تصاعدت أزمة تأخر إصدار اللائحة التنفيذية لقانون حقوق المسنين رقم 19 لسنة 2024، بعد تجاوز الحكومة للمهلة الدستورية والقانونية دون تقديم أي تفسير رسمي. وطالب النائب فريدي البياضي باستدعاء رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى البرلمان، لمساءلته مباشرة عن هذا "التقاعس غير المبرر"، الذي اعتبره إهانة لإرادة البرلمان وحقوق كبار السن.

 

الحكومة تتجاهل النص الدستوري.. واللائحة "رهينة الأدراج"
   أثار النائب فريدي البياضي أزمة قانونية ودستورية جديدة في البرلمان، بعدما كشف في بيان رسمي عن مرور أكثر من 8 أشهر كاملة على انتهاء المهلة القانونية لإصدار اللائحة التنفيذية لقانون رعاية حقوق المسنين، والتي كان من المفترض أن تصدر في موعد أقصاه 4 أكتوبر 2024، بعد نشر القانون بالجريدة الرسمية في أبريل الماضي.

واستند البياضي في طلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء ووزيرة التضامن الاجتماعي، إلى المادة الخاصة بإلزام الحكومة بإصدار اللائحة خلال 6 أشهر فقط من نشر القانون. وأوضح أنه رغم تأكيد ممثلي وزارة التضامن، في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب في ديسمبر 2024، أن المسودة النهائية تم رفعها إلى مجلس الوزراء في أكتوبر، إلا أن اللائحة لم تصدر حتى الآن.

 

"يا حكومة، منتظرين الشعب كله يبقى مسنين؟!"
   وفي لهجة حادة، انتقد البياضي تأخر إصدار اللائحة واعتبره سلوكًا يعكس "استهتارًا غير مقبولًا بحقوق فئة كريمة من المجتمع"، متسائلًا في بيانه: "هل يُعقل أن يُهدَر حق فئة تُقدِّم لمصر سنوات من العمل والعطاء؟ يا حكومة، منتظرين الشعب كله يبقى مسنين؟!".

وشدد على أن الحكومة تُخالف الدستور بشكل مباشر، عبر تعطيل حق دستوري وقانوني يتعلق بالحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، وعلى رأسها كبار السن، مؤكدًا أن غياب اللائحة يعطِّل تطبيق بنود القانون كافة، ويحرم ملايين المواطنين من الحماية التي نصت عليها التشريعات.

 

قانون شامل.. بلا تنفيذ
   كان البرلمان قد أقر قانون حقوق المسنين في فبراير 2024، وصدر رسميًا في أبريل، ويعد من القوانين الاجتماعية المتقدمة، إذ ينص على إنشاء "صندوق رعاية المسنين"، وتوفير إعفاءات جزئية لهم من استخدام وسائل النقل العام، كما يُدرجهم ضمن أولويات سياسات مكافحة الفقر، ويكفل لهم خدمات الدعم الاجتماعي والصحي والنفسي.

ويعرّف القانون المسن بأنه كل شخص يبلغ من العمر 65 عامًا أو أكثر، ويعجز عن سد الحد الأدنى من احتياجاته الأساسية للحياة. ويهدف القانون إلى ضمان حياة كريمة للمسنين، وتعزيز مشاركتهم المجتمعية، وحمايتهم من التهميش والإهمال.

 

9.3 مليون مسن مهدَّدون بالتجاهل
   بحسب أحدث تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد المسنين في مصر (60 عامًا فأكثر) نحو 9.3 مليون مواطن في نهاية سبتمبر 2024، بنسبة 8.8% من إجمالي عدد السكان. وتشير التوقعات الديمغرافية إلى تزايد النسبة تدريجيًا خلال السنوات المقبلة، ما يجعل تطبيق القانون ضرورة مجتمعية لا تحتمل التأجيل.

 

أزمة أعمق من لائحة
   تأتي هذه الأزمة في سياق أوسع من التأخر المتكرر في إصدار اللوائح التنفيذية لعدد من القوانين المهمة، ما يعكس خللاً تشريعيًا وإداريًا يعرقل تفعيل نصوص قانونية وافق عليها البرلمان وصدّق عليها عبدالفتاح السيسي، ويؤدي غياب اللوائح التنفيذية إلى تجميد القوانين عمليًا، وحرمان المواطنين من الاستفادة من الحقوق التي تضمنها، في مشهد يفاقم انعدام الثقة بين المواطن والدولة.