نشر مركز ستيمسون تحليلاً يسلط الضوء على التحديات الجيوسياسية المعقدة التي تواجهها مصر في ظل استمرار الحرب في غزة وتصاعد التحولات في النظام الدولي منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. تبنّى ترامب في يناير 2025 نهجاً غير تقليدي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ودعا إلى إخلاء سكان غزة وتحويلها إلى منتجع فاخر. ولاقى هذا الطرح دعماً من قادة إسرائيليين، بينما تواصل إسرائيل حربها ضد حركة حماس التي أسفرت عن أكثر من 51 ألف شهيد منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.

في المقابل، تحرص مصر على الحفاظ على علاقتها الوثيقة بالولايات المتحدة، والتي تشمل مساعدات عسكرية واقتصادية كبيرة، وفي الوقت نفسه ترفض بقوة خطط التهجير التي تتعارض مع موقفها الثابت الداعم للحقوق الفلسطينية. وتأتي هذه المعادلة الحساسة في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية الإسرائيلية توتراً متزايداً على الحدود، ما يهدد استقرار اتفاق السلام بين البلدين الموقع قبل 46 عاماً.

قدّمت مصر خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة يوم 4 مارس 2025 خطة بديلة لإعادة إعمار غزة، تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، وتسمح للفلسطينيين بالبقاء في ديارهم. هدفت الخطة إلى التصدي لمقترح ترامب والحفاظ على إمكانية الحل القائم على دولتين، وهو التوافق الدولي بشأن تسوية النزاع. لكن إدارة ترامب رفضت الخطة فوراً، بحجة أن غزة أصبحت غير صالحة للسكن.

في محاولة لرأب الصدع، التقى وزير خارجية الانقلاب بدر عبدالعاطي بمسؤولين أمريكيين في أبوظبي، وأكد رفض مصر لتهجير الفلسطينيين. ومع تطور الأحداث، أغضب مصر استيلاء إسرائيل على ممر صلاح الدين الحدودي مع غزة، ما دفع القاهرة إلى تحذيرها من أي وجود عسكري عند معبر رفح أو داخل الممر.

عزّزت مصر وجودها العسكري في سيناء، ونشرت دبابات باتون وأبرامز في وسطها، وهو ما اعتبرته إسرائيل انتهاكاً لمعاهدة السلام وطلبت من واشنطن التدخل لإزالتها. في المقابل، شددت مصر على حقها في الدفاع عن أراضيها.

وفي فبراير 2025، هدّدت مصر بتعليق معاهدة السلام إذا نفذت إسرائيل والولايات المتحدة خطة التهجير. وتأتي هذه الخطوة بعد تسريب وثيقة استخباراتية إسرائيلية تقترح نقل سكان غزة إلى سيناء، وبناء مدن دائمة ومناطق عازلة لمنع عودتهم.

تتمسك مصر بموقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتعتبر ذلك جزءاً من دعمها الثابت لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

في اجتماع عقد في 7 غبريل في القاهرة، دعا السيسي مع الرئيس الفرنسي ماكرون والملك الأردني عبد الله إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن. وأعادوا تأكيد هذا الموقف خلال اتصال مشترك مع ترامب، بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن.

ترتكز السياسة المصرية على مبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي تنص على اعتراف عربي بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة وإنشاء دولة فلسطينية. وتخشى القاهرة من أن يؤدي استقبال الفلسطينيين، ولو مؤقتاً، إلى تهديد أمني داخلي بسبب تسلل متشددين، إضافة إلى الغضب الشعبي الكبير الرافض لأي توطين في سيناء.

لطالما أدت مصر دور الوسيط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية منذ سيطرة حماس على غزة في 2007. وأسهمت حكومة الانقلاب في يناير 2025، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، في التوصل إلى هدنة مؤقتة لم تصمد طويلاً، ما دفعها إلى استئناف جهود الوساطة مجدداً.

تسعى مصر إلى تجنب التصعيد مع تل أبيب، مع الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية بواشنطن. موقفها الدقيق يتطلب توازناً دقيقاً بين المصالح الوطنية والديناميكيات الإقليمية والدولية. ويبقى السؤال: هل ستنجح حكومة الانقلاب في منع التصعيد، وحماية أمنها، ورفض خطط قد تعيد رسم خريطة المنطقة على حسابها؟

https://www.stimson.org/2025/egypts-delicate-balance-maintaining-us-support-while-confronting-gaza-challenges/