ونقلت الإذاعة عن مسؤولين كبار في الجيش – لم تُذكر أسماؤهم – أن الخطة تهدف إلى استقطاب نحو 700 مجند إضافي سنوياً من الجاليات اليهودية بالخارج، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا، حيث يُعتقد أن هناك قاعدة شبابية قابلة للانخراط في الجيش الإسرائيلي، مدفوعة بدوافع قومية أو دينية.
استنزاف غير مسبوق
الأزمة التي دفعت الجيش إلى هذه الخطوة تعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي تتعرض له القوات الإسرائيلية منذ اندلاع المعارك البرية في غزة. فوفق صحيفة "معاريف" العبرية، اعترف الجيش لأول مرة في يوليو الماضي بأنه يفتقر إلى نحو 7500 جندي، فيما أعلن العديد من قادة الكتائب رغبتهم في التقاعد نتيجة الضغوط الهائلة.
كما أظهرت التقارير أن آلاف الجنود في قوات الاحتياط يعانون من صدمات نفسية واكتئاب، نتيجة طول فترة المشاركة في الحرب، والخسائر الكبيرة التي تكبدوها.
خسائر ثقيلة بالأرقام
وبحسب الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية، فقد الجيش منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى بداية العام الجاري نحو ألف ضابط وجندي، بينما أصيب الآلاف بجروح متفاوتة الخطورة، بينهم حالات بتر وإصابات دماغية، بالإضافة إلى الآلاف ممن يتلقون علاجات نفسية.
وعلى الأرض، ووفق ما توثقه الفصائل الفلسطينية يومياً، لا تزال العمليات النوعية لمقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس، تُكبّد الجيش خسائر إضافية، حيث يتم نشر مقاطع مصورة لعمليات تدمير دبابات وآليات وقتل وجرح جنود إسرائيليين.
حرب إبادة بحق غزة
وبدعم أميركي وصمت دولي، يواصل جيش الاحتلال شن حربه على قطاع غزة التي تصفها منظمات حقوقية ودوائر دولية بأنها إبادة جماعية. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد بلغت حصيلة الشهداء حتى منتصف أغسطس 2025 نحو 61 ألفاً و944 شهيداً، فيما أصيب 155 ألفاً و886 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود تحت الأنقاض، ومئات آلاف النازحين يعيشون في ظروف إنسانية مأساوية، كما تسببت المجاعة الناتجة عن الحصار في وفاة 258 شخصاً، بينهم 110 أطفال.