خيّم الحزن على قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا، بعد أن لحقت مأساة جديدة بسكانها، تمثلت في وفاة ناصر محمد، والد الأطفال الستة الذين قضوا في أيام متعاقبة نتيجة مرض غامض. وبوفاته، طُويت صفحة مؤلمة من تاريخ هذه العائلة المنكوبة، التي تحوّلت إلى رمز للفاجعة وموضوعًا للرأي العام المحلي والوطني.

 

الفاجعة تتفاقم.. وفاة الأب بعد "الناجية الوحيدة"

توفي ناصر محمد، اليوم الجمعة، داخل مستشفى أسيوط الجامعي، بعد أن نُقل إليه في حالة حرجة قادمًا من مستشفى المنيا، حيث خضع لفحوصات وتحاليل دقيقة، أُرسلت عينات منها إلى معامل وزارة الصحة المركزية في محاولة لتحديد سبب تدهور حالته الصحية.

إلا أن هذه الجهود لم تُجدِ نفعًا، حيث أسلم روحه إلى بارئه بعد أيام فقط من وفاة ابنته فرحة، التي كانت الناجية الوحيدة من أشقائها الخمسة.

فرحة كانت بصيص الأمل الوحيد في قصة الموت الجماعي، لكن الأمل ما لبث أن تلاشى بوفاتها، بعد صراع مع الأعراض الغامضة نفسها، التي بدأت بعد تناول وجبة منزلية، وفق رواية عم الأطفال.

 

الوجبة الأخيرة.. خبز شمسي وبداية الانهيار

في تفاصيل مثيرة كشفتها عائلة الضحايا، أشار عم الأطفال إلى أن فرحة، قبل وفاتها، روت وقائع الوجبة الأخيرة التي جمعت الأشقاء الستة، والتي تضمنت خبزًا شمسيًا منزلي الصنع. بعد تناول الطعام، بدأت الأعراض في الظهور سريعًا: غثيان، تعرق، هبوط حاد، وارتفاع في درجات الحرارة.

الطفل الأول سقط خلال ساعتين، وتبعه الثاني، ثم الثالث، في سلسلة مرعبة من الأعراض المتطابقة، إلى أن حصد المرض الغامض أرواح خمسة أشقاء خلال فترة وجيزة، وسط عجز طبي كامل عن إنقاذهم أو حتى تفسير ما حدث.

 

دلجا تنزف وجعًا.. والمجتمع في صدمة

داخل أزقة دلجا، لا تزال الصدمة حاضرة، والحزن معلقًا في عيون الكبار والصغار.

يقول أبو علي، أحد جيران الأسرة المنكوبة: "العيال كانوا بيلعبوا في الشارع زي كل يوم. فجأة الدنيا اتشقلبت. أول واحد تعب، وبعده الباقي وراه. وكلهم زي الورد، محبوبين من الكل. لحد النهارده مفيش حد فاهم حاجة، ولا مسؤول طلع قال حصل إيه."

الجنازات التي توالت يومًا بعد يوم تحولت إلى مشاهد مؤلمة لم يحتملها كثير من الأهالي، وسط بكاء وصراخ النساء، وذهول الرجال، وصمت ثقيل من الجهات المعنية.

 

مطالبات شعبية بالحقيقة والمحاسبة

في المقابل، تتزايد المطالبات الشعبية بكشف الحقيقة ومحاسبة أي طرف قد يكون تسبب في هذه الكارثة، سواء بسبب تسمم غذائي ناتج عن تقصير في الرقابة، أو مرض بيئي لم يُرصد بعد، أو إهمال طبي.

يقول أحد وجهاء القرية: "الناس عايزة إجابة، وحق العيال دول ما ينتهيش بكلمة (سبب غير معلوم). فيه ستة أرواح راحت، وأبوهم كمان. اللي حصل ده أكبر من مجرد حادث فردي."