رغم ما بدا من انفراجة في أزمة شاطئ حنكوراب بمحافظة البحر الأحمر، بإزالة مظاهر التعدي التي أثارت غضبًا بيئيًا وشعبيًا واسعًا، كشف تقرير حديث عن استمرار مظاهر "غياب الشفافية" و"تضارب الجهات المشرفة"، في ظل سيطرة جهة غير معلنة على الشاطئ الواقع داخل محمية وادي الجمال، وتحصل رسوم دخول دون الإفصاح عن هويتها القانونية أو تبعيتها الرسمية.
في تقرير صدر بعنوان "شاطئ حنكوراب... نهاية أزمة أم بدايتها؟"، دعت مؤسسة إيكوريس/Ecoris، المعنية بالتنمية المستدامة وحماية البيئة، إلى إفصاح وزارة البيئة عن الجهة التي تدير الشاطئ حاليًا وتحصل الرسوم من الزوار، رغم أن المنطقة تعد ملكًا عامًا محميًا دستوريًا، وتقع تحت ولاية الدولة البيئية.
من التعديات إلى الغموض الإداري
التقرير الذي استند إلى زيارة ميدانية في 30 أبريل رصد وجود بوابة حجرية حديثة على مدخل الشاطئ، يشرف عليها موظفو أمن غير معلوم تبعيتهم، يحصلون رسوم دخول تبلغ 200 جنيه للفرد المصري ومثلها للسيارة، مقابل تذكرة لا تحمل اسم الجهة المحصلة ولا أي صفة رسمية.
ولم يرصد الفريق أي وجود لمفتشي وزارة البيئة أو أي جهة حكومية، باستثناء مسعف "رفض الإدلاء بأي بيانات".
رغم زوال مواد البناء والمعدات الثقيلة التي كانت موجودة خلال فترة التعديات، لاحظ الفريق وجود بعض المرافق البسيطة، مثل كرفان معدني وخيمة قماشية، وخيمة خشبية يقدم من خلالها سكان محليون بعض المشروبات. لكن اللافت أن هناك مساعدين للزوار يطلبون توقيع إقرار بعدم مسؤولية إدارة الشاطئ عن أي ضرر، ما اعتبره التقرير مؤشرًا على وجود جهة "مبهمة" تنظم الشاطئ دون مرجعية قانونية واضحة.
من البداية.. تعديات وانتهاكات
تعود جذور الأزمة إلى فبراير الماضي، حين بدأت تداولات حول وجود تعديات على شاطئ حنكوراب بمعدات ثقيلة وأعمال إنشائية مخالفة للقانون، مما شكّل تهديدًا خطيرًا على النظام البيئي والشعاب المرجانية والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض.
وسبق هذه الأزمة واقعة مماثلة في نوفمبر 2024، تم تحرير محاضر بشأنها وصدرت غرامات ضد المتهمين مع إزالة التعديات.
تحركات برلمانية وقانونية
الأزمة استدعت تحركات من نواب البرلمان، أبرزهم النائبتان سميرة الجزار ومها عبد الناصر، اللتان قدمتا طلبات إحاطة وبيانات عاجلة تطالب بوقف التعديات وفتح تحقيق عاجل، إلى جانب بلاغات من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنائب العام تطالب بحماية المحمية.
كما أطلقت منظمات بيئية، بينها جمعية حماية الطبيعة، حملة إلكترونية بعنوان "كنز مصر البيئي في خطر"، جمعت أكثر من 2200 توقيع تطالب بحماية الشاطئ من العبث والتجريف والاستغلال غير المشروع.
وزارة البيئة.. تصريحات متناقضة
في جلسة حوار مجتمعي دعت إليها وزارة البيئة، أكدت الوزيرة ياسمين فؤاد أن حنكوراب ليست ذات حساسية بيئية عالية مقارنة بمواقع أخرى، وأنه يُسمح بأنشطة سياحية تتماشى مع خطة الإدارة البيئية التي تم اعتمادها عام 2023.
لكن تقارير صادرة عن جهاز شؤون البيئة بمحافظة البحر الأحمر نفت صحة هذه التصريحات، وأكدت أن المشروع الذي يجري في المنطقة لا يملك دراسات تقييم أثر بيئي معتمدة، في تناقض صارخ مع رواية الوزارة.
مطالب عاجلة من منظمات المجتمع المدني
دعت مؤسسة إيكوريس إلى حزمة من الإجراءات العاجلة، أبرزها: إعلان الجهة المشرفة فعليًا على شاطئ حنكوراب وتوضيح تبعيتها الإدارية، وضمان وجود دائم لمفتشي وزارة البيئة وتفعيل أدوات الرقابة الرسمية، وإعلان دراسات الأثر البيئي لأي نشاط أو منشأة مستقبلية داخل المحميةـ وتحديد معايير شفافة لرسوم دخول المحميات، ووضع أسعار عادلة للمصريين، وضمان مشاركة المجتمع المحلي، لا سيما قبائل "العبابدة"، في إدارة الموارد الطبيعية، وتحسين منظومة إدارة المخلفات الصلبة، لا سيما البلاستيكية في مناطق المانجروف، وتوفير خدمات السلامة والإرشاد للزوار، بما يشمل منقذين ولافتات توعية.