نقلًا عن ميدل إيست مونيتور، دعا فلسطينيون إلى تكثيف الحضور في باحات المسجد الأقصى، في وقت صعّدت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي وجودها العسكري في الموقع الإسلامي المقدس، دون أن يدرك كثيرون الأهمية التاريخية للمساجد الصغيرة داخل هذا المجمع.
يقع مسجد باب الرحمة، على الجدار الشرقي للأقصى، وكان في الأصل بوابة تؤدي إلى خارج المجمع حيث ازدهرت التجارة. وأُغلق الباب في عام 1187م في عهد القائد صلاح الدين الأيوبي، ثم حُوِّل إلى مسجد لتعزيز الأمن وتنظيم حركة التجارة من المدخل الرئيسي، بعد تحرير القدس من الصليبيين.
أغلقت سلطات الاحتلال المسجد عام 2003، متذرعة باستخدامه في أنشطة سياسية من الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي، وهي تهمة نفاها الوقف الأردني، الجهة المخولة دوليًا بإدارة الأقصى ومرافقه.
وفي عام 2019، أعاد شبان فلسطينيون فتح المسجد بعد كسر السلاسل التي أغلقت بابه. ومنذ ذلك الحين، بات الموقع ساحة صراع يومي، مع استمرار الاقتحامات والانتهاكات للقانون الدولي في تلك البقعة من المجمع.
وقال الإمام الفلسطيني "م.س" إن الاحتلال أغلق المسجد بحجة وجود أنشطة غير قانونية فيه، ومنع الدخول إليه بالسلاسل حتى فبراير 2019، حينما قام شبان بإزالتها وفتحوه للصلاة، بعد أن كان يُستخدم سابقًا كمكاتب ومكان لتحفيظ القرآن وتوزيع الطعام.
يقتحم جنود الاحتلال المسجد يوميًا بالأحذية لالتقاط الصور، رغم أن القانون الدولي يمنح الوقف الأردني السلطة الحصرية على إدارة الأقصى، وهو ما تتجاهله سلطات الاحتلال باستمرار دون محاسبة دولية.
وبعد إعادة افتتاح المسجد، اعتقلت سلطات الاحتلال رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب ونائبه، لمشاركتهم في الصلاة هناك، ما دفع الوقف إلى التوقف عن تمويل الترميم خشية التصعيد الإسرائيلي.
قال م.س: "لا توجد ميزانية هنا، كل شيء يتم تطوعًا"، مضيفًا أن السكان المحليين يجمعون التبرعات لصيانة المسجد، رغم أن الاحتلال يعوق أي إصلاحات أو تحسينات.
وأضاف: "إذا أصلحنا الكهرباء أو مكبرات الصوت، يقومون بتدميرها. لا يسمحون بأي شيء دون إذنهم، ولا يمنحون الإذن حتى لتنظيف السجاد أو الساحات، ومن يُضبط يُطرد من المسجد."
يضم الأقصى عدة مساجد تُقام فيها الصلوات الجماعية يوميًا. وفي وقت سابق من هذا العام، اقتحمت قوات الاحتلال المصلى القبلي وقطعت نظام الصوت، ما منع وصول صوت الصلاة إلى أنحاء المجمع.
وذكر الدكتور عزيز، الذي زار الأقصى عام 2021، أن الاحتلال كان يقتحم باب الرحمة ليلاً لالتقاط صور لوحات الكهرباء، كما كان يقطع الأسلاك الكهربائية وأسلاك مكبرات الصوت، حتى أنه أزال الحاجز الذي يفصل بين الرجال والنساء.
لا يزال المسجد ساحة نزاع على النفوذ، ويخشى الفلسطينيون من تحويله إلى كنيس إرضاءً للتيارات اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية، إذا لم يُحافظ على التواجد الإسلامي فيه.
تنشط جماعات "جبل الهيكل" علنًا في الدعوة للسيطرة على المجمع، باعتبار الصلاة فيه خطوة أولى نحو بناء "الهيكل الثالث" على أنقاض الأقصى. وقد شوهد أعضاء في الكنيست ومستوطنون متطرفون وهم يصلّون في باحات المسجد، مع تزايد الدعوات لتكثيف الوجود اليهودي هناك.
قال الإمام م.س: "إذا امتلأ المكان بالمسلمين، فلن يكون من السهل السيطرة عليه، وإذا خلا فسيكون من السهل السيطرة."
وأضاف: "يركزون على هذا الجزء لأنه يُعرف بـ"الباب الذهبي" ويعتقدون أن المخلص سيَدخُل منه."
تشير منظمة "عير عميم" الإسرائيلية إلى تعاون بين شرطة الاحتلال ونشطاء "الهيكل"، ما يعزز المخاوف الفلسطينية من نية الاحتلال إقامة كنيس في باب الرحمة. وقد دفع هذا الوضع بعض الفلسطينيين إلى تعزيز الوجود الإسلامي فيه.
منذ بداية المجازر في غزة، شددت قوات الاحتلال القيود على وصول المصلين إلى باب الرحمة، مستخدمة قوانين الطوارئ للاعتقال والمضايقة.
يظل الموقع في قلب معركة السيادة بين الفلسطينيين الذين يدافعون عن حقوقهم المشروعة، وقوى الاحتلال والمتطرفين الذين يسعون إلى تقويضها.
https://www.middleeastmonitor.com/20250502-al-aqsa-mosque-a-daily-battleground-for-influence/