يعيش المعتقلون في سجون السيسي أوضاعًا مأساوية متصاعدة، تتسم بالتشديد القاسي والمعاملة اللاإنسانية وسط غياب أي رقابة أو محاسبة.
وأكدت منظمات حقوقية الزنازين تشهد حالة من الغليان؛ حيث تزايدت الانتهاكات بشكل غير مسبوق، ونتج عن جريمة الإخفاء القسري وما يتبعها من انتهاكات للقانون من جرائم تعذيب بدني وصعق بالكهرباء وتعليق بالأسقف ونزع الأظافر والتكبيل بالسلاسل الحديدية لانتزاع الاعترافات - إصابة العديد من المعتقلين بالعجز والأمراض البدنية والنفسية.
وتجدر الإشارة إلى حالة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بمحافظة الشرقية ومرشح مجلس الشورى سابقًا الشيخ عزت غريب، الذي تعرض للاعتقال أكثر من مرة وللإخفاء القسري بالتبعية، ليفقد عقله نتيجة التعذيب، ثم يفقد حياته لاحقًا، نتيجة ما أصابه من أمراض نفسية وبدنية، وفق شهادات مقربين من عائلته.
وتحذر منظمات حقوقية من نتائج جريمة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، على نتائج التحقيقات في القضايا، كما أنها تدين قيام الأمن الوطني المصري باقتحام منازل المواطنين، وترويع المدنيين، واعتقال النساء والأطفال، وإخفائهم قسريا، وما ينتج عن ذلك من أضرار نفسية واجتماعية جسيمة تحتاج إلى سنوات من العلاج والتأهيل.
الإخفاء القسري
وفق رصد مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، فهناك 17 ألفًا و103 معتقلين تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري منذ العام 2013، كما وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات أكثر من 4760 حالة اختفاء قسري بين 2011 و2014.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، على الرئيس الراحل محمد مرسي، منتصف العام 2013، أطلق النظام المصري يد السلطات الأمنية والقضائية، في اعتقال آلاف المصريين وإخفائهم قسريًا في مقرات تابعة للأمن الوطني، يصفها المعتقلون والحقوقيون بـ"سلخانات التعذيب".
وفي العام 2015، أصدر السيسي "قانون مكافحة الإرهاب" (94 لسنة 2015)، والذي أعطى النيابة العامة الحق في حبس المتهم دون تهمة، مع الحق في عزله عن العالم الخارجي ومنع التواصل مع أسرته ومحاميه، ما تبعه توسع كبير في عمليات الإخفاء القسري، وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
ورغم أن "الشبكة المصرية لمعلومات حقوق الإنسان"، كانت قد حصلت على حكم من المحكمة الإدارية العليا في إبريل 2017، بإلزام وزارة الداخلية بالإفصاح عن مصير المختفين قسريًا، إلا أن السلطات تتجاهل الحكم، ولا تعترف من الأساس بوجود مختفين قسريًا لديها.
وفي مارس الماضي، قالت لجنة العدالة (كوميتي فور جستس)، إن مصر تواجه "تحديات داخلية كبيرة في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، نتيجة ضعف الأنظمة القانونية والمؤسساتية"، مؤكدة أن "الإفلات الممنهج من العقاب أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق العدالة في حالات الإخفاء القسري".
"تطور خطير"
وتشير، الوقائع إلى استمرار الجهات الأمنية المصرية بحملات الاعتقال التعسفي، ومطاردة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومعاودة اعتقال من جرى الإفراج عنهم خاصة من جماعة الإخوان المسلمين، وتعريضهم مجددًا لجرائم الإخفاء القسري.
وكان الحقوقي أحمد العطار، قد تحدث عن تطور مهم في ملف الإخفاء القسري، مؤكدًا أنه "خلال الشهور الأخيرة بدأ الأمن في اعتقال أكثر من فرد من الأسرة الواحدة، وأغلب المعتقلين من النساء.
وأشار إلى اعتقال الناشطة غادة عبد السلام وشقيقتها الكبرى آمال، و4 من أسرتها بالإسكندرية، و4 أشقاء من محافظة الجيزة بينهم مريض بالصرع وشقيقتاه، واعتقال 3 شقيقات من مدينة بنها بمحافظة القليوبية.
وقال "تحالف المادة 55» الذي يضم عددًا من المنظمات الحقوقية المستقلة، إن الشهادات التي وردت إليه تؤكد أن غرف الاحتجاز التي لا تتعدى مساحتها 16 مترًا مربعًا تكتظ بما لا يقل عن 150 شخصًا، ومع هذا التكدس، وبجانب افتقار المكان للتهوية الطبيعية وأشعة الشمس، تفشت الأمراض، ما أدى إلى إصابة العديد من المحتجزين بالتهابات رئوية خطيرة، ومع هذا تمتنع إدارة المقر عن تقديم الرعاية الطبية أو تخفيف وطأة التكدس على صحة وسلامة المحتجزين.
وتؤكد المنظمات الحقوقية أن ما يجري في المعتقلات لم يعد مجرد تجاوزات.. بل سياسة ممنهجة من الإذلال والتعذيب والإخفاء داخل الأسوار، حيث تُنزع الكرامة من الإنسان باسم الأمن، وتُواجه آلام المعتقلين بمزيد من التنكيل تحت ستار الانضباط!