في تطور مفاجئ دفع بقضية الاعتداءات الجنسية على أطفال مدرسة «سيدز» للغات إلى واجهة الجدل القانوني والاجتماعي في مصر، تولّت النيابة العسكرية التحقيق الكامل في القضية «بتوجيه رئاسي»، بحسب ما أكده المحامي عبد العزيز عز الدين، ممثل أهالي الضحايا. خطوة وُصفت من بعض الأطراف بأنها «ضمانة للردع»، بينما رآها آخرون «إجراءً غير قانوني» ينذر بانتقال أكبر لملفات مدنية إلى نطاق القضاء العسكري.
قرار الإحالة: من «توجيه رئاسي» إلى خلاف قانوني محتدم
النيابة العسكرية طلبت رسميًا من النيابة العامة تسليم ملف القضية، وفق ما نقلته عدد من المنصات الإعلامية شبه الرسمية، التي وصفت الخطوة بأنها تأتي «تحقيقًا للردع العام» عقب موجة غضب شعبي غير مسبوقة إثر الكشف عن الاعتداءات الجنسية لسبعة من العاملين في المدرسة على أطفال تقل أعمارهم عن سبع سنوات.
المحامي عز الدين أكد أن قرار الإحالة جاء بتوجيه من عبدالفتاح السيسي، معتبرًا أن الدولة «تدخل مرحلة جديدة تمامًا من التحقيقات»، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية لارتباطها بسير الإجراءات.
في المقابل، وصفت المحامية ندى نشأت، من مؤسسة قضايا المرأة المصرية، الإحالة بأنها «عبث وإجراء غير قانوني»، مؤكدة أن الجريمة «لا تندرج ضمن قضايا الأمن القومي»، وأن المدرسة ليست منشأة عسكرية، وهو ما يجعل اختصاص القضاء العسكري محل تساؤل قانوني واسع.
عام كامل من الانتهاكات المروّعة داخل المدرسة
التحقيقات الأولية كشفت عن نمط اعتداءات جنسية متكرر «على مدار قرابة عام كامل»، وفق روايات الأطفال وذويهم، استغل خلالها المتهمون ثغرات الإشراف المدرسي وغياب كاميرات المراقبة، وأقدموا على استدراج الضحايا والاعتداء عليهم تحت تهديد السلاح الأبيض.
وخلال المعاينة الميدانية، عثرت النيابة على سكين استُخدم لترهيب الأطفال، إلى جانب أدلة مادية أخرى.
وحتى مساء أمس، بلغ عدد المتورطين سبعة من العاملين بالمدرسة، بينهم أربعة محبوسون احتياطيًا بتهم مشددة، من بينها الخطف بالتحايل وهتك العرض وتعريض حياة الأطفال للخطر وإخفاء أدلة مرتبطة بالجناية.
اتهامات للمدرسة بالتقصير.. وبلاغات عن حذف تسجيلات
القضية تفجرت بعد بلاغ من والدي طفلة روت ما تعرّضت له، قبل أن تتوالى الشهادات المتعلقة بخمسة أطفال آخرين.
وأفاد عز الدين بأنه قدم بلاغًا منفصلًا حول حذف تسجيلات كاميرات المدرسة، فيما قالت النيابة إنها بدأت فحص الهواتف ومقاطع المراقبة واسترجاع البيانات المحذوفة.
تزامن ذلك مع بيان لإدارة المدرسة أعلنت فيه «دعمها الكامل» لعائلات الضحايا وفتحها تحقيقًا داخليًا، بينما وضعت وزارة التربية والتعليم المدرسة تحت إشراف إداري ومالي كامل، وأحالت مسؤولين متورطين في «الإهمال الجسيم» أو التستر إلى التحقيق.
والدة إحدى الضحايا وصفت ما جرى بأنه «تواطؤ صريح»، مؤكدة أن أحد المتهمين –وهو فرد أمن– سبق فصله بسبب شبهات مماثلة قبل أن يعود إلى وظيفته، وطالبت بإغلاق المدرسة نهائيًا ومحاسبة الإدارة بجميع مستوياتها.
تحوّل جديد في دور القضاء العسكري
إحالة القضية إلى القضاء العسكري أعادت إلى السطح النقاش حول اتساع اختصاصات هذا الجهاز القضائي منذ 2014، وما تبع التعديلات الدستورية في 2019 و2024 من منح القضاء العسكري مزيدًا من الصلاحيات في محاكمة المدنيين.
ويرى قانونيون أن الإحالة قد تُستخدم كمرجع في قضايا لاحقة، ما قد يؤدي إلى «تآكل تدريجي» لدور النيابة العامة في التحقيق بجرائم مدنية بحتة.
ندى نشأت اعتبرت أن القضية «مشددة بالفعل وفق القانون المدني» لأن الضحايا أطفال ولأن المتهمين من متولي الرعاية، ما يمنح النيابة العامة الحق في المطالبة بأقصى عقوبات ممكنة دون الحاجة لنقل الملف إلى جهة قضائية أخرى. وأضافت: «لو الردع مش متحقق بالقانون المدني، يبقى أصل المشكلة في القانون نفسه وليس في الجهة التي تطبقه».

