قالت نقابة الأطباء إنها استقبلت العديد من الشكاوى من أعضائها المسؤولين عن وحدات الغسيل الكلوى، والذين يعانون من غلاء أسعار مستلزمات جلسة الغسيل الكلوى ونقصها نتيجة ارتفاع سعر الدولار.

ولفتت إلى أن أطباء الغسيل الكلوى يعانون أيضاً من غلاء أسعار المحاليل الطبية الضرورية والتى يحتاجها المريض أثناء إجراء جلسة الغسيل، مشيرة إلى أن متوسط ما يحتاجه مريض الغسيل الكلوى فى الجلسة الواحدة عبوتين أو 3 من محلول الملح أو الجلوكوز، وسعر الكرتونة التى تحتوى على 20 عبوة يتراوح 4 أضعاف ثمنه في السوق السوداء، بسبب نقصه، كما زادت أسعار مستلزمات الغسيل الكلوى من فلاتر الغسيل وقطع غيار الماكينات ومستلزمات محطة المياه المعالجة.

وحذرت النقابة من أن هذا الوضع سيدفع مسؤولى بعض مراكز الغسيل الكلوى لغلق المركز مؤقتاً وتحويل المرضى لعدم القدرة على الالتزام بهذه الأسعار وعدم استطاعتهم تحمل فرق السعر بدلاً من تحميله للمريض.
 

وضع لا يحتمل
   
ومن جهته أكد محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء أن مرضى الفشل الكلوي في مصر يواجهون وضع لا يحتمل، حيث يواجه قطاع الغسيل الكلوي نقصًا حادًا في الفلاتر والأجهزة والمواد الأساسية المستخدمة في الجلسات، ما أدى إلى توقف مراكز الغسيل الكلوي عن العمل وهو ما يعرض حياة المرضى للخطر.

وقال إن أجهزة الغسيل الكلوي تحتاج إلى صيانة دورية وتغيير قطع الغيار بانتظام لتجنب انتشار العدوى، خاصة فيروس سي، وهو ما جعل الأزمة أكثر خطورة، لأن استمرار نقص هذه المستلزمات يعني زيادة المخاطر الصحية للمصابين، محذرا من أن الارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية جعل الوضع الحالي لا يُحتمل، لأن المرضى أصبحوا عاجزين عن تحمل تكاليف العلاج، والأزمة تتفاقم دون وجود حلول جذرية.
 

أسعار الجلسات تتضاعف
   
ورغم أن سعر جلسات الغسيل الكلوي تسعر رسميا بـ 685 685 جنيهًا إلى أن المريض يدفع نحو 1200 جنيه للجلسة الواحدة، بسب نقص بعض المستلزمات اللازمة إتمام عملية الغسيل والتي يذهب لشرائها من السوق السوداء، نظرا لنقصها وارتفع ثمنها.
 

إحصائيات الفشل الكلوي
   
وفي مصر، تزداد أعداد الإصابة بالفشل الكلوي مقارنة بالنسب العالمية، فوفقا للجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى تصل نسبة من هم في احتياج للغسيل الكلوي إلى 650 حالة لكل مليون، وهو أكثر من ضعف النسبة العالمية.

وتظهر الإحصاءات أن 25% من مرضى الغسيل الكلوي في مصر يموتون سنويا، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض من 7 إلى 10% فقط، وفق الجمعية المصرية لأمراض الكلى ومنظمة الصحة العالمية.

في حين يتراوح عدد المرضي المترددين على وحدات الغسيل الكلوي في المستشفيات الحكومية والتعليمية والمراكز المتخصصة والتأمين الصحي والمؤسسات العلاجية والقطاع الخاص 115 ألف مريض، ويوجد نحو 9 ملايين مريض بأمراض الكلى.
 

