تستعد محكمة استئناف القاهرة لبدء أولى جلسات محاكمة المحامي والناشط الحقوقي البارز إبراهيم متولي، مؤسس رابطة أهالي المختفين قسرياً، بعد مرور ثمانية أعوام كاملة قضاها في الحبس الاحتياطي دون محاكمة، في ما يعتبره حقوقيون أحد أطول فترات الاحتجاز التعسفي في البلاد خلال العقد الأخير. وحددت المحكمة الأول من يونيو المقبل لبدء النظر في القضية رقم 900 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، المتهم فيها متولي مع قرابة 100 مواطن، بتهم تأسيس وتولي قيادة جماعة مخالفة للقانون، ونشر أخبار كاذبة، والتواصل مع جهات أجنبية لدعم تلك الجماعة. بينما تبدأ جلسات القضية الثانية، رقم 1470 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، في 11 يونيو بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويل أنشطتها. اعتقال في طريقه إلى الأمم المتحدة وتعود بدايات القضية إلى العاشر من سبتمبر 2017، حين ألقي القبض على متولي في مطار القاهرة الدولي أثناء توجهه إلى جنيف للمشاركة في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كان من المقرر أن يعرض قضية نجله المختفي قسرياً، بالإضافة إلى عدد من الحالات الموثقة الأخرى. لكنه اختفى قسرياً لثلاثة أيام بعد القبض عليه، قبل أن يظهر متهماً في القضية الأولى. تدوير بلا نهاية بعد نحو عامين من الاحتجاز، أصدرت نيابة أمن الدولة قراراً بإخلاء سبيل متولي في أكتوبر 2019، لكن القرار لم يُنفذ. وبدلاً من إطلاق سراحه، اختفى مجدداً قسرياً لمدة أسبوعين، ثم ظهر من جديد في نوفمبر متهماً في القضية الثانية. ولاحقاً، صدر قرار آخر بإخلاء سبيله في أغسطس 2020، لكنه ظل في السجن بعد "تدويره" مجدداً داخل القضية نفسها، في واحدة من أبرز حالات التدوير القضائي التي أثارت انتقادات حادة من منظمات حقوقية محلية ودولية. "احتجاج صامت" خلف القضبان في موازاة التطورات القانونية، كشف فريق الدفاع عن متولي أنه رفض الخروج للزيارة مؤخراً، احتجاجاً على قرار إدارة السجن منعه من السلام الجسدي على زوجته وحفيدته. وطالب بأن يُسمح له بلقاء عائلته من دون حاجز زجاجي، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من احتضان أي فرد من أسرته منذ أكثر من أربع سنوات. نشاطه الحقوقي… سبب المحنة؟ إبراهيم متولي، المحامي والنشط الحقوقي، يُعد أحد الوجوه البارزة في ملف الاختفاء القسري، حيث شارك في تأسيس رابطة أهالي المختفين، وساهم في توثيق عشرات الحالات، ورفعها إلى المحافل الدولية. يرى حقوقيون أن اعتقاله جاء كرد فعل على تحركه الدولي وتعاونه مع آليات الأمم المتحدة، في وقت تعتبر فيه السلطات المصرية أي اتصال خارجي من هذا النوع محاولة لتشويه الدولة. انتقادات حقوقية ومطالب بالإفراج منذ اعتقاله، طالبت منظمات حقوقية كبرى، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بالإفراج الفوري عن متولي، واصفة احتجازه بأنه تعسفي ومخالف للقانون الدولي. كما سلّطت قضيته الضوء على واحدة من أكثر الممارسات إثارة للجدل في النظام القضائي: الحبس الاحتياطي الممتد، والذي يتحوّل – بحسب منظمات حقوقية – إلى عقوبة غير منصوص عليها قانوناً. جدل حول تدوير المعتقلين أثارت قضية متولي مجدداً ملف ما يُعرف بـ"تدوير المعتقلين"، أي إعادة إدراج المتهمين في قضايا جديدة فور صدور قرارات بالإفراج عنهم، ما يُفرغ قرارات النيابة من مضمونها. ويصف حقوقيون الظاهرة بأنها آلية لتمديد الحبس بلا محاكمة، تُستخدم ضد النشطاء والمعارضين السياسيين، لتفادي الضغوط المحلية والدولية دون تغيير فعلي في الممارسات الأمنية.