سجّلت البنوك، بما في ذلك البنك المركزي، تراجعًا جديدًا في فائض صافي الأصول الأجنبية بنسبة 10.6% خلال شهر أبريل 2025، ليهبط من نحو 15 مليار دولار في نهاية مارس إلى 13.4 مليار دولار فقط، وفق بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري، في تطور يثير القلق بشأن استقرار سوق النقد الأجنبي في مصر.
هذا الانكماش يأتي بعد أشهر من التحسن النسبي في مؤشرات القطاع المصرفي، ويعكس – بحسب خبراء ومصرفيين – استمرار الضغوط على الجنيه المصري، إضافة إلى عودة نزيف النقد الأجنبي من السوق المحلية، سواء بسبب الالتزامات الخارجية أو تخارج المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية.
البنك المركزي أول المتضررين.. خسارة 680 مليون دولار في شهر
أظهر التقرير الرسمي للبنك المركزي أن صافي الأصول الأجنبية لديه انخفض بنسبة 5.4% على أساس شهري في أبريل، ليتراجع إلى 11.82 مليار دولار مقارنة بـ12.5 مليار دولار في مارس.
ويُعزى هذا التراجع إلى ارتفاع التزامات البنك من النقد الأجنبي بنسبة 2%، لتصل إلى 34.5 مليار دولار، مقابل 33.8 مليار دولار في الشهر السابق.
البنوك التجارية تخسر أكثر.. هبوط بـ36% في الفائض
الأرقام الأكثر حدة جاءت من البنوك التجارية التي فقدت 36.3% من فائض صافي أصولها الأجنبية خلال شهر واحد، ليتقلص إلى 1.61 مليار دولار فقط، ويعود ذلك إلى ارتفاع التزاماتها من النقد الأجنبي بنسبة 5% إلى 29.5 مليار دولار في أبريل، مقابل 28.1 مليار دولار في مارس.
وكانت هذه البنوك قد سجلت فائضًا نادرًا بقيمة 2.53 مليار دولار في مارس، بعد أن كانت تعاني من عجز بلغ 1.92 مليار دولار في فبراير، ما جعل التراجع الأخير بمثابة صدمة للأسواق ومؤشرًا على هشاشة التحسن السابق.
الجنيه تحت الضغط.. أدنى سعر تاريخي في أبريل
ترافق هذا التراجع مع ضغوط شديدة في سوق الصرف، إذ سجل الجنيه في 9 أبريل أدنى مستوياته التاريخية أمام الدولار عند 51.73 جنيه، وفقًا للبيانات الأرشيفية للبنك المركزي. وقد جرى احتساب متوسط سعر الصرف خلال أبريل عند 51.19 جنيه مقابل 50.63 جنيه في مارس.
اليوم، الخميس يتداول الدولار في البنوك عند مستويات تتراوح بين 49.6 و49.7 جنيه، ما يعكس حالة من التذبذب النسبي في السوق، رغم استمرار الضغوط.
أسباب الانكماش.. تخارج الأجانب والتزامات متزايدة
بحسب تصريحات مصرفيين، فإن أحد العوامل الرئيسية وراء هذا التراجع هو تخارج المستثمرين الأجانب مجددًا من أدوات الدين المحلية، مثل أذون وسندات الخزانة، في ظل حالة من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، خصوصًا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطلاق حرب رسوم جمركية جديدة، ما أثّر على التدفقات النقدية الأجنبية إلى الأسواق الناشئة، ومنها مصر.
ما هو صافي الأصول الأجنبية؟
يمثل صافي الأصول الأجنبية الفارق بين ما تملكه البنوك (بما في ذلك البنك المركزي) من أصول بالعملة الأجنبية، مثل الودائع والمدخرات، وبين التزاماتها الخارجية.
وكلما زاد هذا الفائض، دلّ ذلك على قدرة أكبر للبنوك على مواجهة الأزمات والوفاء بالتزاماتها، أما تراجع هذا الفائض، فهو مؤشر سلبي يُضعف قدرة النظام المصرفي على تلبية الطلبات بالدولار ويزيد من احتمالات التوتر في سوق الصرف.
تحذيرات مستقبلية
يحذّر خبراء الاقتصاد من استمرار الضغوط على الجنيه واحتياطات النقد الأجنبي إذا استمر النزيف الحالي في صافي الأصول، خصوصًا في ظل التزامات سداد ديون خارجية مستحقة خلال النصف الثاني من 2025، مع بطء وتيرة تحسن الاستثمار الأجنبي المباشر وتراجع عائدات السياحة والصادرات غير البترولية.