لماذا تتزايد أعداد مرضى الكلى في مصر؟
   
يقول أستاذ الباطنة وأمراض الكلى بكلية طب سوهاج وعضو مجلس الإدارة بالجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى، علي القرياتي، إن "مصر لا تتوافر فيها الأدوات والإمكانيات للوصول إلى أرقام فعلية صحيحة".

يجيب أستاذ أمراض الكلى، علي القرياتي، عن ذلك السؤال بالقول إن "الأسباب الثلاثة الرئيسية للإصابة بالفشل الكلوي هي: ارتفاع ضغط الدم، والإصابة بمرض السكري، والإفراط في تناول المسكنات والمضادات الحيوية".

ويوضح أن ارتفاع ضغط الدم هو مرض "قد يأتي بدون أي أعراض"، مشيرا إلى أن الثقافة العلاجية في مصر تتعلق دائما بالأعراض، "فلا يذهب مريض الضغط إلى الطبيب لانعدام شعوره بأعراض، وبالتالي لا يحصل على علاج، ما يؤدي إلى تداعيات صحية خطيرة، من أهمها الفشل الكلوي، وهي مشكلة تظهر بشكل أكبر في المناطق الأكثر فقرا"، حيث تزداد نسب الإصابة بذلك المرض.

ويأثر ارتفاع نسبة السكر في الدم عند المصابين بمرض السكري سلبا على وظائف الكلى، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بالقصور الكلوي إذا لم تتم معالجته.

ويقول د. القرياتي، إن الإفراط في تناول المسكنات والمضادات الحيوية أصبح سببا من الأسباب الأساسية للإصابة بالفشل الكلوي في الفترة الأخيرة. وهو ينصح بعدم تعاطي المسكنات والمضادات الحيويةمن دون استشارة طبيب، وهو الأمر الذي يرى أستاذ الكلى أنه "يحتاج إلى تقنين" لتقليل أعداد الإصابة.

وأضاف القرياتي أن الفترة الأخيرة شهدت تفشي حالات الإصابة بالفشل الكلوي بين شباب أصحاء في مصر لا يعانون من أمراض أخرى كالضغط والسكر، ولكن "بعد بحث الأطباء تبين أن تلك الحالات أصيبت بسبب تعاطي المخدرات المختلفة المنتشرة الآن في شوارع مصر مثل الترامادول وغيره".

قد تكون مشقة الغسيل الكلوي الخيار الوحيد أمام كثيرين، لكن هناك حاجة لمزيد من الجهود لتخفيف معاناة مرضى الفشل الكلوي وتقليل أعداد الإصابة في مختلف الدول العربية .
 

كارثة صحية
   
ووفق المسؤول السابق بوزارة الصحة، د.مصطفى جاويش،  فإن أزمة مرضى الغسيل الكلوي في مصر معروفة للجميع، ويعاني منها الكثير من المرضى، مشيرا إلى أن "الأزمة زادت حدتها في أعقاب إغلاق العديد من الجمعيات الأهلية الطبية الخاصة منذ سنتين، والتي كانت تقوم بدور كبير في حل الأزمة".

مؤكدا أن "مصر بها آلاف مرضى الغسيل الكلوي الذين يحتاجون إلى ثلاث جلسات أسبوعيا، بمعدل نحو 13 جلسة شهريا، وللأسف فإن وحدات الغسيل في المستشفيات الحكومية تستخدم مواد رخيصة في عملية الغسيل تتسبب في ظهور أمراض أخرى، وتؤدي إلى وفيات أيضا، كما أن المرشحات والفلاتر ليست على المستوى المطلوب".

وحمًل جاويش الحكومة مسؤولية عدم الإنفاق على الصحة، والإهمال في متابعة أجهزتها، قائلا: "هناك نقص تمويل في موازنة الصحة، ما يؤثر بالسلب على جودة الخدمة المقدمة للمرضى، إضافة إلى مستوى الصيانة التي تجري على الأوراق للحصول على أختام في نهاية التقرير".