رفعت الشركة المصرية القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا)، وهي الجهة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن توفير غالبية اللقاحات في مصر، أسعار منتجاتها بنسبة وصلت إلى 40% منذ مطلع العام الجاري، في ظل أزمة حادة في توفر بعض التطعيمات الأساسية، وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من تفشيات وبائية جديدة،

ورغم تلك الزيادة الكبيرة، فإن عدداً من اللقاحات الحيوية غير متوفر حاليًا في السوق، وفي مقدمتها لقاح الأجسام المضادة لفيروس التهاب الكبد "ب"، ولقاح الجديري المائي.
 

لقاحات خارج التغطية.. ونقص عالمي يفاقم الأزمة
   أحد أبرز أسباب اختفاء تلك اللقاحات هو نقص السيولة المالية لدى فاكسيرا، ما يحدّ من قدرتها على الاستيراد أو الإنتاج المحلي الكافي، رغم اعتماد المواطنين عليها باعتبارها المصدر الأكثر موثوقية لتوفير التطعيمات.

وفيما يتعلق بلقاح الجديري المائي، فإن الأزمة تمتد إلى ما هو أبعد من السوق المحلي، إذ يعاني هذا اللقاح من نقص عالمي في المعروض، ولم تُدخل فاكسيرا سوى 6 آلاف جرعة فقط منذ بداية 2025، في بلد يتجاوز تعداد سكانه 105 ملايين نسمة.

وفي ظل غياب توفير هذه اللقاحات ضمن البرنامج القومي المجاني للأطفال الذي تشرف عليه وزارة الصحة، يجد الأهالي أنفسهم مضطرين للجوء إلى القطاع الخاص وتحمل تكلفة باهظة، إذ تتراوح أسعار الجرعة الواحدة من اللقاحات بين 300 جنيه وحتى أكثر من 4000 جنيه.
 

زيادات صادمة.. ولقاحات بأسعار خيالية
   الارتفاعات في أسعار اللقاحات لم تكن مفاجئة تمامًا، لكنها جاءت بوتيرة صادمة خلال الشهور الأخيرة. ففي ديسمبر الماضي، ارتفعت أسعار 3 تطعيمات أساسية بنسب ضخمة، وصلت إلى أكثر من 240% في بعض الأنواع.

من بين هذه التطعيمات، ارتفع سعر لقاح التهاب الكبد "أ" للأطفال من 404 جنيهات إلى 578 جنيهًا، بزيادة تجاوزت 43%.
أما لقاح الحمى الشوكية الرباعي "Nimenrix" فقفز من 368 جنيهًا إلى 1275 جنيهًا، بنسبة زيادة بلغت 246%.
كما شهد لقاح الأجسام المضادة لفيروس التهاب الكبد "ب" قفزة كبيرة في سعره، من 740 جنيهًا إلى 1950 جنيهًا، بزيادة تقارب 164%.
 

غياب رقابة واستراتيجية صحية
   تُثير تلك الأرقام تساؤلات عن غياب رقابة حكومية فعالة على تسعير المنتجات الصحية الأساسية، خصوصًا أن اللقاحات لا تُعد سلعة رفاهية، بل جزءًا من منظومة الأمن الصحي لأي دولة.

في الوقت نفسه، لم تُصدر وزارة الصحة أي بيانات رسمية تشرح فيه أسباب هذا الغلاء أو الخطط المقترحة لتعويض النقص، سواء عبر توفير بدائل محلية أو استيراد كميات طارئة، ما يترك المواطنين فريسة لتقلبات السوق وارتفاع الدولار.
 

مخاوف من موجات وبائية وشيكة
   في ظل هذه التطورات، يحذر متخصصون من أن النقص في بعض التطعيمات الأساسية، خاصة للأطفال، قد يؤدي إلى موجات تفشٍ لأمراض كانت شبه منتهية في مصر، مثل الحصبة والجديري المائي والتهاب الكبد بأنواعه.

كما عبّر أطباء عن قلقهم من أن ارتفاع أسعار التطعيمات سيؤدي إلى عزوف قطاعات واسعة من المواطنين عن تلقيها، ما يُحدث ثغرات في "مناعة القطيع"، ويزيد من فرص انتشار الأمراض المعدية.