في الساعة 2:20 صباحًا يوم الثلاثاء بالتوقيت المحلي في قطاع غزة، دشنت واشنطن عهدًا جديدًا في السياسة العالمية، إذ شنت إسرائيل هجمات متزامنة على عشرات الأهداف في غزة أثناء تناول العائلات وجبة السحور خلال شهر رمضان، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين.

أسفرت الهجمات عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني، بينهم 170 طفلًا، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة. وجاءت هذه الضربات بعد أن حصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الضوء الأخضر من واشنطن. وبذلك، خرقت إسرائيل جميع بنود اتفاقية وقف إطلاق النار التي وقّعتها بحضور ضامنين دوليين.

 

انهيار الثقة في المعاهدات الدولية

يُظهر هذا الهجوم أن أي معاهدة أو اتفاقية توقعها الولايات المتحدة لم تعد ذات قيمة. فالرئيس الأمريكي، الذي أقنع بعض الأوساط بأنه رجل سلام، لم يكتفِ بمنح إسرائيل الموافقة على الضربات، بل سمح أيضًا بتوسيع نطاق الحرب ليشمل اليمن ولبنان وسوريا، مع تهديدات متزايدة لإيران.

بالنسبة لنتنياهو، كانت هذه الضربات وسيلة للبقاء سياسيًا، حيث تزامنت مع موعد مثوله أمام المحكمة في قضايا فساد، مما منحه ذريعة للتغيب عنها. كما أنها جاءت قبل تصويت هام على الميزانية، في وقت هددت فيه الأحزاب الدينية بإسقاط الحكومة إذا لم يُستثنَ أتباعها من التجنيد العسكري.

 

إسرائيل وتحويل الصراع إلى حرب دينية

لطالما سعت إسرائيل إلى تحويل النزاع السياسي إلى صراع ديني، عبر اقتحام المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، مما ساهم في اندلاع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023. ولكن باستهدافها المباشر للمصلين أثناء طقوس دينية، فإنها تلعب بالنار في منطقة ذات غالبية مسلمة، مما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المدى البعيد.

من جانبها، التزمت حماس – وفق تقييمات عسكرية – بالاتفاقيات التي وقّعتها، بينما تصرفت إسرائيل كقوة غير منضبطة تنتهك القوانين الدولية. فحتى قبل الهجوم الأخير، قتلت إسرائيل أكثر من 150 فلسطينيًا خلال الهدنة، ولم تلتزم بمراحل الاتفاق التي تفاوض عليها الوسطاء القطريون والمصريون.

 

حسابات الغرب المزدوجة

يبدو أن قادة الغرب، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، يعتبرون القضية الفلسطينية قضية تخص اليسار المتطرف، متجاهلين الانتهاكات الإسرائيلية. فعلى الرغم من تزايد الإدانات الدولية، لم تتخذ بريطانيا أو أوروبا أي خطوات عملية لوقف المجازر في غزة.

أما الولايات المتحدة، فقد أثبتت أن ادعاءاتها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية لم تكن سوى وهم، مما يقوض أي مصداقية للغرب في قيادة العالم أخلاقيًا. وفي ظل استمرار هذه السياسات، فإن غزة قد تصبح – كما كانت حرب العراق بالنسبة لتوني بلير – نقطة الانهيار السياسي لقادة الغرب الجدد.

https://www.middleeasteye.net/opinion/ramadan-massacre-obliterates-wests-claim-moral-leadership