كشف رئيس وزراء السيسي الدكتور مصطفى مدبولي، بأن السوق المصرية شهدت عمليات خروج للأجانب من أدوات الدين يومي الأحد والإثنين الماضيين، مثلما حدث فى كثير من دول العالم،  وأنه حرب اقتصادية تجارية شاملة بكل المقاييس، مشيرًا إلى وجود تحذيرات من المؤسسات الدولية والخبراء بإمكانية وقوع أزمة ركود اقتصادية مصحوبة بارتفاع فى معدلات التضخم.

وقال مدبولي في تصريح صحفي إن الأموال الساخنة التي خرجت من مصر خلال الفترة الأخيرة تقدر بنحو 8% من إجمالي الأموال التي دخلت بعد تحرير سعر الصرف في مارس الماضي.

بلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية أكثر من 34 مليار دولار بنهاية إبريل الماضي. 

وبالتزامن مع الخروج الجزئي للأجانب، واصلت وزارة المالية في مصر قبول أسعار فائدة على أدوات الدين الحكومية للمرة السادسة على التوالي منذ تعيين أحمد كجوك وزيرًا للمالية.

وفي عطاء الأحد، ارتفع العائد على أذون الخزانة المصرية بالعملة المحلية لأجل 3 أشهر "91 يومًا" بنحو 0.5 نقطة مئوية مقارنة بالعطاء السابق، لتبلغ 27.65%، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

كما ألغت وزارة المالية الإثنين الماضي، عطاء سندات بآجال 2 و3 سنوات، بعد أن وجدت مطالبات فائدة مرتفعة من قبل البنوك.

 

تفريط جديد في الأصول

 وأشار مدبولي إلى أنه لتعويض تلك الخسائر  فإن الحكومة تقوم حاليًا "بتحديث برنامج الطروحات الحكومية، في ضوء المتغيرات العالمية، من خلال "طرح شركات وتأخير أخرى، أو إضافة شركات جديدة".

جمعت مصر ما يصل إلى 3.1 مليار دولار من الطروحات الحكومية منذ مارس 2023 وحتى الآن، وسبقها 2.5 مليار دولار عبر التخارج من أصول حكومية في 2022.

توقع وزير المالية المصري أحمد كجوك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن تجمع بلاده ما بين ملياري دولار إلى 2.5 مليار دولار من استئناف برنامج طروحات الشركات الحكومية خلال السنة المالية الحالية 2024-2025.

تستهدف الحكومة عبر برنامج الطروحات التخارج من 7 قطاعات، بما في ذلك الصناعات الدوائية والكيماوية والتشييد والبناء، وخفض استثماراتها في 7 قطاعات منها محطات الكهرباء، وإتاحة الفرص للقطاع الخاص للاستثمار في 4 قطاعات.

 

ما هي الأموال الساخنة؟

قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في القاهرة، شريف عباس، إن "الأموال الساخنة هي جميع التدفقات المالية التي تدخل الدول أو تخرج منها بهدف الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادي خاص فيها، مثل ارتفاع معدلات الفائدة أو تدني سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، وغالبا ما تكون هذه الأموال موجهة نحو الاستثمارات قصيرة الأجل".

وأضاف "وتضمن الأموال الساخنة حصول المستثمرين على معدلات فائدة مرتفعة، وتتحرك هذه الأموال من الدول التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة إلى الدول ذات معدلات الفائدة المرتفعة".

 

كيف تتواجد في مصر؟

ويرى الخبير الاقتصادي، محمد وائل محفوظ، أنه في حالة مصر، تأتي الأموال الساخنة في شكل استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي".

وأشار  إلى أنها "تعتبر أبرز صور الاستثمارات غير المباشرة، إذ تأتي لتشتري أذونات وسندات تخص الديون الحكومية، سعيًا وراء سعر فائدة أعلى في سوق ما، دون غيره من الأسواق، لتستفيد من فرق السعر، وهو ما شهدناه خلال الأزمة الأخيرة حين شهدت الأسواق العالمية هزة وارتباكًا، فهربت الأموال الساخنة من السوق المصري سريعًا خوفًا من تكبد خسارة أكبر وتوجهت إلى أسواق أخرى".

وبخلاف أذون الخزانة، أشار أستاذ الاقتصاد إلى أنه يمكن رؤية الأموال الساخنة في بيئات مالية مختلفة، حيث "توجد كذلك في سوق الأسهم والسندات التي لا تشترط مددًا زمنية لعمليات البيع والشراء، وقد تتسع الدائرة لتشمل وجود الأموال الساخنة في مجال المضاربات التي تتسم بالسرعة مثل الذهب أو النقد الأجنبي، أو بورصات السلع".

وجاءت القفزة القياسية في استثمارات الأجانب، بعد أن سمح المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة في السادس من مارس الماضي، ورفع أسعار الفائدة في البلاد بـ6 نقاط مئوية دفعة واحدة، لتصل إلى 27.25 بالمئة على الإيداع و28.25 بالمئة على الإقراض، وهو ما يعتبره خبراء بمثابة خطوات "أعادت الأجانب إلى الاستثمار في أدوات الدين الحكومي للاستفادة من العوائد المرتفعة".

وذكرت وكالة "بلومبرج" أن مصر تعد ثالث أعلى عائد من أذون الخزانة والسندات بالعملة المحلية من بين 23 دولة نامية يتم متابعتها من قبل الوكالة.