قال الأكاديمي المصري والخبير الاقتصادي د.مخلص الناظر، إنه بينما تتصاعد الحرب التجارية، تتشابك المصالح الاقتصادية والعسكرية، مما يجعل من الضروري فهم نقاط القوة والضعف لدى كل طرف، استعدادًا لأي تصعيد محتمل.
وأشار إلى أن علاقاتنا بهذه التقلبات الاقتصادية العالمية من المؤكد أنها ستؤثر علينا محليًا وأن مع مرور الربع الأول من 2025 والذي شهد تدفقات قوية للذهب مدفوعة بالتوترات التجارية، وخاصة التعريفات الأمريكية، إلى جانب مشتريات كبيرة من الصناديق المتداولة في الغرب. يبدو أن الربع الثاني من العام سيكتسب طابعًا مختلفًا، حيث تبرز الصين كمحرك رئيسي للطلب.
وأكد أن هذا التطور يثير تساؤلات حول دوافعه الأساسية: هل يعكس هذا الطلب مخاوف متزايدة من عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي؟ أم أنه انعكاس لتغيرات في تفضيلات المستثمرين الصينيين نحو الأصول الملموسة؟ أم ربما يعكس سياسات نقدية محلية تشجع على التحوط ضد التضخم أو تقلبات العملات؟
وفي ورقات سريعة استعرض "الناظر" عبر @Dr_MokhlesNazer أبرز ملامح ما اعتبره "صراع العمالقة: الولايات المتحدة والصين على رقعة الشطرنج العالمية" مبينًا إلى أنه صراع إستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، يمتد من ميادين التجارة إلى أعماق البحار.
هيمنة الصين في بناء السفن
وأشار إلى أن الصين تستحوذ على 53% من صناعة بناء السفن عالميًا، بينما تقتصر حصة الولايات المتحدة على 0.1% فقط. الأمر لا يقتصر على الكم، بل يمتد إلى الكيف، حيث تُبنى السفن الصينية وفقًا لمعايير عسكرية، مما يجعلها قابلة للتسليح عند الحاجة.
معضلة الطاقة الصينية
وكشف أنه رغم تفوق الصين الصناعي، تواجه تحديًا في تأمين احتياجاتها من النفط، حيث تستورد 72% من استهلاكها، ويمر 80% من هذه الواردات عبر مضيق ملقا، مما يجعلها عرضة لأي اضطرابات في هذا الممر الحيوي.
التوترات في بحر الصين الجنوبي
وأشار إلى تزايد التوترات في بحر الصين الجنوبي، خاصة مع نشر الولايات المتحدة لقاذفات B2 بالقرب من المنطقة، في خطوة تُفسر على أنها استعداد لمواجهة أي تحركات تهدد حرية الملاحة في المضيق.
تايوان في قلب الصراع
ومن بحر الصين الجنوبي إلى تايوان القريبة، مشيرًا إلى أنها تحتضن شركات تكنولوجية عملاقة مثل TSMC، أصبحت نقطة محورية في هذا الصراع، خاصة مع التعاون الأخير بين TSMC وإنتل، مما يزيد من أهمية الجزيرة في المعادلة الجيوسياسية.
الذهب محرك دفع صاروخي
وفي استكمال الاستعراض قال في صفحة جديدة أن ما يحدث في الصين مع الذهب خلال إبريل أشبه بـ”ضغطة زر على محرّك الدفع الصاروخي” موضحًا أنه في إبريل 2025، تشهد الصين تسارعًا غير مسبوق في الطلب على الذهب عبر أسواقها المالية، مما يشير إلى تحول محتمل في ديناميكيات سوق الذهب العالمي.
خلال الأيام الإحدى عشر الأولى من إبريل، سجلت الصناديق المتداولة الصينية المرتبطة بالذهب تدفقات استثمارية تفوق إجمالي الربع الأول من العام.
وبلغت حيازات هذه الصناديق زيادة بنسبة 46% منذ بداية 2025، مما يضع الصين في المرتبة الثانية عالميًا من حيث التدفقات إلى الصناديق المدعومة فعليًا بالذهب، بعد الولايات المتحدة التي تهيمن تقليديًا على هذا القطاع.
