جدّدت شركة "مها كابيتال" – الذراع الاستثمارية لجهاز قطر للاستثمار (الصندوق السيادي القطري) – رغبتها في شراء حصة مؤثرة في شركتي دمياط وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، وهما من الكيانات الرئيسية في منظومة الموانئ المصرية، في خطوة جديدة ضمن سلسلة التحركات الخليجية للاستحواذ على أصول استراتيجية مصرية.

الخطاب القطري الرسمي وصل إلى الوزارة قبل أيام قليلة من زيارة عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة يومي 13 و14 أبريل الجاري، وهي الزيارة التي أسفرت عن اتفاق البلدين على إطلاق حزمة استثمارات قطرية مباشرة في مصر بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، وفق بيان مشترك صدر عقب اللقاء.

ورغم أن الشركتين ظلّتا ضمن قائمة "المحظورات" الحكومية طوال السنوات الماضية لاعتبارهما من الأذرع الاستثمارية الحيوية للدولة في إدارة وتشغيل الموانئ، إلا أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر واحتياجاتها المتزايدة للنقد الأجنبي، قد تدفع الحكومة لإعادة النظر في هذا التحفّظ.
 

قطر تعود للواجهة
   لم تكن هذه المحاولة القطرية الأولى، فبحسب المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، كانت شركة "مها كابيتال" قد تقدمت في عام 2023 بعرض مبدئي للاستحواذ على "حصة حاكمة" في الشركتين، إلا أن وزارة النقل تحفظت آنذاك وأرجأت البتّ في الأمر في ظل ضبابية الموقف من برنامج الطروحات الحكومية بشكل عام، إضافة إلى "صعوبة التخلي عن نسب كبيرة في الشركتين بسبب طبيعة دورهما السيادي".

وفي نهاية جولات التفاوض السابقة، اقترحت الوزارة على الشركة القطرية إمكانية شراء حصة تتراوح بين 20% و30% من كل شركة، شرط موافقة الحكومة، وهو ما دفع "مها" حينها إلى إرجاء خطوتها لحين إجراء مزيد من الدراسات، دون أن يُفتح الموضوع مجددًا حتى الآن.

لكن، ومع التجديد الرسمي للرغبة القطرية هذا الشهر، تعود التساؤلات مجددًا حول مدى استعداد حكومة السيسي للتخلي عن أصول تُعد من أبرز رموز سيطرتها على واحد من أهم قطاعاتها الاستراتيجية: الموانئ.
 

من يملك ماذا؟
   شركة دمياط لتداول الحاويات، تملك الشركة القابضة للنقل البحري والبري التابعة لوزارة النقل 42% من الأسهم، تليها هيئة ميناء دمياط بـ25%، وشركة القناة للتوكيلات الملاحية بـ20%، و3% لشركة بورسعيد، بينما يمتلك الأفراد والقطاع الخاص نحو 10%.

أما بورسعيد لتداول الحاويات، فتتوزع ملكيتها بين القابضة للنقل البحري والبري (40%)، والهيئة الاقتصادية لقناة السويس (38%)، وشركة القناة للتوكيلات الملاحية (20.26%)، مع حصة بسيطة موزعة بين أفراد.
 

غموض بشأن خطة قطر
   المصدر بوزارة النقل أشار إلى أن "الخطاب القطري الجديد لم يتضمن تفاصيل واضحة بشأن خطة الشركة بعد الاستحواذ، أو نوعية الخدمات التي سيتم تطويرها، أو الاستثمارات التي تعتزم ضخها في الشركتين"، وهو ما يزيد من غموض المشهد.

وتبقى الكرة الآن في ملعب الحكومة عبدالفتاح السيسي التي تمسك بزمام القرار حول نسب البيع وحدود التخارج من هذه الشركات، ضمن خطة أوسع لإعادة هيكلة أصول الدولة وطرحها للمستثمرين المحليين والأجانب.
 

مفارقات وتحولات
   المفارقة اللافتة أن الحديث عن بيع أصول استراتيجية لقطر – التي كان النظام المصري يتهمها قبل سنوات بدعم الإرهاب والتآمر على الدولة – يتزامن مع تساؤلات حول جدوى استمرار برنامج الطروحات في ظل عدم وجود رؤية متكاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد، وسط مخاوف من أن يتحول الأمر إلى "تفريط غير محسوب" في ما تبقى من أدوات الدولة السيادية.

ويُذكر أن عبدالفتاح السيسي كان قد اتهم في 2013 الرئيس محمد مرسي، بالتخابر مع قطر، ما أدى إلى قطيعة سياسية بين البلدين استمرت سنوات، قبل أن تعود المياه لمجاريها في إطار شراء الأصول المصرية.