وأضاف أنه لم يقتصر النشاط على الصناديق المتداولة. فقد ارتفع حجم تداول الذهب عيار 9999 في بورصة شنغهاي للذهب بشكل حاد، مع تسجيل علاوة سعرية مستقرة عند حوالي 1%. هذه العلاوة، التي تعكس طلبًا قويًا على الذهب المادي، تبدو ملحوظة بشكل خاص في ضوء التقارير التي أشارت إلى ضعف نسبي في سوق الاستثمار الصيني خلال الفترة الأخيرة. هذا التناقض يثير تساؤلات حول العوامل الدافعة وراء هذا الانتعاش، سواء كانت اقتصادية أم سلوكية.واشار إلى أنه في سوق العقود الآجلة، يعكس النشاط في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة اتجاهًا مماثلاً. حيث تجاوز حجم التداول مستويات الذروة المسجلة خلال موجة الطلب على الذهب في الصين مطلع العام الماضي.
واستدرك أنه مع ذلك، لم يطرأ تغيير يذكر على مستويات الفائدة المفتوحة، مما يوحي بأن هذا النشاط يهيمن عليه التداول اليومي المضاربي بدلاً من استراتيجيات الشراء والاحتفاظ طويلة الأجل.
واعتبر أن هذا التمييز يسلط الضوء على طبيعة السوق الصيني، حيث يتفاعل المستثمرون بسرعة مع الإشارات الاقتصادية، لكنهم قد يظلون حذرين من الالتزامات طويلة الأمد في ظل التقلبات العالمية.
https://x.com/Dr_MokhlesNazer/status/1912202898299035654
إغراق الأزياء الصينية المقلدة
وعلى هامش الحرب التجارية وورقات د. مخلص الناظر، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لأناس ادعوا بأنهم مصنعون صينيون لمنتجات العلامات التجارية الفاخرة مثل "بيركين"، و"لوي فيتون"، وغيرها والتي تباع بأقل من عُشر السعر.
وقال أحد الموردين في مقطع فيديو أنه يصنّع حقائب لصالح العلامة التجارية "بيركين" والتي تُباع أحد موديلاتها بسعر 34,000 دولار أميركي، أنه يمكن شراؤها من المصنع مباشرةً في الصين بسعر 1400 دولار. كما يعرض بعض الموردين الصينيين تغطية رسوم الاستيراد وتوفير شحن مجاني للمستهلكين، وفق ما ذكره موقع "Money Control" .
ونتيجةً لتداعيات الحرب التجارية الأميركية مع الصين - والتي حثّ خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشركات على التصنيع في البلاد - لجأ الموردون الصينيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن كيفية تصنيعهم لمنتجات علامات تجارية فاخرة رائدة مثل بيركين ولويس فيتون وشانيل وإستي لودر وبوبي براون، وعرضوا البيع مباشرة للمستهلكين بعُشر السعر المعلن، وأحياناً أقل.
وغمرت مقاطع فيديو موقع X العديد من الموردين الصينيين الذين يشرحون بالتفصيل المواد عالية الجودة والعمالة الماهرة التي يستخدمونها لإنتاج المنتجات الفاخرة، ويشرحون توزيع التكاليف قبل عرض بيع المنتجات بدون شعارات العلامات التجارية.
وأججت مقاطع الفيديو النقاشات الحادة على وسائل التواصل الاجتماعي حول عدم قدرة الولايات المتحدة على كسب الحرب التجارية ضد الصين.
تبلغ التعريفة الجمركية الأميركية على السلع الصينية حالياً 145%، مع عدم رغبة بكين في التراجع عن زيادة رسومها الانتقامية إلى 125%. بدلاً من محاولة التصالح مع ترامب، انتهجت الصين استراتيجية بديلة، تُعطي الأولوية للإصلاحات الداخلية وتوسّع شراكاتها الاقتصادية عالمياً.
وتتماشى هذه الخطوة مع تعهد بكين "بالنضال حتى النهاية" بعد أن استهدفتها رسوم ترامب الجمركية. كما انتقد الرئيس الصيني شي جين بينغ "التنمر الأحادي" من جانب الولايات المتحدة - وهو شعورٌ ردده وزراؤه - وأعلن أنهم لا يميلون إلى الرضوخ لمطالب المتنمر.